تم إعطاء أكثر من 100 مليون جرعة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا في جميع أنحاء العالم، بعد أقل من شهرين على إطلاق أولى حملات التطعيم الجماعية في بداية ديسمبر/كانون الأول، في 77 دولة أو منطقة على الأقل، وتتطلب جميع اللقاحات المتداولة حاليًا في العالم جرعتين لتوفير التحصين الأمثل.
تتركز 65 في المائة من الجرعات المعطاة في جميع أنحاء العالم في البلدان ذات الدخل المرتفع، بحسب تعريف البنك الدولي، والتي يقطنها 16 في المائة فقط من سكان العالم، وهذه الدول هي تلك الموجودة في أميركا الشمالية وأوروبا والخليج. وتتقدم المملكة المتحدة هذه الدول؛ 9.8 ملايين جرعة إلى 13.7 في المائة من السكان، تليها الولايات المتحدة 32.2 مليون جرعة، و7.9 في المائة، ودولة الإمارات 3.4 ملايين جرعة، ولا تتوفر بيانات عن النسبة، وصربيا (6.2 في المائة).
في الاتحاد الأوروبي، تم إعطاء 12.7 مليون جرعة إلى 2.3 في المائة من السكان. وعلى رأس الدول الـ27، تأتي مالطا (5.4 في المائة)، ثم الدنمارك (3.2 في المائة)، وبولندا (3.1 في المائة)، أما في فرنسا فقد تم إعطاء 1.5 مليون جرعة لـ 2.2 في المائة من السكان. أما بالنسبة للعملاقتين الصين والهند اللتين تندرجان ضمن فئة الدخل المتوسط، فقد أعطتا على التوالي 24 و4 ملايين جرعة، لكنهما متأخرتان بالنسبة لعدد سكانهما.
الدول الفقيرة تنتظر
يقيم ثلث سكان العالم (35 في المائة) في بلدان لم تبدأ بعد حملة التطعيم. وهي في معظمها دول محرومة "تراقب وتنتظر"، وفق ما ذكره مدير عام منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الذي يحارب "شعبوية اللقاح". لم يبدأ أي بلد منخفض الدخل حتى الآن حملة تطعيم واسعة النطاق. تنتظر هذه البلدان استلام أول دفعة هذا الشهر من اللقاح ضمن آلية "كوفاكس"، التي وضعتها منظمة الصحة العالمية وتحالف اللقاحات غافي.
وفي هذه الفئة، تعد غينيا، التي أعطت اللقاح لبضع عشرات من الأشخاص كجزء من مرحلة تجريبية، رائدة. كما لم يبدأ أيضًا عدد محدود من الدول الغنية، مثل اليابان أو كوريا الجنوبية أو أستراليا، عملية التطعيم بعد.
يتم حالياً تداول سبعة لقاحات حول العالم. اختارت دول أميركا الشمالية وأوروبا ودول الخليج في الغالب اللقاحات التي طورتها شركة فايزر/بيونتيك الأميركية الألمانية، وموديرنا الأميركية، في حين تم استخدام لقاح أسترازينيكا/أكسفورد البريطاني الذي سيصل قريبًا إلى الاتحاد الأوروبي بعد أن تمت الموافقة عليه أخيرا، في المملكة المتحدة والهند، إضافة إلى بورما والمغرب وسريلانكا، وتعتمد الهند أيضًا على اللقاح الذي طورته شركة "بهارات بايوتيك" المحلية.
ويتم إعطاء لقاح "سبوتنيك-في"، الذي طوره مركز غاماليا الروسي، في روسيا والأرجنتين وبيلاروسيا وصربيا والجزائر. أما اللقاحات الصينية، فبالإضافة إلى الصين، يتم إعطاء لقاح "سينوفارم" بشكل خاص في دولة الإمارات والبحرين وسيشيل ومصر ولاوس وصربيا، ولقاح سينوفاك في إندونيسيا والبرازيل وتركيا.
قال مسؤول بمنظمة الصحة العالمية، الإثنين، إن الأراضي الفلسطينية وتونس ستستفيد من الدفعة الأولى من لقاحات كورونا التي توفرها مبادرة "كوفاكس"، لكن الدول الأكثر فقرا في الشرق الأوسط تواجه عجزا كبيرا في ما يتعلق بتوفير التطعيم مبكرا. وقال ريك برينان، مدير عمليات الطوارئ بمنطقة شرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية، إن من المتوقع أن تحصل الأراضي الفلسطينية على 37 ألف جرعة من لقاح كوفيد-19، الذي تنتجه فايزر وبيونتيك، بدءا من منتصف فبراير/شباط عبر مبادرة "كوفاكس"، في حين من المقرر أن تحصل تونس على 93600 جرعة.
مبادرة كوفاكس
وأطلقت منظمة الصحة العالمية والتحالف العالمي من أجل اللقاحات (غافي) مبادرة كوفاكس، لضمان الوصول العادل إلى لقاحات كوفيد-19 على مستوى العالم. وأوضح برينان في مقابلة أنه مع ذلك هناك "فجوة كبيرة جدا" بين طرح اللقاحات المخطط له في الدول الغنية والدول ذات الدخل المنخفض أو التي تشهد صراعات. وتضم منطقة شرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية أفغانستان وباكستان والصومال وجيبوتي إلى جانب دول الشرق الأوسط.
وقال في المقابلة: "نحن قلقون بشكل خاص على الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط". وأضاف: "المتاح والتمويل ليسا على المستوى الواجب بعد. نعاني قصورا شديدا". وأردف برينان أن التأخر في توفير اللقاحات للدول الفقيرة يزيد من خطر انتشار السلالات المتحورة لفيروس كورونا والتي يمكن أن يكون انتشارها أسرع وعلاجها أصعب.
وتعمل منظمة الصحة العالمية لتقييم لقاحات أخرى أرخص يمكن تقديمها من خلال مبادرة كوفاكس، بعد أن أقرت استخدام لقاح فايزر/ بيونتيك في حالات الطوارئ. وتأمل أن تبدأ التطعيمات في كل دول العالم بحلول أوائل إبريل/نيسان، وتطعيم الأكثر عُرضة للخطر بحلول منتصف العام. وقال برينان: "نتوقع أن يكون التطعيم بلقاح فايزر عبر كوفاكس محدودا نظرا لتكلفته، لكنها بداية العملية".