"يجب أن تنتهي المجزرة، ببساطة". بهذا أنهى المفوّض العام لوكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني مقال رأي نُشر في صحيفة "ذا واشنطن بوست" الأميركية، مساء أمس الأربعاء، تحت عنوان "وقف إطلاق نار فوري في قطاع غزة قادر على تجنيبه كارثة أكبر بكثير". وبعبارات أخرى، كرّر فكرته نفسها في المؤتمر الإنساني الدولي حول قطاع غزة، اليوم الخميس.
بالنسبة إلى لازاريني، لا بدّ من تنفيذ وقف لإطلاق نار باسم حقوق الإنسان، هو الذي كتب في مقال سابق نُشر في "ذا غارديان" البريطانية في 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 أنّ "التاريخ سيحاكمنا إذا لم يوقَف إطلاق النار في غزة".
منذ 34 يوماً، تُنتهَك حقوق الإنسان على مدار الساعة في قطاع غزة الذي يتعرّض لحرب غير مسبوقة تشنّها عليه قوات الاحتلال الإسرائيلي من دون هوادة. ومرّة جديدة، عبّر المفوّض العام لوكالة أونروا، اليوم الخميس، عن قلق من خطر تفاقم الوضع في غزة وتوسّعه، مشيراً إلى أنّ الضفة الغربية المحتلة "تغلي". أضاف أنّ التوغّل العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة وعنف المستوطنين في الضفة الغربية سبّبا ارتفاعاً قياسياً في عدد الشهداء الفلسطينيين.
وفي هذا الإطار، دعا لازاريني إلى وقف الحرب على غزة والتقيّد الصارم بالقانون الإنساني الدولي، بحسب ما جاء في كلمته التي ألقاها في المؤتمر الدولي في العاصمة الفرنسية باريس.
"For many Palestinians, this exodus is reminiscent of the original displacement of more than 700,000 people from their towns and villages in 1948, also known as the Nakba"@UNLazzarini in @washingtonpost: The carnage simply must stop.https://t.co/y546i8vQku
— UNRWA (@UNRWA) November 9, 2023
وإذ طالب المسؤول الأممي بوقف إنساني لإطلاق النار في قطاع غزة، بالإضافة إلى التقيّد الصارم بالقانون الإنساني الدولي، مع التشديد على وجوب حماية المدنيين والبنى التحتية المدنية، بما في ذلك منشآت الأمم المتحدة التي تستضيف النازحين، بيّن أنّ "99 من زملائنا (في أونروا) قُتلوا في غزة" منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، وحتى إلقائه كلمته. ويُعَدّ هذا أكبر عدد من موظفي الإغاثة التابعين للأمم المتحدة الذين يسقطون في خلال نزاع، في مثل هذه المدّة الزمنية القصيرة.
يُذكر أنّ وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أفادت، اليوم الخميس، بأنّ عدد الشهداء وصل إلى 10 آلاف و812 شهيداً، من بينهم 4412 طفلاً و2918 امرأة و667 مسنّاً، فيما أُصيب 26 ألفاً و905 آخرون بجروح. إلى جانب ذلك، تلقّت الوزارة 2650 بلاغاً عن مفقودين تحت الأنقاض، من بينهم 1400 طفل.
في سياق متصل، رأى لازاريني أنّ من غير الممكن القول إنّ آلاف الأطفال الذين قُتلوا في قطاع غزة "أضرار جانبية"، في إشارة إلى ما يُحكى عن أنّ الغزيين المدنيين ليسوا المستهدفين في القصف الإسرائيلي، بل هم مجرّد أضرار جانبية في "الحرب على حماس".
"Civilians & civilian infrastructure, including @UN facilities hosting displaced people, must be protected & accessible to humanitarian assistance everywhere in📍#Gaza, at all times."
— UNRWA (@UNRWA) November 9, 2023
Statement: @UNLazzarini at International Conference on Gaza in Paris⬇️https://t.co/MKjRZspXW4 pic.twitter.com/Bd5odEGXZx
وفي كلمته أمام المشاركين في المؤتمر الدولي في باريس، تحدّث لازاريني عن الظروف القاسية التي يعيشها النازحون الفلسطينيون في قطاع غزة. وأقرّ بأنّ نحو 700 ألف من النازحين يعيشون وسط "ظروف مهينة" تتشابه في 150 مدرسة ومبنى تابع لوكالة أونروا في كلّ أنحاء قطاع غزة، شارحاً أنّ تلك الملاجئ التي تؤوي هؤلاء النازحين مكتظة جداً، في حين أنّ كميات الطعام المتوافرة قليلة، كذلك الأمر بالنسبة إلى المياه والخصوصية.
وتحدّث لازاريني، في هذا الإطار، عن دفع مليون من سكان قطاع غزة إلى ترك منازلهم والتوجّه إلى مناطق تفتقر إلى البنى التحتية الكافية، واصفاً الأمر بأنّه "نزوح قسري". تجدر الإشارة إلى أنّ ذلك ليس التهجير الأوّل الذي يتعرّض له كثيرون من سكان غزة، فقسم كبير منهم من اللاجئين الفلسطينيين الذين وجدوا في القطاع ومخيّماته مستقراً لهم، على أمل "العودة" إلى بلداتهم ومدنهم يوماً ما.
بالنسبة إلى المفوّض العام لوكالة أونروا، فإنّ هذا الوضع القائم يستوجب إتاحة وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان في كلّ أنحاء قطاع غزة، وفي كلّ الأوقات. وشدّد على الحاجة إلى إدخال مستمرّ للمساعدات الإنسانية بكميات كافية إلى غزة، بما في ذلك الوقود. يُذكر أنّ الوقود المقطوع كلياً عن قطاع غزة، منذ بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع المحاصر، من الضروري إدخاله بصورة عاجلة من أجل تشغيل المستشفيات ومحطات تحلية المياه بالدرجة الأولى.
ولفت لازاريني إلى أنّ المساعدات، التي يُصار إدخالها إلى قطاع غزة من خلال معبر رفح الحدودي مع مصر، غير كافية، مشدّداً على وجوب فتح كلّ المعابر المؤدية إلى غزة لتوفير ما يلزم. ورأى أنّ التقييد المشدّد في ما يخصّ الغذاء والمياه والدواء يُعَدّ "عقاباً جماعياً" مفروضاً على سكان القطاع.
لكنّ المسؤول الأممي أفاد بأنّ المساعدات الإنسانية وحدها لا تستطيع سدّ احتياجات سكان قطاع غزة، مشيراً إلى ضرورة إعادة تفعيل الخدمات البلدية المختلفة كذلك، من قبيل إدارة النفايات والمياه.
تحذير أممي من "نزوح جماعي محتمل" في لبنان
من جهة أخرى، أفادت وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بأنّها تسعى إلى جمع 481 مليون دولار أميركي، تخصّصه لقطاع غزة بسبب الدمار غير المسبوق فيه، وللضفة الغربية المحتلة بسبب احتياجاتها المتزايدة، وللبنان بسبب نزوح جماعي محتمل للاجئين الفلسطينيين فيه.
وذكر المفوّض العام لوكالة أونروا فيليب لازاريني أنّ "بعد شهر من الحصار المطبق والحرب الضروس، الاحتياجات الإنسانية في قطاع غزة هائلة"، مؤكداً أنّها "تتزايد بمرور الوقت".
وأوضحت "أونروا"، في بيان، أنّ الأموال سوف تُستخدَم في تقديم المساعدات الغذائية الأساسية والملاجئ والمياه وخدمات الصرف الصحي إلى 1.6 مليون شخص في قطاع غزة، وتوفير الرعاية الصحية والحماية لسكان الضفة الغربية المحتلة.
أضافت أنّ التمويل ضروري كذلك بالنسبة إلى لبنان، "تحسّباً لنزوح جماعي محتمل للاجئين الفلسطينيين، وبالتحديد في منطقتَي صيدا وصور في جنوب البلاد".
وكانت الأمم المتحدة قد أشارت إلى أنّ عشرات الآلاف نزحوا بالفعل من جرّاء الاشتباكات على الحدود الإسرائيلية-اللبنانية، التي تصاعدت منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
ويأتي هذا النداء الجديد عقب نداء سابق وجّهته الأمم المتحدة الأسبوع الماضي لجمع 1.2 مليار دولار.