أطفال مصر فاعلون في دعم القضية الفلسطينية

11 ديسمبر 2023
يتفاعل أطفال مصر مع الواقع الصعب في غزة (محمد حسام/Getty)
+ الخط -

لم تؤثر أخبار العدوان على غزة على الشباب وكبار السن في مصر فقط، بل امتد الأمر إلى الأطفال الذين واجهوا تحوّلات جذرية في السلوك وأسلوب الحديث بعدما ألقت الحرب بظلالها على كل تفاصيل الحياة، وتتباين أشكال تضامن الأطفال مع غزة من المشاركة في الفعّاليات، وتظاهرات التضامن، إلى رفع العلم الفلسطيني، وارتداء الكوفية.
ومع اشتداد وطأة الحرب، يبدي العديد من أطفال مصر أشكالاً من الدعم لصمود أهالي غزة، وشارك مؤثرون منهم على مواقع التواصل الاجتماعي في دعوات جمع التبرعات والمساعدات، ودعم حملات المقاطعة.
تقول سماح أحمد، وهي ربّة منزل، لـ"العربي الجديد": "أثّرت الأجواء منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، والصور المرعبة لحجم الدمار والضحايا الأبرياء في جميع أفراد الأسر المصرية. ولاحظت أن أطفالي في المرحلة الابتدائية تأثروا إيجاباً بالحرب، وتعلموا مفردات جديدة تتعلق بالمقاومة والنضال من خلال وسائل الإعلام والنقاشات في المنزل. وأنا أشعر بفخر عندما يتحدثون عن حقوق الشعب الفلسطيني، وتحرير الأرض والعدالة".
تتابع: "تعلّم أبنائي من النقاشات مع أصدقائهم حول القضية الفلسطينية مفاهيم جديدة حول التاريخ، وجرائم إسرائيل ضد العرب والمسلمين، وأصبحوا يدركون أهمية الوقوف ضد الظلم، والعمل من أجل العدالة، وهم يتطلعون إلى معرفة المزيد عن التاريخ والثقافة الفلسطينية، ودور النضال في تحقيق الحرية".
ويقول تامر سمير، وهو موظف حكومي: "رأيت حماسة كبيرة لدى ابني الطالب في المرحلة الثانوية لمقاطعة منتجات الدول والشركات التي تدعم إسرائيل. وهو يعتبر ذلك أداة فعّالة للتعبير عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني ومعارضة السياسات الإسرائيلية، ويعلم بأنه يمكن استخدام التحركات الاقتصادية سلاحاً سلمياً للتأثير في القضايا العالمية".
يتابع: "معرفة أطفالي بمفهوم المقاومة والصمود لدى الشعب الفلسطيني تلهمهم وتعزز إرادتهم، وتجعلهم أكثر وعياً وقدرة على التعبير عن دعمهم لهذا الشعب، كما باتوا يملكون شغفاً كبيراً بقصص الصمود والنضال التي يسمعونها عن فلسطين، ويعبرون عن إعجابهم بالروح القوية والإرادة الصلبة للفلسطينيين".

الجيل الجديد في مصر يحتضن القضية الفلسطينية (محمد الشاهد/ الأناضول)
القضية الفلسطينية إلى أحضان الجيل الجديد في مصر (محمد الشاهد/الأناضول)

وتتحدث منى أحمد، وهي معلمة في محافظة الإسكندرية، لـ"العربي الجديد"، عن تأثر الأطفال بما يحدث في مدينة غزة، وتؤكد أن فعاليات التضامن شهدت تفاعلاً كبيراً، وأن الحزن يسيطر على الجميع، ومن بينهم الأطفال الذين دعموا القضية الفلسطينية من خلال ارتداء الكوفية، ورفع العلم الفلسطيني.
وتبدي أستاذة علم الاجتماع في جامعة الإسكندرية، نهلة إبراهيم، تفاؤلها بانغماس الأطفال والشباب  في تفاصيل ما يجري في فلسطين، واندماجهم الكامل مع معاناة أهالي غزة. تضيف: "تحدثنا أعواماً عن مخاطر انعزال الشبان عن القضية الفلسطينية التي ظلت عقوداً طويلة حجر الزاوية في بناء الوطنية والقومية العربية في نفوس المصريين، وشكلت وعيهم الوطني والعروبي، ثم جاء العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، ليعيد القضية إلى نفوس الجيل الجديد الذي تبنى مجدداً حب أرض فلسطين وشعبها، والاستعداد للتضحية من أجلهم".
وتعتبر أن "تفاعل الأطفال المصريين مع غزة يعكس قدرتهم على فهم الظروف الصعبة، وتحمّل المسؤولية الاجتماعية، رغم صغر سنهم وبراءة أرواحهم. هذا تحوّل إيجابي في الوعي السياسي يعزز الأمل في تحقيق تغيير في المستقبل، خاصة في ما يتعلق باندماجهم في مشاكل المجتمع، والشعور بقيمة ما يملكونه من مقومات".

ويقول استشاري الطب النفسي وسلوك الأطفال، وليد عبد العال، لـ"العربي الجديد": "يتأثر الأطفال بأنباء الحروب والصراعات المسلحة، وما تخلفه من قتل ودمار، ويواجهون اضطرابات نفسية شديدة، مثل القلق والاكتئاب واضطرابات النوم وتشتت التركيز، وقد يظهرون سلوكيات عدوانية أو انعزالية". وينصح بإيجاد توازن بين التربية الوطنية وإشعال الحس النضالي في نفوس الصغار، واتخاذ إجراءات فعّالة وشاملة لتخفيف تأثيرات الحرب والدمار عليهم، إلى جانب مناقشتهم لتصحيح المفاهيم والمعلومات الخاطئة.
ويؤكد عبد العال على ضرورة الحديث مع الأطفال عن الأحداث الجارية، والاعتداء الإسرائيلي على قطاع غزة بطريقة تناسب أعمارهم وفهمهم، ويشير إلى "تراجع اهتمام عدد كبير من الأطفال  بالألعاب التقليدية بشكل ملحوظ من جراء العدوان الإسرائيلي على غزة، والتحوّل إلى أخرى تعكس تجاربهم ومشاعرهم السلبية، ويشمل ذلك ألعاب الحروب والأسلحة، والتمثّل بشخصيات عسكرية، ما يعكس العنف الذي يرونه في الواقع".

المساهمون