ألوان الطيف

30 يونيو 2021
قوس قزح فوق أنقرة (متين أكتس/ الأناضول)
+ الخط -

إذا كان الطيف هو عرض لكثافة الإشعاعات، فإنّ فرقة "ألوان الطيف" الغنائية هي عرض لكثافة إشعاع معرفي بيئي أصيل زيّن ولم يزل سماء السودان بإبداعات الأطفال
يقول العلماء إنّ "قوس القزح، أو قوس المطر ظاهرة فيزيائية طبيعية تحدث نتيجة لانكسار ضوء الشمس وتحلّله عبر قطرات المطر العالقة في الفضاء، فيظهر الطيف بألوانه السبعة".
حين ظهرت الفرقة الغنائية بألوانها السبعة عام 1985 لم تُبقنا عند حدود الصورة، إذ أخذتنا زقزقة الأصوات إلى عوالم من الدهشة، لتكمل الكلمات الصورة.
"أوعك تقطع صفقة شجرة عشان ما يجينا جفاف وتصحّر"
وقتها كانت موجة الجفاف العاتية ضربت الساحل الأفريقي، وطوّق النازحون البيئيون العاصمة الخرطوم والمدن الكبرى، ليحدثنا الخبراء عن تفريطنا في الغطاء النباتي، واستخداماتنا غير الرشيدة للأرض والموارد.
"أوعك تقطع صفقة شجرة"
الرسالة في زمانها ومكانها من وجدان الإنسان السوداني الذي عرف باكراً مساهمة ثقافة الطفل في التربية، وبناء نظام القيم الموجبة. فقد أدخل التربويون الأوائل أناشيد الأطفال ذات المعاني التربوية في المنهج التعليمي. وبينهم من كتب لاحقاً لألوان الطّيف مثل الأستاذ، الفكي عبد الرحمن، معد ومقدم برنامج "ركنُ الأطفال" في إذاعة السودان طوال عشرات السنين.
هدف التربية عند الكاتب الفرنسي جان جاك روسو هو "أن يتعلم الإنسان كيف يعيش. وعلينا أن نترك فرصة كي ينمّي الطفل مواهبه الطبيعية، ونقدّم له معلومات يحتاجها". وهو ما يتوافق مع مضمون المادة 13 من اتفاقية حقوق الطفل، التي تنصّ على أنّ "للطفل الحق في التعبير، وطلب كلّ المعلومات والمعارف، وتلقيها وإذاعتها".

موقف
التحديثات الحية

قليلون وقفوا (عملياً) عند مفردة "إذاعتها" وأدركوا أنّها دعوة إلى توظيف أدب وفنون الطفل في نشر الوعي بقضايا البيئة. وهذه خطوات بدأت لدينا كمهتمين بالشأن من أقصى تنامي الإحساس بإهمال هذه الشريحة، ليصبحوا يتامى ثقافة يقتاتون على موائد الكبار، وانتهت باقتحامنا المجال إيماناً منا بأنّ "لطف الأواني في الحقيقة تابع للطف المعاني، والمعاني بها تسمو" كما تقول الصوفية، فالأطفال بميلهم الفطري للغناء لديهم قدرة توصيل أعمق الرسائل بأيسر الطرق. كما يلاحظ الموسيقار السوداني عثمان النو، أنّ "الأغنية من أهم عناصر الاحتفال، وأنجح وسائل نقل المعرفة".
تكاملت الفكرة لدى المعلم والموسيقي الأستاذ عبد الحميد الشبلي، مؤسس الفرقة وراعيها والقائم عليها لسنوات شهدت تسجيل أكثر من 40 عملاً للإذاعات والقنوات، ما جعل الاحتفاء بالفرقة يتعدى حدود الجغرافيا، إذ جرى تكريمها في برنامج "غلوبال" بجنوب أفريقيا عام 1995. كما شاركت الفرقة في مهرجانات عالمية للأطفال العالمية. 
وحصل التكريم الأخير في 6 يونيو/ حزيران الجاري، حين مُنحت كمؤسسة، جائزة المواطنة البيئية، من "مركز معتصم نمر للثقافة البيئية" بالمشاركة مع صاحب مبادرة إنقاذ الأسود (مبادرة شبابية لإنقاذ مجموعة من الأسود الهزيلة في حديقة حيوان القرشي)، ومجموعة "نساء حي الخرطوم 3" اللواتي حولن مكبات نفايات إلى حدائق، وزيّنّ الشوارع بالورود والأشجار، وأبعدن أذى القمامة عنها.
(متخصص في شؤون البيئة)

المساهمون