في 9 أغسطس/آب الجاري، أيدت محكمة النقض المصرية (أعلى سلطة قضائية في البلاد) أحكاماً بإعدام ثلاثة شبان معتقلين، هم محمد يوسف محمد عبد الرحمن شبايك، وأحمد محمود محمد يونس، وعبد الرحمن عبد السلام أحمد أيوب، وكذلك أحكاماً بالسجن المؤبد في حق آخرين في القضية رقم 3321 لعام 2016.
سبق ذلك إصدار محكمة جنايات الزقازيق أحكاماً قاسية صدرت في 3 مارس/آذار 2022 في حق عدد كبير من أبناء مركز أبو كبير بمحافظة الشرقية بدلتا مصر، على خلفية واقعة مقتل أمين شرطة في جهاز الأمن يدعى علي أمين.
وقالت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، في تقرير لها، اليوم الجمعة: "وثقنا التجاوزات والانتهاكات التي تعرض لها المعتقل الشاب محمد شبايك، منذ إلقاء القبض عليه في 24 يناير/كانون الثاني 2016، وإجباره تحت التعذيب على الاعتراف بجرائم لم يرتكبها".
وشبايك مهندس من قرية هربيط بمركز أبو كبير من مواليد 15 مارس 1994، وحصل على بكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة الزقازيق خلال فترة سجنه عام 2018.
واعتُقل شبايك أمام عشرات الشهود، حين اقتحم شرطيون ملثمون وغير ملثمين منزله، وضربوه وشتموه مع والدته وشقيقاته البنات اللاتي كن موجودات في المنزل حينها.
ورصدت الشبكة جانباً من الانتهاكات والمخالفات القانونية التي تعرض لها شبايك على مدار سنوات، والإخلال بأدنى معايير وضمانات المحاكمة العادلة. وأوضحت أنه "بمجرد اعتقاله اقتيد إلى مقر جهاز الأمن الوطني في الزقازيق، حيث تعرض لكل أنواع التعذيب البدني من ضرب وتعليق وصعق بالكهرباء في أماكن متفرقة من جسده، ما أدى إلى اعترافه تحت التعذيب الوحشي بجرائم لم يرتكبها، وذلك بأمل وقف التعذيب الذي تعرض له باستمرار على مدى أسابيع".
تابعت: "لا تزال آثار التعذيب باقية في جسده، وهو تلقى تهديدات بإحضار والدته وشقيقاته والاعتداء عليهن في حال عدم الاعتراف بما يملى عليه، ما جعله يقرّ بكل الاعترافات المكتوبة".
وذكرت أيضاً أن "شبايك عانى من سياسة التجويع، ومُنع من استخدام دورة المياه، ما سبب له الكثير من الآلام النفسية والبدنية، وأهينت كرامته الإنسانية في مخالفة واضحة للمادة رقم 54 من الدستور التي تقضي بأن "الحرية الشخصية حق طبيعي، ومصونة ولا تمس. وباستثناء حال التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته إلا بأمر قضائي يخضع لسبب يستلزم التحقيق".
وأكملت الشبكة "زعمت النيابة العامة أن اعتقال شبايك في 14 فبراير/ شباط 2016 في كمين أمني بالشرقية، أي بعد فترة من تعرضه للإخفاء القسري. وقد انتقل وكيل النيابة العامة في أبو كبير إلى مبنى مقر قوات الأمن المركزي بالزقازيق وحقق معه، وهو مغمى العينين، ومقيّد اليدين من الخلف، في مخالفة صريحة للقانون. كما حقق وكيل النيابة العامة مع شبايك من دون أن يحضر محاموه في مخالفة للمادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على أنه لا يجوز للمحقق في الجنايات أن يستجوب المتهم أو يواجهه بمتهمين آخرين أو شهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور".
تابعت: "وفي مخالفة قانونية أخرى، تجاهل وكيل نيابة أبو كبير مهمات وظيفته، ورفض إثبات إنكار المتهم كل التهم الموجهة إليه، وتوقيع الكشف الطبي عليه الذي يوضح أن المتهم أجبر على هذه الاعترافات تحت ضغط التعذيب الشديد في مقر جهاز الأمن الوطني بالزقازيق".
وبحسب الشبكة تقدم محامي المتهم بطلب رسمي إلى المحامي العام بالشرقية من أجل فتح التحقيق في التجاوزات والانتهاكات القانونية، وطالب بعرض موكله على مصلحة الطب الشرعي لإخضاعه لكشف الطبي، وتأكيد طبيعة إصاباته الظاهرة وتاريخها وأسبابها الناجمة عن تعرضه لأشد أنواع التعذيب أثناء فترة اختفائه داخل مقر الأمن الوطني، لكن جرى تجاهل الطلب.
وأكدت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان "تعرض معظم المتهمين والمحبوسين على ذمة القضية رقم 3321 لعام 2016 إلى جريمة الإخفاء القسري على فترات متفاوتة، وحرمانهم من التواصل مع ذويهم ومحاميهم، وتعرضهم لأقسى أنواع التعذيب من أجل إجبارهم على الاعتراف بجرائم كانوا قد نفوا صلتهم بها".
تابعت: "رفضت النيابة العامة إثبات وقائع التعذيب، وما تعرض له المتهمون في القضية من انتهاكات جسيمة، سواء عبر تغيير تواريخ القبض عليهم بالمخالفة للحقيقة، أو تجاهل عرضهم على الطب الشرعي لإثبات تعرضهم لتعذيب، رغم أن آثاره كانت واضحة على أجسامهم. وقد تجاهلت محكمة جنايات الزقازيق هذه الوقائع، وقضت بإعدام المتهمين الثلاثة شنقاً، بينهم شبايك، رغم انتزاع الاعترافات منهم بالإكراه عبر التعذيب وسوء المعاملة".
ودانت الشبكة المصرية قرار محكمة النقض تأييد حكم الإعدام الذي أصدرته محكمة الجنايات بالزقازيق في حق شبايك، وذكّرت النائب العام بواجبات وظيفته، وطالبت بفتح تحقيق في كل الإجراءات والانتهاكات التي تعرض لها شبايك، لا سيما أن انتزاع الاعترافات حصل تحت التعذيب الوحشي والمعاملة القاسية واللا إنسانية والإخفاء القسري، ما يمثل جرائم ضد الإنسانية، بحسب القانون الدولي لحقوق الإنسان، والاتفاقات الدولية التي وقعت عليها مصر".
ووثقت منظمات حقوقية إصدار محاكم الجنايات في مصر 538 حكماً بالإعدام عام 2022، مقابل 403 عام 2021، و295 عام 2020.
وفي وقت سابق، أبدت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قلقها العميق من ارتفاع عدد أحكام الإعدام في مصر، ومعدلات تنفيذها، وارتفاع عدد الجرائم الذي أفضت إلى عقوبات إعدام، وتوقيعها وجوباً في بعض الحالات، وإصدارها على أساس اعترافات انتزعت بالتعذيب والإكراه، أو في أعقاب محاكمات غير عادلة، بينها محاكمات جماعية، أو بواسطة محاكم عسكرية، أو محاكم استثنائية (أمن الدولة طوارئ).
وانتقدت المفوضية تنفيذ أحكام إعدام سرياً، ومن دون إبلاغ أفراد العائلة، أو السماح لهم بزيارات قبل الإعدام. ودعت السلطات المصرية إلى وقف تنفيذ أحكام الإعدام تمهيداً للنظر في إلغائها.