استمع إلى الملخص
- ألقت النائبة كلارا بونغر باللوم على السياسيين في تأجيج العنف، مشيرة إلى تأثير الشعارات العنصرية ووسائل التواصل الاجتماعي، وزيادة العنف بسبب الحرب في غزة.
- يعاني اللاجئون من تراجع الاهتمام الإداري وزيادة العنصرية، بينما تسعى الحكومة لتعزيز الردع من خلال تعديل قانون الأسلحة ومنح الشرطة مزيداً من الصلاحيات.
أفادت الحكومة الألمانية بأن الشرطة سجلت خلال النصف الأول من العام الحالي أكثر من 500 هجوم على لاجئين وطالبي لجوء في أنحاء البلاد، من بينها 286 هجوماً في الربع الثاني من العام، وأظهرت النتائج التي توصل إليها المحققون أن معظم الجرائم مدفوعة بسياسات يمينية متطرفة، ما يمثل مشكلة كبيرة.
جاء الإحصاء الحكومي رداً على طلب إحاطة من كتلة حزب اليسار في البرلمان حول العنف ضد طالبي اللجوء، وأبرز أن نحو 456 اعتداء ارتكبها منتمون إلى اليمين المتطرف، وأن أكثريتها اعتداءات لفظية، إضافة إلى بعض الأذى الجسدي والتحريض والكراهية والعنصرية. ونقلت صحيفة "نويه أوسنبروكرتسايتونغ" عن مصادر في الشرطة أنه أصيب 46 شخصاً من بينهم 6 أطفال خارج مراكز إيواء اللاجئين، فيما وقع 69 هجوماً على أماكن إقامة لاجئين، وأن الجرائم وقع معظمها في ولايتي ساكسونيا وتورينغن، بواقع 41 و35 على التوالي، و31 في بافاريا، و30 في ساكسونيا السفلى، و29 في براندنبورغ.
يأتي ذلك في ظل دعوات إلى زيادة عمليات الترحيل، حتى أن أعضاء في الحكومة يلقون باللوم على اللاجئين في المشاكل الاجتماعية، ووصل الأمر ببعضهم إلى وصفهم بـ"الغزاة".
في السياق، ألقت النائبة في البرلمان المنتمية إلى حزب اليسار، كلارا بونغر، باللوم على المسؤولين السياسيين، مؤكدة أن "العنصريين يشعرون بالقدرة على مطاردة وترهيب اللاجئين، ومن المعروف أن هناك علاقة وثيقة بين الشعارات العنصرية التي يصدرها السياسيون، وتلك التعبئة العنصرية في الشوارع، خصوصاً من السياسيين الشعبويين اليمينيين، وكذا الإعلان عن عمليات ترحيل على نطاق واسع من قبل أعضاء في الحكومة الفيدرالية".
استفزت الحرب في غزة والتظاهرات المؤيدة لفلسطين اليمين الألماني المتطرف
وحول تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على زيادة العنف، بينت مجموعة "دويتشلاندفونك" أن شبكة الإنترنت يمكن أن تكون مكاناً لترويج العنف، ونقلت عن رئيس مكتب لجنة مكافحة العنف في ولاية برلين، أنغو سيبرت، أنه ينبغي التعامل بصرامة مع العنف الذي يحض على الكراهية، وأن اللجنة تراقب العلاقة بين العنف عبر الإنترنت وفي الأماكن العامة. معرباً عن اعتقاده بأن "هناك إمكانية لتوقّع انخفاض سريع في معدلات العنف التي تتزايد خلال الأزمات"، في إشارة إلى أن الحرب في غزة والمظاهرات المؤيدة للشعب الفلسطيني استفزتا اليمين الشعبوي المتطرف الناقم على الأجانب واللاجئين.
من جانبه، اعتبر اللاجئ سليمان، المقيم في ألمانيا منذ عام 2016، أن معاملة الموظفين في إدارات الدولة تبدلت خلال الفترة الماضية، إذ تراجع الاهتمام، وزادت أوقات الانتظار لإنجاز أو متابعة أي طلب يخص الحاصلين على حق اللجوء. وهو يعزو ذلك إلى موجات التشويه التي يمارسها اليمين المتطرف، والضغينة ضد اللاجئين، وأنه يسمع بشكل متكرر كلاماً مسيئاً مثل وصفهم بـ"الغرباء"، فضلاً عن حملات التضليل التي تصف المهاجرين الملتحين بأنهم إرهابيون، والهدف عادة هو إثارة مخاوف الناس من تدفق اللاجئين، من دون تجاهل تصرفات بعض اللاجئين المسيئة.
ويقول اللاجئ صبحي: "يتعرض العديد من اللاجئين لمضايقات، وعادة ما يتجاوزونها، لكن في لحظات معينة يفقد الشخص السيطرة على أعصابه بسبب العنصرية المقيتة. أصبحنا متهمين بالاستفادة من أموال الرعاية الحكومية، بينما الحقيقة مغايرة تماماً، وأغلبية من وصلوا إلى ألمانيا خلال السنوات الماضية انخرطوا في سوق العمل، وكثيرون يتابعون دراساتهم المهنية بغية الحصول على شهادة تخولهم العمل، وبعضهم قاب قوسين من الحصول على الإجازة بعد أن تعلموا اللغة الألمانية".
يضيف: "هناك مجموعة من حملة الإجازات الجامعية الذين تطلّب منهم الأمر بعض التدريب كي يتم الاعتراف بهم في مجالات مثل الطب والصيدلة والرعاية الاجتماعية والبرمجة وغيرها، وبتنا نصادفهم عند زيارة مستشفى أو صيدلية، ناهيك عن مهنيين انخرطوا في شركات صناعية، وحققوا لأنفسهم ما حلموا به من الحصول على الجنسية، أو الاستحواذ على قرض سكني لتملك شقة. المواقف المناهضة للاجئين لا يمكن أن تنتهي، ومعظمها ذات دوافع سياسية من اليمين المتطرف، وحتى من بعض الأحزاب التقليدية لمغازلة جمهورها".
وأفاد المكتب الجنائي الفيدرالي، أخيراً، بأن عدد التهديدات "الإسلامية" في البلاد آخذ في الانخفاض. وذكرت شبكة التحرير الألمانية أنه لا يمكن بالإحباط وتغييب وجهات النظر، ولا بالمخاوف المزعومة، أو بحقيقة أن هناك مجرمين بين اللاجئين، تبرير مثل هذا النهج العنصري، وأنه من الواضح أن المجتمع لا يستفيد عندما تكون استجابة من يتولون زمام الأمور للمشاكل هي الإقصاء والبغضاء واحتقار الآخرين.
ومن أجل زيادة فعالية الردع ضد العنف، تعتزم وزيرة الداخلية نانسي فيزر العمل على تعديل قانون الأسلحة، ومن بين المقترحات تقييد استخدام السكاكين المطوية بالجيب، وعدم السماح بحمل السكاكين إلا إذا كانت شفراتها لا تزيد عن 6 سنتيمترات، بدلا من 12 سنتيمترا كما هو معمول به حالياً، وكذلك فرض مناطق يحظر فيها حمل الأسلحة والسكاكين.
في المقابل، وصف وزير داخلية ولاية بافاريا، يواخيم هيرمان، خطط فيرز بأنها لا يمكن أن تنهي الجرائم، فضلاً عن صعوبة تطبيق الحظر في الأماكن المزدحمة، مقترحاً أن يتم منح الشرطة مزيدا من صلاحيات التفتيش، والتركيز بشكل أكبر على مرتكبي الجرائم المكررة.
بدوره، اعتبر الكاتب يورن لوترباخ، في صحيفة "دي فيلت"، أنه لا يمكن لحظر السكاكين أن يحل محل سياسة اللجوء المنظمة، وإذا ما أرادت الدولة حقاً إظهار قوتها، فيتعين عليها أن تستهدف الجناة، فقوة القانون ترتبط بشكل مباشر بمدى تنفيذه على الأرض.