أعلنت الحكومة المحلية في محافظة نينوى، شمالي العراق، التي تحررت من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي منذ أكثر من 7 سنوات، إعادة إعمار نحو 600 منزل مدمر في مدينة الموصل القديمة المحاذية لنهر دجلة، وسط انتقادات لإهمال ملف إعمار المناطق المحررة ما أثر على إنهاء عودة النازحين.
وما زالت مدن ومحافظات شمال وغرب العراق تعاني من آثار الدمار الذي خلفته المعارك ضد تنظيم داعش بين عامي 2014 و2017، خاصة في ما يتعلق بتعثر الحكومة بتنفيذ وعود تعويض أصحاب المنازل المدمرة.
ويقدر عدد المنازل والوحدات السكنية المدمرة بفعل الحرب بأكثر من 250 ألف منزل وشقة سكنية عدا عن آلاف المعامل والورش والمحال التجارية بعموم مدن شمال وغربي العراق.
ووفقا لمحافظ نينوى نجم الجبوري، فإن الفرق الهندسية التابعة للمحافظة، وبالتعاون مع شركات الإعمار المرخصة للعمل في الموصل تمكنت من إعادة إعمار نحو 600 منزل كان قد لحقها التدمير على يد تنظيم داعش في مدينة الموصل القديمة، مبينا في تصريح لصحيفة الصباح الرسمية، اليوم الاثنين، أن عملية إعمار تلك المنازل جرت "على مدار العام الحالي"، مشيرا إلى أنه "تم أيضا إنجاز إكساء 200 في شارع المدينة نفسها"، من دون ذكر مزيد من التفاصيل الأخرى.
وتوجه انتقادات للحكومتين المركزية والمحلية بسبب إهمال الملف والتقصير بإعادة الحياة للمناطق المدمرة، وسط دعوات لتوجيه تخصيصات مالية بالموازنة للعام المقبل 2023 لملف الإعمار.
وأكد الناشط المدني في الموصل عبد الستار الحمداني عدم وجود خطة واضحة لإعادة إعمار المناطق المدمرة، والتي مضى على تحريرها أكثر من 7 سنوات، قائلا "الملف مهمل جدا، ولا نتلمس أي تحرك فعلي نحوه".
وأضاف متحدثا لـ"العربي الجديد"، أنه "مما يؤسف له أن ملف الإعمار من الملفات التي شابها الفساد بشكل كبير، كما أن الأجندات السياسية تحكمت به خلال السنوات السابقة، ما أثر على إعادة النازحين".
وشدد على أن "الملف إنساني، ويجب أن يكون هناك تحرك فعلي لإنهائه، من خلال إعادة الإعمار ضمن خطة واضحة بفترات زمنية محددة، مع وضع تخصيصات مالية كافية للملف في الموازنة المالية"، معتبرا أن "عدم وجود خطة واضحة المعالم للإعمار تؤكد استمرار المتاجرة بالملف على حساب العائلات المتضررة، التي تشكو من إهمال الملف".
ويعد ملف الإعمار في العراق من الملفات الشائكة والمتداخلة، والتي تتضارب المصالح السياسية والاقتصادية والأجندات الحزبية فيها، الأمر الذي جعل الملف يراوح مكانه، فيما لم يبد أهالي تلك المحافظات أي تفاؤل بإعادة الحياة لمناطقهم التي أجبروا على النزوح منها.
ولا توجد أرقام واضحة ورسمية بشأن الكلف التي تحتاجها تلك المحافظات لإعادة إعمارها، فيما قدرت وزارة التخطيط العراقية في وقت سابق كلفة إعمار المناطق المدمرة بنحو 88.2 مليار دولار، ولعل محافظة نينوى التي شهدت نسبة خراب تصل إلى 80 بالمائة هي المحافظة الأبرز في هذا الملف تليها محافظات الأنبار، وصلاح الدين، وديالى، وأطراف بغداد.
واستضافت الكويت عام 2018 مؤتمرا دوليا لإعادة إعمار العراق، بمشاركة أكثر من سبعين دولة، تعهدت بتقديم مبالغ مالية ضخمة يصل مجملها إلى 30 مليار دولار، فضلا عن استثمارات ومشاريع إعمار ودعم للمناطق المدمرة، إلا أن الغالبية العظمى من الدول لم تف بالتزاماتها وتعهداتها في المؤتمر، باستثناء دول قليلة أبرزها الكويت وقطر.