أفغانستان: موظفون حكوميون أذلّتهم البطالة

30 أكتوبر 2021
يعمل في توضيب لفائف تين (جاويد تنوير/ فرانس برس)
+ الخط -

عمل أمين الله صافي جندياً في الجيش الأفغاني قبل أن تسيطر حركة "طالبان" على البلاد نهاية أغسطس/ آب الماضي، وتقاضى راتباً جيداً يسيّر به أمور عائلته، لكنه بات بلا عمل اليوم، وانتقل إلى مسح الأحذية في أسواق مدينة جلال آباد (شرق) للحصول على لقمة العيش. وحاله تشبه حال آلاف الشبان الذين باتوا بلا عمل في ظل حكم "طالبان"، ويمارسون أي مهنة للحصول على أجر يومي.
يقول أمين الله لـ"العربي الجديد": "كنت أؤدي وظيفتي في صفوف الجيش حين سقطت العاصمة كابول في يد طالبان نهاية أغسطس/ آب الماضي، حين كنت أنتظر الحصول على راتبي الشهري الذي لم أتسلمه لاحقاً. غادرت القاعدة العسكرية مع بعض رفاقي وقدمت إلى كابول، ثم انتقلت إلى منزلي في جلال آباد. بقيت أياماً فيه، وكان الفقر يحيط بي من كل ناحية فاضطررت في نهاية الأمر إلى الخروج، وحصلت على عمل في تصميم المنازل والذي جعلني أصاب بجروح في يدي، فتركت هذا العمل بعد أيام، وبحثت عن آخر في محال تجارية، وهو ما لم أجده. ثم قررت أن أمتهن مسح الأحذية وصبغها في أسواق جلال آباد، وأنا أتجول يومياً بين الفنادق لكسب رزق يناهز 120 أفغانية (أقل من دولار ونصف)، كي أجلب الخبز لأشقائي وشقيقاتي الأصغر سناً".
يضيف: "خطبت فتاة قبل عام، وكنت أحاول جمع أموال من راتبي لحفلة الزفاف. لكن بعد التحولات الأخيرة باتت أسرتي تفتقر إلى لقمة العيش، فتأجل مشروع الزفاف في الوقت الراهن، باعتبار أن ما أكسبه يكفي فقط لتأمين الخبز لأسرتي".

قضايا وناس
التحديثات الحية

من جهتها، تجلس كريمة وقد غطت نفسها بخمار كبير، على قارعة طريق في سوق شهر نو بالعاصمة كابول، وأمامها أنواع من فراشي أحذية ودهون مختلفة، وإلى جانبها تجلس ابنتها الصغيرة نورينه التي تعرض على المارة تنظيف أحذيتهم مقابل عشر أفغانيات (40 سنتاً)، والبعض يختار تنظيف الأحذية، فيما يدفع آخرون المال لنورينه من دون القيام بذلك.
تقول كريمة لـ"العربي الجديد": "كان زوجي يعمل في البلدية، ويتقاضى راتباً جيداً، لكنه لم يحصل على مال طوال ثلاثة أشهر، وأصابته وعكة صحية بسبب مشكلة في الظهر، فبات يجلس في المنزل في ظل عدم قدرته على العمل. لكن هذا الوضع جعلنا نواجه مشاكل كبيرة على صعيد الفقر وشح الاحتياجات الأولية، ما جعلنا لا نجد حتى الخبز الجاف في البيت، فلم يبقَ أمامي إلا الخروج إلى السوق والعمل بنفسي. وأنا أكسب يومياً عن طريق مسح الأحذية أو التبرعات التي يقدمها لنا الناس بين 500 أفغانية (5.5 دولارات) و600 أفغانية (7 دولارات)، لكنني أشعر بخجل كبير حين أمدّ يدي للناس، والذي لا مفرّ منه لأنني أحتاج إلى تأمين رزق أولادي والذي أحصل عليه بهذه الطريقة. وفي حال شفي زوجي وعاد إلى العمل، ثم بدأت حكومة طالبان في دفع الرواتب، سأترك هذه المهنة وأعود إلى البيت لأهتم بزوجي وأولادي".

ينقل السجاد في كابول (هوشانغ هاشمي/ فرانس برس)
ينقل السجاد في كابول (هوشانغ هاشمي/ فرانس برس)

تنتشر البطالة في أفغانستان، لكن وطأتها زادت بعد سيطرة "طالبان" على الحكم، وعدم وضعها أي خطة للقضاء عليها وتوظيف الناس. يقول الناشط بلال أحمد يوسفي لـ"العربي الجديد": "المعضلة الأساس التي تواجهها طالبان تتمثل في سوء الوضع الاقتصادي في البلاد، وعدم امتلاكها أي برنامج للتصدي له، كما أنها عطلت عمل شريحة كبيرة من الموظفين الحكوميين". يضيف: "مع مضي الأيام، يبدو أن طالبان غير مستعدة لمواجهة الأزمة الاقتصادية، وليست قادرة أيضاً على احتواء تأثيراتها، في حين تبدو مشغولة بترتيب بيتها الداخلي".

إلى ذلك، يقول محمد زبير قائم الذي عمل في صفوف الشرطة سابقاً قبل أن ينضم إلى آلاف العاطلين عن العمل، في حديثه لـ"العربي الجديد": "أحاول بناء دكان صغير قرب منزلي لبيع مواد أولية للناس من أغذية وغيرها، كي أسدّ احتياجات منزلي". يضيف: "لم تدعونا طالبان حتى الآن إلى استئناف العمل، لكنني ما زلت أنتظر، وأتوقع ذلك عاجلاً أم آجلاً، لأن تسيير أمور البلاد لا يحصل بلا وجود الشرطة، كما أن طالبان وعدت بإعادة تأسيس كيان الشرطة. ولأنني أواجه مشاكل جمّة في المنزل، قررت أن أقوم بعمل بديل في انتظار دعوتي مجدداً إلى صفوف الشرطة".

المساهمون