قد تكون الصورة في سورية أكثر مرارة مما هي عليه في العراق ومصر، بالنظر إلى مستويات العنف العالية التي تغرق فيها البلاد منذ قرابة السنوات الأربع، بالإضافة إلى اتساع حجم المعارك وشمولها المدن والأرياف مع ما تحويه من المناطق الأثرية والمتاحف والأسواق القديمة والجوامع والكنائس وكل ما يصنف في خانة المواقع التراثية.
حتى الآن يمكن القول إن القلاع القديمة تعرضت لأضرار كارثية، بل إن بعضها من الصعب إعادة ترميمه بالنظر إلى حجم التدمير الذي لحق به، بفعل قصف الطيران الحربي وطلقات المدفعية والصواريخ التي دمرت بعضها كليّاً، وبعضها الآخر جزئياً.
الكثير من هذه المواقع هي على قائمة التراث العالمي، وقد دعت الأونيسكو مراراً وتكراراً المتقاتلين سواء أكانوا مع النظام أو المعارضة إلى تحييد هذه المواقع عن صراعاتهم، بما يؤدي إلى عدم استعمالها كمواقع عسكرية أو استهدافها بالقصف التدميري. وهذا ما لم يرد عليه أحد من أطراف القتال. وكانت النتيجة المزيد من الخراب في تراث لا يمكن استعادته مهما رُصد له من أموال.
ليست وظيفة هذا المقال القصير رصد ما آل اليه مصير التراث الثقافي في سورية، فهذا سيستغرق الكثير من الجهد والبحث المعمق في كل ناحية طاولتها المعارك، بل حتى المناطق التي نجت من الكارثة.
آثار من الحضارات الآشورية والكنعانية والرومانية والبيزنطية والعربية والأموية و... تعرضت للتدمير، بعضها عبارة عن مواقع من أقدم الأماكن التي قطنها الإنسان، مع ذلك لم ترحم المعارك القرى القديمة ولا الكنائس ولا المساجد العمرية والأموية، من التدمير.
الكثير من القطع الأثرية نهبت من مواقعها المكشوفة أو المتاحف المناطقية بعد زوال الحراسة عنها. لم يقم بمثل هذه العملية أفراد عاديون تقطعت بهم سبل الرزق، بقدر ما قامت به عصابات متخصصة. وكذلك فعلت أطراف الصراع بما فيها الدولة التي قامت بتوجيه نيران قاذفاتها الجوية والبرية إلى مواقع تراثية تعرف تماما مواقعها. لذلك لم تنج تدمر ولا قلعة حلب أو قلعة الحصن وأسواق حلب وسواها من النيران. والحصيلة أن قسماً كبيراً ليس من تاريخ سورية فحسب بل يعتبر جزءاً حيوياً من تاريخ المنطقة العربية والإسلامية، يُدمّر من دون رفة جفن، حتى ولو طال التفجيرتمثال حبيس المعرة وفيلسوف الشك أبي العلاء أو مقام الإمام النووي.
(أستاذ في كلية التربية - الجامعة اللبنانية)
حتى الآن يمكن القول إن القلاع القديمة تعرضت لأضرار كارثية، بل إن بعضها من الصعب إعادة ترميمه بالنظر إلى حجم التدمير الذي لحق به، بفعل قصف الطيران الحربي وطلقات المدفعية والصواريخ التي دمرت بعضها كليّاً، وبعضها الآخر جزئياً.
الكثير من هذه المواقع هي على قائمة التراث العالمي، وقد دعت الأونيسكو مراراً وتكراراً المتقاتلين سواء أكانوا مع النظام أو المعارضة إلى تحييد هذه المواقع عن صراعاتهم، بما يؤدي إلى عدم استعمالها كمواقع عسكرية أو استهدافها بالقصف التدميري. وهذا ما لم يرد عليه أحد من أطراف القتال. وكانت النتيجة المزيد من الخراب في تراث لا يمكن استعادته مهما رُصد له من أموال.
ليست وظيفة هذا المقال القصير رصد ما آل اليه مصير التراث الثقافي في سورية، فهذا سيستغرق الكثير من الجهد والبحث المعمق في كل ناحية طاولتها المعارك، بل حتى المناطق التي نجت من الكارثة.
آثار من الحضارات الآشورية والكنعانية والرومانية والبيزنطية والعربية والأموية و... تعرضت للتدمير، بعضها عبارة عن مواقع من أقدم الأماكن التي قطنها الإنسان، مع ذلك لم ترحم المعارك القرى القديمة ولا الكنائس ولا المساجد العمرية والأموية، من التدمير.
الكثير من القطع الأثرية نهبت من مواقعها المكشوفة أو المتاحف المناطقية بعد زوال الحراسة عنها. لم يقم بمثل هذه العملية أفراد عاديون تقطعت بهم سبل الرزق، بقدر ما قامت به عصابات متخصصة. وكذلك فعلت أطراف الصراع بما فيها الدولة التي قامت بتوجيه نيران قاذفاتها الجوية والبرية إلى مواقع تراثية تعرف تماما مواقعها. لذلك لم تنج تدمر ولا قلعة حلب أو قلعة الحصن وأسواق حلب وسواها من النيران. والحصيلة أن قسماً كبيراً ليس من تاريخ سورية فحسب بل يعتبر جزءاً حيوياً من تاريخ المنطقة العربية والإسلامية، يُدمّر من دون رفة جفن، حتى ولو طال التفجيرتمثال حبيس المعرة وفيلسوف الشك أبي العلاء أو مقام الإمام النووي.
(أستاذ في كلية التربية - الجامعة اللبنانية)