احتقان في قطاع التعليم بالمغرب: إضراب وتوقيفات مؤقتة عن العمل

13 فبراير 2023
لم يتمكن المئات من الطلاب من التوصل بعلامات الفصل الأول حتى الآن (Getty)
+ الخط -

يدخل الاحتقان في قطاع التعليم بالمغرب منعطفا جديدا ينذر بالمزيد من التصعيد، بعد قرار "أساتذة التعاقد" تمديد إضرابهم عن العمل ثلاثة أيام ابتداء من اليوم الإثنين، والاستمرار في مقاطعة تسليم بيانات النقط (العلامات) إلى إدارات المؤسسات التعليمية، وذلك رداً على إجراءات التوقيف المؤقت عن العمل وتوقيف رواتبهم التي اتخذتها وزارة التعليم في حق عدد منهم.

وقال المجلس الوطني لـ"التنسيقية الوطنية للأساتذة وأطر الدعم الذين فرض عليهم التعاقد"، في بيان، إن قرار تمديد الإضراب الوطني عن العمل يأتي احتجاجا على "التوقيفات المؤقتة عن العمل"، التي صدرت في حق زملائهم الذين أصروا على الاستمرار في رفض تسليم بيانات نقط ( علامات) الطلبة وأوراق الفروض وعدم إدراج النقط في منظومة "مسار" (منظومة معلوماتية للتدبير المدرسي)"، مشيرا إلى أن ذلك "يؤكد بالملموس هشاشة التوظيف بالتعاقد"، وفق تعبير البيان.

وكشفت لـ"العربي الجديد" مصادر من "التنسيقية الوطنية للأساتذة وأطر الدعم الذين فرض عليهم التعاقد"، عن حصول نحو 100 أستاذ متعاقد، خلال الأيام الماضية، على مراسلات من الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين تفيد بتوقيفهم عن العمل وتوقيف رواتبهم بسبب رفضهم تسليم علامات الطلبة.

وبررت الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين قرارات التوقيف المؤقت مع الحرمان من كل أجرة، باستثناء التعويضات العائلية، بارتكاب الأساتذة المتعاقدين "خطأً فادحاً شكل إخلالاً واضحاً بالتزام المهنية، وذلك من خلال امتناعهم عن مسك نقط المراقبة المستمرة بمكون التدبير المدرسي مسار".

كما اتهمت المراسلات الأساتذة بـ"مصادرة النتائج الدراسية للتلميذات والتلاميذ بالامتناع عن تسليم فروض المراقبة المستمرة للإدارة، ما ألحق ضررا في حق المتعلمات والمتعلمين".

ويأتي ذلك في وقت دعت فيه "الجامعة الوطنية لموظفي التعليم - التوجه الديمقراطي"، وزارة التعليم إلى التراجع عن قرار التوقيف المؤقت وفتح حوار حقيقي متعدد الأطراف حول الإشكالات المستمرة في القطاع، محذرة، في بيان لها، من مغبة ما قد يخلقه الإجراء من استمرار الاحتقان وعدم استقرار المنظومة التربوية.

وخلف القرار التصعيدي الذي اتخذته تنسيقية "أساتذة التعاقد"، بمقاطعة تسليم نقط المراقبة المستمرة وأوراق الفروض للإدارة، جدلا واسعا في المغرب، وصل إلى حد مطالبة "الفيدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بالمغرب" وزارة التعليم بالتدخل العاجل لتطبيق القانون في حق الأساتذة، لما لقرارهم من انعكاسات سلبية على الطلاب وعلى العام الدراسي الحالي.

ولم يتمكن مئات الطلاب من التوصل بنقاط الفصل الماضي من العام الدراسي، الذي انتهى في 22 يناير/ كانون الثاني الماضي، بسبب مقاطعة خمس تنسيقيات تعليمية (الزنزانة 10، خارج السلم، الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، ضحايا تجميد الترقيات، ضحايا النظامين) عملية إدراج نقط المراقبة المستمرة عبر منظومة "مسار"، وعدم تسليمها ورقيا للإدارة.

وقال عضو لجنة الإعلام في "التنسيقية الوطنية للأساتذة وأطر الدعم الذين فرض عليهم التعاقد"، كريم الزغداني، لـ"العربي الجديد"، إن أساتذة التعاقد مستمرون في تجسيد خطوة المقاطعة "تعبيراً عن رفضنا سياسة المماطلة من طرف الوزارة والحكومة في تحقيق مطالبنا المشروعة التي جرى هضمها لسنوات، مع رفضنا اتفاق 14 يناير الموقع من طرف الأربع النقابات الأكثر تمثيلية وبحضور الوزارة المعنية ورئاسة الحكومة".

وتابع: "لا يعقل تهديد الأساتذة بتوقيف الأجرة والعزل وهم ما زالوا يقومون بواجبهم المهني في تدريس التلاميذ. الاستفسارات والتهديدات ما هي إلا جس لنبض الشارع التربوي عسى أن ينتشر الخوف في صفوف الشغيلة التعليمية، وأن تتراجع عن خطوة عدم إدراج نقط التلاميذ"، معتبرا أن" أي عقوبة تتجاوز التوبيخ أو الإنذار من لدن المديريات أو الاكاديميات، تعد شططا من طرف المشغل وتجاوزا لصلاحياته حسب المادة 100 من النظام الأساسي لأطر الأكاديميات الذي يعتبرونه مرجعا له. لا تُمكن إحالة أي أستاذ على التوقيف حتى توجه الدعوة لانعقاد مجلس تأديبي في أجل لا يتعدى 15 يوما. وعدم ارتباط الأساتذة المفروض عليهم التعاقد بهذه اللجان ستمنع تفعيل هذه المادة".

ونظام التعاقد برنامج أطلقته الحكومة المغربية في عام 2016 لتوظيف أساتذة في المدارس الحكومية بموجب عقود قابلة للتجديد، غير أنّه خلّف احتجاجات بين الأساتذة الذين وُظّفوا ومطالبات بتغييره ودمجهم في القطاع العام.

ولجأت وزارة التربية الوطنية في عام 2019 إلى التخلي عن النظام نهائياً واستحداث نظام أساسي، يصير هؤلاء الأساتذة بموجبه كوادر في الأكاديميات، ويشتمل على مقتضيات تضمن الاستقرار المهني من قبيل الحقّ في الترقية والتقاعد والاستفادة من الحركة الانتقالية الجهوية وغيرها. لكنّ الاحتجاجات استمرّت بسبب إصرار الأساتذة على دمجهم في الوظيفة العامة وعلى أن تكون مناصبهم المالية تابعة لوزارة التربية لا الأكاديميات.

المساهمون