استمع إلى الملخص
- قانون العفو العام، المتفق عليه خلال تشكيل الحكومة الجديدة، يواجه تعطيلاً من "الإطار التنسيقي"، مما يثير استياء القوى السنية المطالبة بوقف الإعدامات.
- تصاعد الإعدامات دفع قوى سياسية للمطالبة بتجميدها، بينما أكدت الرئاسة التزامها بالمصادقة بعد استيفاء الإجراءات، وسط قلق من تنفيذ 50 إعداماً في سبتمبر.
نظّمت العشرات من النساء العراقيات احتجاجات في وسط العاصمة بغداد للمطالبة بوقف عمليات إعدام المعتقلين الذين تم انتزاع الاعترافات منهم تحت التعذيب أو بواسطة المخبر السري، وإقرار قانون العفو العام الذي من شأنه إتاحة فرصة للمعتقل المدان لإعادة محاكمته وفقا لإجراءات قضائية عادلة وشفافة.
واحتشدت العشرات من زوجات وأمهات المعتقلين في ساحة التحرير، وسط بغداد، يحملن صورا لأبنائهن وأزواجهن وأشقائهن مع يافطات كتبت عليها عبارات تندد بعمليات الإعدام الأخيرة التي نفذتها السلطات العراقية، وطاولت عشرات المعتقلين وفقا لتقارير حقوقية وسياسية عراقية.
دعوات لوقف الإعدام في العراق
كما رفعن شعارات تندد باعتماد المخبر السري والاعترافات التي أدلى بها أبناءهن تحت التعذيب، مُطالباتٍ بتحقيق العدالة، من خلال إقرار قانون العفو الذي يراوح مكانه في البرلمان منذ نحو عامين، ويحمل بنودا مهمة، من بينها إعادة محاكمة من يثبت تعرضه للتعذيب خلال التحقيق، وأيضاً ضحايا المخبر السري الذي بسببه تم الزج بآلاف الأشخاص في السجون خلال السنوات الماضية. وطالبن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، والرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، بإيقاف عمليات الإعدام لحين إقرار قانون العفو العام، منعا لقتل الكثير من الأبرياء داخل السجون.
وهاجمت المحتجات القوى السياسية والأحزاب التي كررت وعودها في الانتخابات الماضية بشأن إقرار قانون العفو لكنها تخلت عن هذه الوعود ولتزمت الصمت الآن، ملوحات بعبارات مثل "ماكو عفو ماكو انتخابات"، في إشارة إلى مقاطعة الانتخابات المقررة في نهاية العام المقبل في حال عدم إقرار القانون الخاص بالعفو العام الموجود حاليا بالبرلمان.
أم عبد الله (61 عاما)، وهي إحدى المشاركات في التظاهرة، قالت لـ"العربي الجديد"، إن لديها تقريرا طبيا يؤكد تعرض ابنها للتعذيب خلال التحقيق معه، لكن مع ذلك تمت إدانة ابنها بالإعدام، مؤكدة أن المحامي وثق مع التقرير الطبي أدلة تؤكد أن ابنها "وقّع على اعترافات مكتوبة مسبقا، وتمت إدانته".
يعد قانون العفو العام أحد أبرز مطالب الكتل السنية التي اشترطت إقراره أثناء مفاوضات تشكيل إدارة الدولة
فيما تشير كريمة العبيدي إلى أن زوجها حُكم عليه بالإعدام في جريمة لم يكن خلالها موجودا في محافظة ديالى بالأساس، وهناك ما يثبت ذلك، مطالبة رئاسة الجمهورية بفتح الباب أمام تقديم الأدلة من ذوي المعتقلين عن "المساجين الأبرياء في سجون العراق".
ومنذ تشكيل حكومة محمد شياع السوداني يواجه قانون العفو العام مصيراً غامضاً على الرغم من وجود اتفاق سياسي على تشريعه، إلا أن مراقبين أشاروا إلى وجود أطرف داخل "الإطار التنسيقي" الحاكم في العراق تعمل على تعطيل القانون وعدم الالتزام بالوعود التي مُنحت سابقاً للجهات الأخرى (السنة) لضمان مشاركتهم في الحكومة الجديدة.
ويعد قانون العفو العام أحد أبرز مطالب الكتل السنية التي اشترطت إقراره أثناء مفاوضات تشكيل إدارة الدولة الذي ضم الإطار التنسيقي الشيعي والكتل الكردية والسنية، والذي تمخض عن تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني. ويتضمن البرنامج الحكومي، وفق نواب من المكون السني، إصدار قانون العفو العام والتدقيق الأمني في محافظاتهم وإلغاء هيئات أو إيقاف العمل بها كانت تشكل مصدر قلق وأزمة لهم.
في وقت سابق من الأسبوع الماضي، أصدرت عدة قوى وشخصيات سياسية عربية سنية مواقف تطالب بوقف حملات الإعدام، التي تتزامن مع ترقب التصويت على تعديل قانون العفو العام، بما يضمن إعادة محاكمة المعتقلين وضمان عدالة الأحكام بحقهم، وفقا لبنود ورقة الاتفاق السياسي التي تم الاتفاق عليها عام 2022 قبيل تشكيل حكومة محمد شياع السوداني.
وأعرب بيان لكتلة "متحدون"، بزعامة رئيس البرلمان الأسبق أسامة النجيفي، عن أسفه من زيادة "وتيرة تنفيذ الأحكام (الإعدام) بصورة تؤشر لغياب المسؤولية تجاه العدالة"، مطالبا الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد بـ"تجميد تنفيذ أحكام الإعدام، وإحالتها إلى التحقيق مجددا ثم عرضها على المحاكمة. وبذلك نكون قد انتصرنا جميعا للعدل وحماية حقوق المواطن"، وفقا للبيان.
فيما أصدر رئيس "المشروع الوطني" العراقي جمال الضاري بيانا قال فيه إن "استمرار مسلسل الإعدامات في السجون العراقية بوتيرة متسارعة، يؤكد أن الحكومة ومؤسسة الرئاسة غير جادين بتجنيب العراق مخاطر الانقسام والضعف في مواجهة المخاطر الكبيرة التي تواجهه"، مطالبا بـ"وقف تنفيذ أحكام الإعدام حتى صدور قانون العفو العام من مجلس النواب، وحتى تتوفر مراجعات شاملة للأحكام القضائية والتحقيق الجاد والشامل في الشكاوى حول عدالة هذه الأحكام".
من جانبها، أصدرت الرئاسة العراقية، الخميس الماضي، بيانا هاجمت فيه من سمّتهم "أعداء العراق"، واتهمتهم بالوقوف وراء "الأخبار الكاذبة"، متوعدة بأنها "لن تتوانى عن القيام بواجباتها في المصادقة على أحكام الإعدام على الإرهابيين الذين تلطخت أيديهم بدماء العراقيين الأبرياء بعد أن يستوفي الحكم الإجراءات القانونية كافة من تمييز وإعادة محاكمة وعرض على لجنة العفو الخاص، ورئيس الجمهورية بصفته حامياً للدستور حريص على استكمال الإجراءات القانونية بحق المحكومين وهو مسؤول عن حماية دماء العراقيين الابرياء والقصاص من قتلتهم".
وكشف مرصد "أفاد" لحقوق الانسان في العراق، في وقت سابق، عن تنفيذ السلطات العراقية ما لا يقل عن 50 عملية إعدام في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، اعتبرها من بين أوسع عمليات الإعدام التي تُنفّذ في البلاد منذ 2003، مُحملا رئاسة الجمهورية مسؤولية تسريع وتيرة عمليات الإعدام في البلاد لغايات سياسية. والشهر الماضي، أكدت وكالة "فرانس برس" نقلا عن مصادر أمنية عراقية أن السلطات العراقية نفذت حكم الإعدام بحق 21 شخصا، بينهم امرأة، مدانين بجرائم أغلبها "الإرهاب".