تُجري الجزائر وتونس آخر الترتيبات قبل دخول اتفاقية جديدة لتسليم المجرمين بين البلدين حيّز التنفيذ، باستثناء المطلوبين في قضايا سياسية، كما تتضمن التشريع لاستخدام وسائل التواصل الحديثة بين الهيئات القضائية من الجانبين، ضماناً لسرعة نقل وتلقي المعلومات وتيسير الإجراءات في مجال مكافحة الجريمة.
ووقع البلدان الاتفاقية في 15 ديسمبر/ كانون الأول 2021 ولم تدخل حيز التنفيذ بسبب تأخر الجانب التونسي عن المصادقة نتيجة حل البرلمان السابق، وتعد صيغة متطورة لاتفاقية التعاون القضائي لعام 1963، بهدف مسايرة التشريعات وتشعب بعض الجرائم.
وتتضمن الاتفاقية الجديدة إدراج جملة من التدابير على مستوى التشريع، خاصة ما يتعلق ببعض الجرائم التي لم تكن موجودة في السابق، على غرار الجرائم الإرهابية واسترداد الأموال المنهوبة والمجمدة بالخارج.
وتدخل الاتفاقية في غضون أيام قليلة حيز التنفيذ، حيث تسمح للهيئات القضائية المعنية بتنفيذ إجراءات طلب وتنفيذ تسليم المجرمين والمطلوبين في البلدين باعتماد الطرق والتقنيات ووسائل الاتصال الحديثة، وتطوير طرق التواصل بين البلدين عبر إرساء قاعدة التبادل التلقائي للمعلومات والتواصل عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة.
وتنص المادة 26 من الاتفاقية على "تعهد الطرفين المتعاقدين بأن يسلم أحدهما للآخر كل شخص موجود بتراب إحدى الدولتين إذا كان محل تتبع أو محكوم عليه من طرف السلطات القضائية بالدولة الأخرى، ويشمل التعهد الأشخاص الواقع تتبعهم من أجل جنايات أو جنح معاقب عليها في قوانين البلدين بعقوبة لا تقل عن عامين سجناً، والمحكوم عليهم حضورياً أو غيابياً من طرف محاكم الدولة الطالبة بعقوبة لا تقل عن شهرين سجناً من أجل جناية أو جنحة، والأشخاص الواقع تتبعهم أو المحكوم عليهم من أجل إخلالهم بواجباتهم العسكرية".
وتسمح الاتفاقية للدولة التي يكون المطلوب على أراضيها بإمكانية توقيفه تحفظياً لمدة 30 يوماً إلى غاية استكمال الإجراءات، وفي حال عدم استكمال إجراءات التسليم يتم الإفراج عنه.
فيما استثنت على أساس القانون الدولي المطلوبين في قضايا ذات صبغة سياسية، والمجرمين من ذوي الجنسية المزدوجة بين البلدين.
واستثنت المادة 30 من الاتفاقية تسليم المطلوبين في ست حالات:
- إذا كانت الجريمة التي طلب من أجلها معتبرة في نظر الدولة المطلوب منها التسليم جريمة سياسية أو مرتبطة بها.
- إذا ارتكبت في الدولة المطلوب منها التسليم.
- إذا سبق أن صدر حكم نهائي بشأن هذه الجرائم في الدولة المطلوب منها التسليم إذا سقطت الدعوى أو العقوبة بمرور الزمان بمقتضى التشريع المحلي للدولة الطالبة.
- إذا ارتكبت خارج تراب الدولة الطالبة من طرف شخص أجنبي.
- إذا صدر عفو عام بالدولة الطالبة أو صدر عفو بالدولة المطلوب منها التسليم.
وضبطت الاتفاقية مسألة التعلل بأسباب صحية لتعطيل إجراءات التسليم، في إطار حقوق الإنسان، بشروط دقيقة، وشددت في المقابل على حزمة الضمانات الممنوحة للمجرمين عند تسليمهم، خاصة ما يتعلق بآليات المحاكمة العادلة، وبسبب بعض الخصوصيات الاجتماعية المتعلقة بالمناطق الحدودية بين البلدين، التزمت بالأعراف والتقاليد التاريخية والاجتماعية التي يقع العمل بها في هذه المناطق.
وتعمل الجزائر منذ فترة على تحيين سلسلة اتفاقات التعاون القضائي وتبادل المطلوبين مع عدد من الدول، إذ تم تحيين الاتفاقات مع كل من الإمارات ولبنان والسعودية وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وغيرها، خاصة بعد اكتشاف عدد من جرائم النهب وتهريب الأموال الجزائرية إلى الخارج قبل عام 2019، وتبييضها في استثمارات في هذه الدول.