اسكتلندا أول دولة في العالم توزع منتجات الدورة الشهرية مجاناً

16 اغسطس 2022
خلال إنتاج فوط صحية (اندرانيل موخيرجي/ فرانس برس)
+ الخط -

فرضت الأوضاع الاقتصادية العالمية العديد من التغيرات التي شملت بعض التشريعات في عدد من الدول، وخصوصاً في ما يتعلق بالاحتياجات الاجتماعية، وتحديداً حق النساء في الحصول على المنتجات الصحية خلال الدورة الشهرية. وخلال فترة تفشي فيروس كورونا الجديد وما بعدها، لم يكن سهلاً بالنسبة للكثير من النساء الحصول على المنتجات الصحية بسبب ارتفاع أسعارها وضعف القدرة الشرائية.

وحتى ما قبل كورونا، لم يكن باستطاعة العديد من النساء الحصول على منتجات الرعاية الصحية، الأمر الذي دفع حكومة اسكتلندا إلى مواجهة هذا الواقع، من خلال إصدار تشريع عام 2020 يبيح توزيع هذه المنتجات بشكل مجاني.

وبعد مرور عامين على إصدار التشريع، دخل القانون حيز التنفيذ في الخامس عشر من أغسطس/ آب الجاري، ما جعل اسكتلندا الدولة الأولى في العالم التي تقدم منتجات صحية مجانية، كجزء من جهد عالمي لتمكين النساء من الوصول إلى السدادات القطنية أو الفوط الصحية بشكل سليم وعادل.

وتعرب النائبة مونيكا لينون، التي قدمت مسودة اقتراح القانون عام 2020، عن فرحها لبدء التنفيذ. وتقول لصحيفة "نيويورك تايمز" إن هذه الخطوة جزء من تغير ثقافي تشهده البلاد، وتركيز أكبر على صحة المرأة، والعناية بالقضايا التي تخصها، وتحديداً الدورة الشهرية.

وخلال العمل على التشريع قبل سنوات، وجدت لينون أن نحو 20 في المائة من النساء خلال فترة الحيض سيتمكنّ من الاستفادة من البرنامج في حال تطبيقه. وسبق لحكومة اسكتلندا أن قدمت العديد من المبادرات لدعم حق المرأة بالوصول إلى السدادات القطنية والفوط الصحية. وفي عام 2018، أعلنت الحكومة الاسكتلندية توزيع هذه المنتجات مجاناً على الطلاب في المدارس والكليات والجامعات في جميع أنحاء البلاد، من خلال استثمار بلغت قيمته نحو 5.2 ملايين جنيه إسترليني (نحو 6.3 ملايين دولار).

وفي عام 2019، خصصت 4 ملايين جنيه إسترليني أخرى (4.85 ملايين دولار) لتوفير هذه المنتجات مجاناً في المكتبات والمراكز الترفيهية بحسب ما نقلت شبكة "سي أن أن" الأميركية.

وجاء اقتراح القانون في البلاد عقب قانون سابق وفّر للنساء حرية الوصول إلى السدادات القطنية والفوط الصحية في المدارس والكليات والجامعات والمؤسسات الحكومية، إلا أن التشريع أضاف بنداً يتعلق بضرورة تشاور كل مجلس في اسكتلندا مع المجتمعات المحلية لتحديد أفضل نقطة لوصول منتجات الدورة الشهرية إلى جميع فئات المجتمع، ما يعني إمكانية توفر هذه المنتجات مجاناً بشكل مجاني في المكتبات، وأحواض السباحة، والصالات الرياضية، والصيدليات وعيادات الأطباء. 

وكانت الظروف الاقتصادية الدافع الأول وراء هذا التشريع. وخلال عام 2017، أجرت شركة Plan international UK مسحاً أظهر أن واحدة من كل 10 فتيات تتراوح أعمارهن ما بين 14 و21 عاماً غير قادرات على تحمل تكاليف المنتجات الصحية. كما وجد أن ما يقرب من نصف الفتيات كن محرجات خلال فترة الحيض، وأن نصفهن فقدن يوماً دراسياً كاملاً بسبب الإحراج من الدورة الشهرية.

وقدمت لينون تشريعها انطلاقاً من التحديات التي تواجه النساء خلال فترة الحيض، وخصوصاً اللواتي يعشن ظروفاً مادية قاسية، أو اللواتي لا يملكن مسكناً أو راتباً، ويعشن في الشارع. ومن شأن هذه الخطوة أن تدفع العديد من الدول لإعادة صياغة تشريعات تمكن النساء من الحصول على المنتجات الصحية المجانية من بينها إيرلندا الشمالية، فيما تقدم نيوزيلندا وكوريا الجنوبية منتجات مجانية للدورة الشهرية في المدارس.

صحة
التحديثات الحية

وألغى عدد من الدول الضريبة المفروضة على المنتجات الصحية، بما في ذلك كندا وأستراليا، فيما صوتت ألمانيا من أجل خفض معدل الضريبة على هذه المنتجات بعد اعتبارها ضرورة يومية. 

وخلال فترة تفشي كوفيد-19، تعرضت الكثير من النساء لمشكلات نتيجة عدم قدرتهن على الحصول على المنتجات الصحية. وفي الولايات المتحدة، أظهرت دراسة أجرتها جامعة جورج ميسون (ولاية فرجينيا الأميركية) عام 2021 أن 14 في المائة من النساء اللواتي التحقن بالجامعة عانين من الفقر خلال عام 2020 ولم يكن باستطاعتهن شراء المنتجات الصحية. كما بينت أن النساء اللاتينيات والسود تأثرن بشكل أكبر. 

وبعد دخول القانون حيز التنفيذ في اسكتلندا، رحبت المؤسسات الخاصة برعاية النساء بهذه المبادرة. واعتبرت جورجيا نيكولسن، وهي عضوة في جمعية Hey Girls المعنية بشؤون النساء، أن تقديم اسكتلندا المنتجات الصحية النسائية بشكل مجاني يعد خطوة ضخمة في سبيل تعزيز حقوق النساء. تضيف في حديث لمراسل شبكة "بي بي سي" البريطانية أن العديد من النساء لا يملكن فعلاً ثمن الفوط الصحية، ويلجأن إلى العديد من الأساليب غير الصحية، بما في ذلك الصحف، أو الجوارب، وغيرها، الأمر الذي يعرض صحتهن للخطر.

وبحسب مسح قامت به جمعية Hey Girls، فإن واحدة من كل أربع نساء في اسكتلندا غير قادرة على تسديد ثمن الفوط الصحية، إذ تفضل النساء شراء علبة طعام أو كيس من المعكرونة لإطعام أطفالهن بدلاً من شراء السدادات القطنية.

المساهمون