أثار تفشي فيروس إيبولا (المعروف سابقاً باسم حمى الإيبولا النزفية) في مناطق مختلفة من أوغندا الواقعة شرقي إفريقيا، خوفاً لدى الخبراء في مجال الصحة. وأعلنت السلطات إصابة ما لا يقل عن 48 حالة مؤكدة، ووفاة ما لا يقل عن 17 حالة حتى العاشر من الشهر الجاري. وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن عدد الإصابات تخطى عتبة الـ54 حالة مؤكدة، مع وجود 20 حالة محتملة، ووفاة نحو 39 شخصاً، كما أن ما لا يقل عن 600 حالة ما زالوا تحت المراقبة.
ومع اكتشاف أحدث حالة في العاصمة كمبالا، المدينة التي يزيد عدد سكانها عن 1.5 مليون نسمة، ازدادت المخاوف، الأمر الذي دفع الرئيس يوري موسيفيني إلى إصدار أوامر باعتقال أي شخص يشتبه في إصابته بالحمى القاتلة في حال رفضهم عزل أنفسهم، وذلك في الثاني عشر من أكتوبر/تشرين الأول.
تعرضت البلاد لموجات من تفشي إيبولا، كان آخرها عام 2019، وتخشى السلطات التي ما زالت تواجه تأثيرات كورونا بسبب النقص الحاصل في المعلومات والرعاية الطبية المقدمة واللقاحات، أن تواجه أزمة صحية جديدة. وما زال المواطنون في مناطق مختلفة في أفريقيا وأوغندا، يلجؤون إلى السحرة والطبي الشعبي للعلاج، وهو ما لفت إليه موسيفيني، مؤكداً أن المرض يحتاج إلى علاج، وهو ما نقلته صحيفة "لوموند" الفرنسية.
ومنذ منتصف العام الحالي، بدأت العديد من الدول الإعلان عن إصابات جديدة، من بينها جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي أعلنت عن أول إصابة في إحدى القرى منتصف إبريل/نيسان الماضي، تبعتها أوغندا.
بحسب موقع Scientific American، لم يتم الكشف حالياً عن الأسباب التي أدت إلى انتشار الفيروس، ومن المرجح أنه يرتبط بموسم المانجو في البلاد. ففي نهاية موسم المانغو، يبدأ الناس، وخصوصاً الأطفال، بتناول كل ما يجدونه أمامهم (بما في ذلك الفاكهة الملوثة)، ما قد يكون سبباً في انتشار الفيروس.
وانطلاقاً من هذه الفرضية، يسعى الخبراء إلى تتبع المخالطين، ورعاية المرضى، وتوفير المعلومات للأشخاص لمنع المزيد من الانتشار.
اللقاحات قادمة
وفي الوقت الذي يثير انتشار فيروس إيبولا مخاوف عالمية، حاول مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، طمأنة المجتمع العلمي. وكان أخصائي الأمراض المعدية في منظمة الصحة العالمية وعضو الجمعية الأميركية لطب المناطق الحارة والصحة العامة، قد قال لمجلة The Nature إن انتشار الفيروس يبدو مقلقاً جداً. لذلك، كان غيبريسوس واضحاً في الإشارة إلى أن التجارب السريرية للقاحات إيبولا قد تبدأ في الأسابيع المقبلة.
وقال غيبريسوس: "هناك لقاحات عدة ضد الفيروس في مراحل مختلفة من التطوير، ويمكن استخدام اثنين منها ما زالا في التجارب السريرية في أوغندا خلال الأسابيع المقبلة". أضاف أن "لقاحات إيبولا التي كانت فعالة جداً في السيطرة على تفشي الفيروس في جمهورية الكونغو الديمقراطية ليست فعالة ضد نوع الفيروس المسؤول حالياً عن تفشيه في أوغندا".
ما هي خطورة المرض؟
فيروس إيبولا نادر وقاتل. وتراوح معدّل الوفيات بين 25 في المائة و90 في المائة خلال الموجات السابقة. وتظهر الأعراض الأولى على شكل الحمى والقيء والصداع والتعب، كما يمكن أن تتفاقم الحالة بسرعة لتشمل الأعضاء الداخلية والموت.
وتضم فصيلة الفيروسات فيلوفيريداي 3 أجناس، هي: فيروس كويفا وفيروس ماربورغ وفيروس الإيبولا. وثمة أنواع خمسة من الفيروسات حُدِّدت على النحو التالي: زائير وبونديبوغيو والسودان وريستون وغابات تاي. وقد تسببت الأنواع الثلاثة الأولى، وهي فيروس الإيبولا بونديبوغيو وفيروس الإيبولا زائير وفيروس الإيبولا سودان، في اندلاع كبرى الفاشيات في أفريقيا، وينتمي الفيروس المسبب لفاشية عام 2014 في غرب أفريقيا إلى النوع زائير.
وتفشي إيبولا زائير في غري أفريقيا بين عامي 2013 و2016، الأمر الذي دفع إلى تطوير اللقاحات والعلاجات، والتي غيرت منذ ذلك الحين المعركة ضد إيبولا.
دروس مستفادة
وطرحت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية تساؤلات عدة عن مدى استفادة المجتمع الصحي من دروس فيروس كورونا، وأشارت إلى أنه نظرياً، قد يكون من السهل تطوير اللقاحات على غرار ما حصل خلال فترة تفشي كورونا. لكن عملياً، يبدو الأمر أكثر تعقيداً في ظل سياسة دولية تسيطر فيها الدول الغنية على صناعة الأدوية.
وأشارت إلى أن إمكانية تطوير علاج قد يكون أمراً ممكناً، لكن هذا الأمر قد يكون تحدياً بالنسبة إلى الدول الفقيرة. إذ لا تساعد الاكتشافات السريعة لأي لقاح، في إيصاله إلى تلك المجتمعات. و يُخشى أن يعاد تكرار سيناريو تخزين اللقاحات المضادة لكورونا التي قامت به الدول الغنية ومنعته بالتالي عن المجتمعات الفقيرة. حتى الآن، وصلت نسبة التحصين ضد كورونا في القارة الأفريقية إلى الثلث فقط في مقابل ارتفاع عدد الإصابات بين السكان.
من ناحية أخرى، فإن تجارب مساندة الدول الغنية لتقديم العلاجات ضد جدري القرود التي تعرضت لها الدول الأفريقية لم تكن مشجعة، وهو ما أشار إليه القائم بأعمال مدير أكبر وكالة للصحة العامة في أفريقيا أحمد أوجويل. وقال إن "تجارب أفريقيا الأخيرة مع جدري القرود (عدوى فيروسية حيوانية المصدر، مما يعني أنها يمكن أن تنتقل من الحيوانات إلى البشر، ويمكن أن تنتقل أيضاً من شخص إلى آخر ومن البيئة إلى البشر.) لم تكن أيضاً مشجعة. فعلى الرغم من المناشدات، لم تأت المساعدات إلى أفريقيا".