تصدّر ملف نقص الغذاء في غزة، وإعاقة وصول المساعدات الغذائية عن الفلسطينيين المحاصرين في القطاع، فعاليات المؤتمر الدولي حول "العدالة الغذائية من منظور حقوق الإنسان: تحدّيات الواقع ورهانات المستقبل"، الذي انطلقت أعماله اليوم الثلاثاء في العاصمة القطرية الدوحة.
وقالت رئيسة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر، مريم بنت عبد الله العطية، في كلمة في افتتاح المؤتمر، إنّ النظام الدولي بمؤسساته لا يزال عاجزاً عن توصيل المساعدات الإنسانية والإغاثية والغذائية إلى قطاع غزة الذي يعاني سكانه من مجاعة جماعية، في اختبار صعب لمصداقية القيم الإنسانية التي يُكرسها القانون الدولي، وذلك رغم حجم الجريمة التي وصلت إلى أروقة محكمة العدل الدولية مؤخراً، وخروج التظاهرات الشعبية في كافة أنحاء العالم رافضة لاستمرار العدوان.
ويهدف المؤتمر، الذي تنظمه اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر، على مدار يومين، بالشراكة مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، والتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، ومكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وجامعة الدول العربية، إلى توفير منصة حوار عالمية لتبادل المعرفة والخبرات، وبناء القدرات ومراجعة التشريعات والسياسات والخطط والبرامج المعنية بالعدالة الغذائية من منظور حقوق الإنسان، ووضع أطر وأسس ينطلق منها العاملون في مجال العدالة الغذائية وحقوق الإنسان.
وقالت العطية إنّ العمل المشترك القائم على نهج حقوق الإنسان هو القادر على تقديم الاستجابة الفاعلة والناجعة في مواجهتها، وأشارت إلى أن الأزمة الغذائية تمثل إحدى أخطر العقبات التي تعترض تمتع الإنسان الفعلي بكرامته وحقوقه، لافتة إلى أن الغذاء أصبح سبباً في النزاعات والحروب، والأمثلة عديدة على ذلك خلال السنوات القليلة الماضية.
وذكّرت العطية بأن مطلب الأمين العام للأمم المتحدة عام 2017 "صفر فقر" ربما هو السبيل إلى تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030، بما فيها من حل أزمة الغذاء وسوء التغذية والقضاء على الجوع، لا سيما أن الفقر والديون والانتكاسة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من شأنها أن تغيب العدالة عموماً والعدالة الغذائية خصوصاً".
وأكدت أن قطر تعد من الدول المانحة للأمم المتحدة في مجال الاستجابة الفاعلة للاحتياجات الإنسانية المتزايدة، لافتة إلى أن العدالة الغذائية لن تتحقق في ظل استمرار الحروب وإنكار حق الشعوب في تقرير مصيرها، خاصة أن العدالة عنوان السلام وشرط التنمية والشعب الفلسطيني لا يزال تحت سيطرة الاحتلال الاستيطاني، والعدوان الغاشم على قطاع غزة.
من جهته، أبرز الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، جاسم محمد البديوي، أن العديد من صكوك القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني تعترف بحق الإنسان في الغذاء الكافي، إلا أنه لا تزال هناك فجوة سائدة في أنحاء العالم، ومعظمها في البلدان النامية، ممن يعانون من نقص الغذاء والجوع نتيجة للكوارث الطبيعية، ولتزايد الصراعات والحروب، واستخدام الغذاء كسلاح سياسي في عملية الضغط.
وأوضح أن ذلك يظهر جلياً في وقتنا الحاضر ما يعانيه السكان في قطاع غزة من منع وصول المساعدات الإنسانية وإمدادات الإغاثة والحصول على الوقود والغذاء والدواء، واستخدام تجويع المدنيين من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية كأسلوب من أساليب القتال الذي يعتبر محظوراً بموجب القانون الدولي الإنساني.
وأوضح الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية أن أي اضطرابات في المنطقة ستؤثر بشكل سلبي على حركة السفن، وارتفاع التأمين، اللذين سيؤثران مباشرة على الواردات والصادرات الغذائية في المنطقة، مشدداً على ضرورة عدم إغفال حدوث أي اضطرابات في الدول المصدرة للمنتجات الغذائية والتي ستؤثر أيضاً في كفاءة المخزون الغذائي.
ويشارك في المؤتمر على مدى يومين 400 من ممثلي المنظمات الحكومية وغير الحكومية على المستوى الدولي والإقليمي، و600 خبير على المستوى المحلي، إلى جانب عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان والمقررين الخاصين ذوي الصلة، ورؤساء الآليات التعاقدية والآليات الإقليمية لحقوق الإنسان، والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان.
ويعقد المؤتمر جلسات تتمحور حول المواثيق الدولية والإقليمية ومدى فعاليتها في الوصول للحق في الغذاء والعدالة الغذائية، وجهود دولة قطر الهادفة إلى النهوض بقطاعات الإنتاج الغذائي، والاستجابة للمجاعة وانعدام الأمن الغذائي، فضلاً عن مناقشة دور آليات ومنظمات وبرامج ووكالات ومفوضيات الأمم المتحدة والتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية وجامعة الدول العربية، في إعمال الحق في الغذاء القائم على الحقوق والممارسات الفضلى.