يشتكي معظم المواطنين في أفغانستان من أن عناصر جهاز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التابع لحركة طالبان يتعاملون معهم بقسوة وعنف، ويُخضعونهم للاستجواب تحت أي ذريعة.
يقول محمد مصطفى وردك، أحد الزعماء القبليين في ولاية وردك غربي العاصمة الأفغانية كابول، لـ"العربي الجديد"، إن حكومة حركة "طالبان" حققت نجاحات أمنية واقتصادية، واهتمت بضبط أمور حياتية حيوية، وفي مقدمها الأسعار وصلاحيات المواد الغذائية والسلع التي يحتاج إليها المواطنون، ويرى أن تعامل المسؤولين مناسب جداً عموماً، لكنه يستثني من هذه الحال عناصر جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذين يشتكي مواطنون كثيرون من تصرفاتهم غير المناسبة في حقهم، وتعاملهم القاسي معهم في حالات لا تستدعي ذلك، وتجاوزهم الصلاحيات الممنوحة لهم أحياناً.
وفيما تقول الحكومة إن "وظيفة رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنحصر في تقديم نصائح"، ينقل مواطنون شهادات لممارسة هؤلاء الرجال أعمال عنف وضرب أشخاص يعارضون هذه النصائح أحياناً، وأيضاً في حق أشخاص قد يستجوبونهم لأسباب غير محددة أو تافهة.
ويوضح وردك أن "المشكلة تتمثل في أن بعض رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غير مثقفين، ولا يعرفون من الدين سوى طقوس خاصة، وهم يريدون أن يسير الجميع على النهج الذي يحلو لهم استناداً إلى الدين أو إلى أفكار أخرى خاصة بهم قد لا تتماشى مع أعراف الناس وتقاليدهم، علماً أن التقاليد الأفغانية تعتبر أنه من العيب جداً أن يرفع رجل يده على امرأة أو رجل مسن أو شيخ، لكن رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يفعلون ذلك بلا تردد على مرأى الجميع".
وحول تعامل رجال جهاز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الناس، يقول عز الدين، أحد سكان مدينة جلال آباد، لـ"العربي الجديد" إنها متباينة بين رجال الجهاز، ويعامل بعضهم الناس بطريقة جيدة. يضيف: "حين أتوجه من منزلي في جلال آباد إلى مكان عملي في كابول أرى أن رجال الجهاز يوقفون سيارات في بعض الحالات، ويخاطبون الناس بأدب خاصة النساء وكبار السن. وبالطبع قد يوجد بينهم عناصر لا يتعاملون بشكل جيد مع الناس، فالقسوة موجودة في طبيعة الأفغان لأن بلدنا عاشت في أربعة عقود من الحروب". ويشير عز الدين إلى أن "جميع عناصر طالبان قدِموا من ميادين الحرب لذا تظهر قسوتهم في التعامل مع الناس. ونحن شعب يحتاج إلى كثير من الصبر وعدم الإفراط في القول والعمل، ومشكلتنا أننا نكبّر أخطاء هؤلاء الناس، ونفكر دائماً في السلبيات من دون أن ننظر إلى الإيجابيات، فلا شك في أن هؤلاء الرجال قضوا على الكثير من المساوئ الخلقية التي كانت ستدمر الأجيال القادمة".
وفي كل الأحوال، يبدو أن حكومة "طالبان" تنبهت إلى الشكاوى من ممارسات رجال جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذ طالبت أصوات داخلها بأن يحرص رجال الجهاز على معاملة المواطنين بالحسنى. وكان وزير الداخلية الملا سراج الدين حقاني ووزير الدفاع الملا محمد يعقوب مجاهد أكدا مرات ضرورة أن يتعامل كل عناصر طالبان بمرونة مع الشعب، وأن يتجنبوا أية ممارسات قاسية معه. ثم طالب نائب رئيس الوزراء الملا عبد الكبير هؤلاء العناصر بأن يغيّروا طريقة تعاملهم مع الشعب، وقال في خطاب ألقاه خلال اجتماع عقدته الحكومة في 7 فبراير/ شباط الجاري: "أدعو عناصر هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى التعامل بشكل مرن وسهل مع أبناء الشعب الذين عانوا كثيراً خلال العقود الماضية، ولا يتحملون بأي شكل أي نوع من التصرفات الشديدة".
وذكر الملا عبد الكبير أنه تحدث مرات مع مسؤولين في وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في إطار اجتماعات رسمية، وطالبهم بأن يعيدوا النظر في أساليب تعاملهم مع أبناء الشعب، وفرض عقوبات تختلف بحسب مستوى المخالفات، "إذ لا يعقل معاقبة شخص على أمر صغير بفرض عقوبة أمور كبيرة عليه. تحتاج أمور إلى التوصية والإرشاد والحكمة والتعامل الحسن، وهو ما يجب أن يدركه الجميع، وحكومة طالبان منتبهة إلى كل الأمور، وترفض أن يتعرض أي مواطن لظلم".