استمع إلى الملخص
- أظهرت الدراسات أن بعض الأسر ذات الدخل المحدود تضطر للتسوق عبر الحدود الألمانية، حيث يعاني 17% من الأطفال الفقراء من تجنب وجبة يومية و21% من عدم الحصول على الأدوية.
- يؤثر الفقر على مستقبل الأطفال بتقليل فرص التعليم والتهميش الاجتماعي، مع دعوات لمراجعة السياسات الاجتماعية وتقديم دعم إضافي للأسر الفقيرة.
أظهرت أرقام رسمية حديثة في الدنمارك وجود نحو 47 ألف طفل فقير نتيجة نقص المال لدى أسرهم، ما يؤثر على فرصهم في الحصول على ما يحصل عليه غيرهم من طعام وترفيه وإجازات. ومع اقتراب أعياد نهاية رأس السنة وبدء تزيين الشوارع تطرح بقوة قضية الفقر النسبي بين عشرات آلاف أطفال البلد الإسكندنافي الذي يسكنه نحو 5.6 ملايين شخص، في ظل عيش أسرهم على الإعانات الاجتماعية، وعدم التحاق الوالدين بسوق العمل.
وتفيد دراسات أجريت أخيراً أن بعض الأسر التي لديها ثلاثة أطفال تحت سن الـ18 لا يبقى لديها إلا نحو 4 آلاف كرونة (أكثر بقليل من 500 يورو) للطعام والملابس والأنشطة الترفيهية، وذلك بعد دفع النفقات الثابتة الخاصة بفواتير الإيجار والمياه والتدفئة والكهرباء والتأمين. وعموماً تعتبر هيئة الإحصاء الدنماركية هذا المبلغ سقفاً لشخص واحد من أجل تصنيفه بأنه غير فقير في هذا البلد. وأيضاً كشفت شهادات أدلت بها أسر فقيرة اضطرارهم أحياناً إلى الذهاب إلى الحدود الألمانية الشمالية من أجل تسوق الطعام بأسعار أرخص والبحث عن عروض.
وأشار المسح الخاص بالسنة الحالية الذي أجرته مؤسسة "رامبول" بالتعاون مع مؤسسة "دانسك فولكاييلب"(العون الشعبي الدنماركي) وصندوق "إيغمونت" الإعلامي الاجتماعي، ومجلس الإنماء الاجتماعي الدنماركي، إلى أن نحو 17% من الأطفال الفقراء اضطروا إلى تجنب إحدى الوجبات اليومية من أجل توفير تكاليفها في الأشهر الثلاثة الماضية.
وشمل المسح 3600 أسرة يعيش فيها الوالد أو الوالدان على المساعدات المالية الشهرية المقدمة من البلديات، وأظهر أن 21% من الأطفال الفقراء (واحد من كل خمسة) اضطروا إلى الاستغناء عن أدوية وصفها أطباء خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وأن 60% من الآباء لم يستطيعوا توفير الملابس أو الأحذية اللازمة لأطفالهم.
وذكرت مديرة صندق "إيغمونت"، هايدي سورنسن، أن "الأطفال يستغنون عن أشياء أساسية جداً، علماً أن الدراسات التي يقدمها الإنماء الاجتماعي تشير إلى التأثيرات الاجتماعية السلبي على الأطفال، خصوصاً لناحية العزلة والتهميش".
وأظهرت الأرقام الخاصة بالأشهر الثلاثة الأخيرة أن 87% من الأطفال الفقراء في الدنمارك لم يجربوا قضاء إجازة بعيدة عن المنزل، ولم يذهب نحو 80% منهم للسباحة أو الجمباز أو كرة القدم أو غيرها من الأنشطة الترفيهية، ونحو 66% منهم إلى السينما أو المتاحف، ولم يحتفلوا بأعياد ميلادهم مع زملائهم في الفصل، و61% لم يدعوا أصدقاءهم لتناول وجبة أو الإقامة في منزلهم. وأوضحت سورنسن أن "العديد من الأنشطة التي لا يشارك فيها الأطفال تعتبر من أهم الأشياء إليهم، ويقود عدم انخراطهم فيها إلى تهميشهم اجتماعياً".
ورأى المجلس العمالي الدنماركي أن الفقر يؤثر على مستقبل الطفل فرداً بالغاً في المجتمع، وقال كبير محلليه ترولز لوند ينسن إن "سنة واحدة فقط من العيش طفلاً فقيراً تقلل فرصة حصوله على تعليم". وبحسب الأبحاث والدراسات الدنماركية عن فقر الأطفال يتجه الأطفال الأكبر سناً (فوق 14 عاماً) بسرعة نحو محاولة الحصول على المال من خلال العمل بدوام جزئي وأعمال أوقات الفراغ.
ومع كل تقرير سنوي عن فقر الأطفال يطرح الخبراء والمتخصصون في مجال رفاهية ورعاية الصغار مسؤولية الحكومات الدنماركية عن سياساتها الاجتماعية التي انتهجتها بعد عام 2015 بهدف الحدّ من قدوم لاجئين ومهاجرين إلى البلد. ومنذ ذلك العام تراجع سقف المساعدات الاجتماعية الشهرية كلما تراجع عدد ساعات عمل الوالدين، ما طرح نقاشاً جدياً لمراجعة تشديد القوانين وإيجاد بدائل تخفض نسبة الفقر بين الصغار.
ومع اعتراف أكبر أحزاب الائتلاف الحاكم، الحزب الاجتماعي الديمقراطي، بأن قوانين عام 2015 جاءت سياسية ومتسرعة لأن أحداً لم يتصور أن تؤدي إلى الفقر، تستهدف المراجعة التي تهدف إلى تخفيف وطأة فقر الصغار إلى تقديم الدواء مجاناً للأطفال ومنح الأسر بدلات ترفيه، إلى جانب تمكين الأسر من الحصول على دخل إضافي بقيمة 5 آلاف كرونة، مع عدم تفليص أي مساعدات شهرية، وتقديم ميزات وبدلات نقدية أخرى.