أهالي طفس السورية.. يفرون من جحيم الاشتباكات إلى مخاطر الهجرة السرية

02 سبتمبر 2024
قوارب الموت تحصد حياة مئات المهاجرين، اليونان، يونيو 2023 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **الهجرة السرية كملاذ أخير:** تعاني طفس من نزاعات مسلحة، مما يدفع الأهالي للهجرة السرية رغم المخاطر، حيث يفقد العديد حياتهم غرقاً أو يقعون في الأسر.
- **مأساة المفقودين والمحتجزين:** فقد الاتصال بعدد من المهاجرين من طفس، ونشر موقع درعا 24 أسماء 16 مفقوداً، بينما أكد فيديو مسرّب وجود 130 محتجزاً في ليبيا.
- **استمرار الهجرة رغم المخاطر:** رغم المخاطر، يواصل أهالي طفس الهجرة بحثاً عن الأمان، حيث وصل أكثر من 50 مهاجراً إلى أوروبا مؤخراً، بينما لاقى آخرون حتفهم.

لم يجد أهالي مدينة طفس الواقعة في ريف درعا جنوبي سورية سبيلاً لتحسين أوضاعهم المعيشية سوى الهجرة السرية رغم خطورة الطرق، فراراً من الصراعات المسلحة التي تشهدها المدينة بين قوات النظام السوري ومجموعات مسلحة، ما يتسبب في عدم معرفة عشرات الأسر مصير أبنائهم من المفقودين أو المجهول مصيرهم بين الموت غرقاً أو الوقوع في براثن الأسر والخطف لدى مجموعات مسلحة ليبية خلال رحلتهم نحو شواطئ أوروبا مروراً بالساحل الليبي.

الثلاثاء الماضي، فقد عدد من أهالي طفس الاتصال بذويهم، بعد ساعتين من انطلاق قارب للهجرة السرية من السواحل الليبية نحو إيطاليا، وقال أحد أهالي طفس لـ"العربي الجديد": "لم ترد أي معلومات من خفر السواحل الليبي أو الإيطالي تؤكد أو تنفي خبر العثور على القارب أو أي جثث في البحر المتوسط". مضيفاً: "الأمل الوحيد المتبقي هو أن تكون إحدى المليشيات الليبية قد عثرت عليهم ولم تُبلغ عنهم حتى الآن أو احتجزتهم مقابل دفع فدية".
ونشر موقع درعا 24 أسماء 16 شخصاً من أهالي طفس، بينهم 5 أطفال معظمهم من عائلة الرواشدة، في حين ذكرت صفحات محلية أسماء عدد آخر من المفقودين على نفس القارب، بينهم 3 أشخاص من عائلة "المبارك" من مدينة درعا. وفي ذات السياق ما زال مصير ثلاثة شبّان من عائلات الخليل والحريدين والشمالي" من نفس المدينة مجهولاً منذ فقدهم برحلة أخرى حملتهم من الشواطئ الليبية  قبل حوالي العشرين يوم.

أهالي مدينة طفس والفرار إلى الموت 

ومنذ حادثة قارب الموت الشهيرة في يونيو/ حزيران 2023 التي راح ضحيتها أكثر من 70 شخصاً من محافظة درعا العديد منهم من مدينة طفس، تؤكد المعلومات المتناقلة أن مصير العشرات من المفقودين من أبناء المحافظة ما زال مجهولاً، ويوضح الناشط الاعلامي في درعا أحمد المقداد لـ"العربي الجديد" إن مأساة مدينة طفس تندرج تحت مسمى المأساة السورية المتوالية، فهذه المدينة التي تشهد صراعات مسلحة بين قوات النظام السوري ومجموعات مسلحة، دفعت العديد من الأهالي لسلوك طرق الهجرة السرية مهما كان الثمن. مضيفاً أن المهاجرين، بينهم أطفال ونساء، معرضون للموت بأي لحظة، عدا عن الاعتقال والخطف في حال وصولهم إلى ليبيا، وهو الطريق شبه الوحيد أمام أهالي درعا الذين أغلقت بوجههم كل الطرق السابقة.

وكان موقع "تجمع أبناء حوران" قد بث، أمس السبت، فيديو مسرّب من داخل أحد المعتقلات التابعة لمليشيات الخطف في ميناء زوارة الليبي، يؤكد وجود 130 محتجزاً، بينهم 18 امرأة، معظمهم سوريون، وعدد غير معروف من أبناء محافظة درعا، يتعرضون للتجويع والتعطيش وللموت بانتظار أن ترسل عائلاتهم آلاف الدولارات لقاء الإفراج عنهم. 
وناشد أحد المحتجزين، في مقطع فيديو مسجل يوم 27 أغسطس الماضي، أهالي ليبيا والمنظمات الدولية العمل على فك احتجازهم. كما طالب كل السوريين بعدم سلك الطرق إلى ليبيا بقصد الهجرة، لأنها تعني الموت أو الأسر. 

يقول (ج. ر) أحد المقربين من ضحايا مدينة طفس لـ"العربي الجديد"، مفضّلاً عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية؛ إنه لم يعد هناك حلول للعيش بأمان أمام الشباب، ويبقى احتمال الوصول إلى أوروبا والعيش بكرامة للعديد من أبناء المحافظة هو الأقرب والأكثر فرصاً للأمان مقارنة بحالات الخوف والرعب والملاحقة والاغتيالات التي تشهدها المحافظة كل يوم. 

تشهد مدينة طفس نزاعات مسلحة شبه يومية بين فصائل ومجموعات ذات تبعيات مختلفة وبين بعض العائلات في البلدة

يضيف: "وصل في شهر يوليو الماضي إلى أوروبا أكثر من 50 مهاجراً من مدينة طفس وحدها ومثلهم من باقي بلدات المحافظة، ولاقى آخرون الموت غرقاً والبعض ما زال يحاول عبر السواحل الليبية أو المصرية، وهناك من هم في المعتقلات الليبية وسيحاولون لاحقاً على الرغم من كل المخاطر. ومع هذا لا يتجاوز عدد الذين قضوا غرقاً في البحر أو عطشاً في الصحراء خلال الأشهر القليلة الماضية 20 إلى 25 من محافظة درعا، بينما سجلت الإحصاءات الرسمية خلال شهر يوليو الماضي أكثر من 50 قتيلاً نتيجة أعمال العنف في المحافظة ومثلها في كل شهر، وهذا بحد ذاته يدفع كل شاب للهجرة رغم المخاطر الكبيرة". 

وتشهد مدينة طفس نزاعات مسلحة شبه يومية بين فصائل ومجموعات ذات تبعيات مختلفة وبين بعض العائلات في البلدة، وهو ما جعل المدينة وفقا لـ(ج.ر) تعاني من حالة من الفلتان الأمني الذي تُديره الأجهزة الأمنية والمجموعات التابعة أو المعارضة، والتي تدفع بدورها لحالة من عدم الاستقرار تجبر الكثير من الأهالي للهجرة حتى لو كان طريقها محفوفاً بالمخاطر. 

وفي هذا الشأن يقول جميل غزاوي لـ"العربي الجديد": "تشهد مدينة طفس حالة من عدم الاستقرار الأمني منذ المصالحات ودخول جيش النظام والقوى الأمنية إلى البلدة في أغسطس من العام الماضي، قابل هذه حركة نزوح داخلي وهجرة كبيرة إلى أوروبا، وهناك العشرات من أبناء البلدة ما زالوا عالقين في ليبيا ومصر ولبنان بانتظار فرصة الرحيل". مضيفاً أن العديد منهم يتعرضون لأعمال الاحتيال والنصب كما يتعرض آخرون للموت غرقاً. 

وفي ذات السياق أكد مكتب ليبيا التابع للمنظم الدولية للهجرة (IOM) في تقرير تناقلته وسائل الإعلام، إن أكثر من 1000 مهاجرٍ لقوا حتفهم أو فُقِدوا في وسط البحر الأبيض المتوسط منذ بداية العام الحالي. مضيفاً أن بياناته الرسمية تؤكد وفاة 421 مهاجراً في أثناء محاولة عبور البحر المتوسط للوصول إلى أوروبا، بينما لا يزال 603 في عداد المفقودين، مما يرفع إجمالي عدد الضحايا إلى 1024 شخصاً منذ بداية العام. 

المساهمون