أطفال غزة يستشرِفون المُستقبل عبر مشاريع تقنية مجتمعية وإنسانية

20 يونيو 2023
يتنافس في (معرض المتميزون 23) 250 طفل وطفلة (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

تتشارك الطفلة جودي أبو جبل مع صديقتيها حلا شرف وسيلين أبو عبدة في مشروع لعبة "الكتكوت الطائر" التي تعمل على شد تركيز الطفل ولفت انتباهه وتنمية قدراته، كمحاولة لحل أزمة عدم استمتاع الأطفال بالألعاب ومللهم منها.

ويبرز "الكتكوت الطائر" كأحد المشاريع التي تم استعراضها، اليوم الثلاثاء، خلال معرض تكنولوجي أُقيم غربي غزة.
ويتنافس في (معرض المتميزون 23)، وهو أول معرض تقني طلابي على مستوى فلسطين، نحو 80 مشروعاً، يقدمها نحو 250 طفلاً وطفلة، تجمعوا تحت سقف واحد لعرض شغفهم، وما تعلموه، في المشاريع التقنية، والتي تُغطي ست فئات، وخمسة مجالات حياتية.

الصورة
أطفال غزة يستشرِفون المُستقبل (عبد الحكيم أبو رياش)

وتُناقِش المشاريع التقنية التي تم تقديمها خلال المعرض مجموعة من الفِئات، مثل الذكاء الاصطناعي، والبرمجة، كذلك عدة مجالات، مثل الإعاقة، وذوي الاحتياجات الخاصة، والألعاب، والبيئة، والتربة، والصحة العامة، وباقي المجالات التي تخدم المجتمع المحلي، إضافة إلى الروبوتات ذات الاختصاصات المختلفة، وعُلوم الفضاء والميتافيرس، وغيرها من العلوم الحديثة.
وتمُر صناعة المشاريع المُشارِكة بخطوات عدة، حيث يبدأ العام بطرح بعض المجالات، والأزمات التي يُعاني منها الشعب الفلسطيني، لمُحاولة حلها، فيما يبدأ الطلبة بالبحث، وصناعة نماذج صغيرة تُحاكي المشكلات المطروحة، وقولبتها مع المشرفين، والتعامل معها تقنياً، بالوسائل العلمية الحديثة.
وتقول الطفلة جودي أبو جبل لـ "العربي الجديد" إنها تلقت أساسيات برمجة وتصميم المشاريع التقنية ضمن أنشطة المدرسة، فيما توضح زميلتها حلا شرف أن المشروع يأتي في ظل التقليدية الشديدة التي يُعاني منها الأطفال نتيجة ملل الألعاب، ويُحاول تقديمها بقالب أكثر إثارة.

الصورة
أطفال غزة يستشرِفون المُستقبل (عبد الحكيم أبو رياش)

وفي نفس الإطار، شارك فريق "مبرمجو الألعاب"، المكوّن من أربع طفلات، في مشروع Space Ship والذي يطرح قضية تعلم الطلاب البرمجة من خلال برمجة الألعاب الخاصة بهم وتعلم كيفية التحكم بالشخصيات، وتوضح الطفلة نايا البربار أن اللاعب يقوم بالتحكم في حركة الشخصية من خلال الأسهم، ويجب عليه أن يتجنب الحواجز للوصول إلى الهدف، والانتقال إلى المرحلة الثانية التي تحتوي على أعداء، يجب أن يتجنبهم للوصول إلى الهدف والفوز.

وناقش مشروع "الباحثات المُبدعات" صعوبة إجراء الأطباء بعض العمليات الجراحية المعقدة والدقيقة والتي يصعب التحكم بها وإجراؤها، من خلال مشروع "بحث روبوت العمليات الجراحية"، وتُبين عضو الفريق الطفلة بانة منصور أنه عبارة عن روبوت يقوم بإجراء العمليات الجراحية المعقدة والدقيقة، من خلال تقنية الروبوت الآلي، حيث يقوم الطبيب بالإشراف على العملية، والتحكم ببعض الإجراءات الخاصة بها.

الصورة
أطفال غزة يستشرِفون المُستقبل (عبد الحكيم أبو رياش)

أما فريق GREAT MATES، المكون من ثلاثة أطفال، فيناقش قضية قلة الوقود والأضرار الناجمة عن استهلاكه، والتي طرحها ضمن فئة الإلكترونيات، ومجال الطاقة البديلة، ويقترح إنتاج الطاقة الحُرة المتجددة من خلال الطاقة الحركية، كما ناقش فريق ENR TECH قضية صعوبة حركة الكرسي المتحرك للأشخاص الذين يعانون من إعاقة حركية، وبتر بالأصابع أو شلل كلي، في مشروع "الكرسي المتحرك بحركة العين"، ويتناول حركة الكرسي المتحرك عن طريق حركة العين بهدف تسهيل الحركة للأشخاص الذين يعانون من بتر في الأصابع أو شلل كلي.

وكان للضوضاء داخل الفصل نصيب من المشاريع التي قدّمها الأطفال، حيث تشاركت طفلات فريق ALPHA GIRLS بطرح مشكلة تشتيت انتباه الطلاب داخل الفصل بسبب الضوضاء، وطرح الحل عبر جهاز يقوم بفحص الضوضاء داخل الفصل الدراسي، من خلال الإشارات الصوتية، كما تشارك فريق مكون من ثلاثة أطفال في مشروع روبوت تنظيف الأرضيات، لمساعدة ربات البيوت في المنازل بتخفيف الجهد البدني، عبر روبوت ينظف الأرضيات باستخدام تقنية "الأردوينو" بحيث يتم التحكم به عن بعد باستخدام البلوتوث من خلال تطبيق جوال.
وتنوعت المشاريع في المعرض، حيث ناقش الأطفال زحمة السير عبر تجسيد الطرقات والأرصفة، كذلك فكرة إنارة الشوارع المُظلِمة، كما ناقش ثلاثة أطفال الزراعة الهوائية، بفعل صعوبة تحديد البيئة المناسبة لنمو بعض النباتات، فيما تطرق أطفال آخرون لتصميم تطبيق إشارة للصم، يُحاول التغلب على صعوبة تفاهم الصم مع الآخرين، بينما شارك آخرون في حل مشكلة التخلص من الملابس القديمة، والكتب التعليمية بطريقة غير صحيحة، عبر مشروع "سلة التبرعات"، إلى جانب العديد من المشاريع الخدماتية، والمجتمعية.

الصورة
أطفال غزة يستشرِفون المُستقبل (عبد الحكيم أبو رياش)

وتضمن المعرض تنفيذ "هاكثون العمل الإنساني" تحت شعار "نُقيم حياة لحاضرنا وآتينا"، اشتمل على إطلاق خمس مُبادرات عن العمل الإنساني، إذ قام الأطفال بطرحها، وحاولوا إيجاد الحلول لمُعالجتها.
وعن تفاصيل الهاكثون توضح المنسقة الإعلامية للمعرض مدلين شقليه أن الأطفال تناولوا خمس قضايا مُجتمعية، وهي العنف ضد المرأة، وهجرة الشباب، وعمالة الأطفال، والتنمر على الأطفال، وتلوث البيئة وإعادة التدوير، وقد شارك في كُل مبادرة من 4 إلى 5 طلاب، حيث ناقشوا القضايا وطرحوا الحلول.
ويوضح مدير مركز الابتكار في مؤسسة المتميزون ماجد أبو الهنود أن معرض المتميزون 23، بنسخته الجديدة، يأتي للعام الثاني على التوالي بعد نجاح المعرض الأول، وذلك بهدف تشجيع الطلاب، وإظهار أعمالهم للنور، وتقديم مشاريعهم التكنولوجية المُبتكرة والمُتقدمة، للمجتمع المحلي.
ويبين أبو الهنود لـ "العربي الجديد" أن مشاريع الطلبة تطرح وتُقدم الحلول للمشكلات، المُتناغمة مع الأزمات التي يُعاني منها قِطاع غزة، ويضم المعرض نحو 80 مشروعاً، لقرابة 250 طالباً، تم تقسيمهم على مجموعات، للخروج بمشاريع مُبتكرة، تنافِس على الصعيد المحلي، عبر المُشاركة في الأولومبيات المحلية والوزارية، كذلك على الصعيد الدولي، من خلال المُشاركة في الأولومبيات الدولية.

ويعتمد المعرض على العديد من المهارات التي يتم تدريب الطلاب عليها، وفق توضيح أبو الهنود خلال عام كامل، وفي كافة المستويات، من الصف الأول، حتى الصف التاسع، وتشمل تدريبهم على إدارة المشاريع، وتجميع النتائج، والخروج بأفكار جديدة وتطويرها، وصولاً إلى مرحلة التطبيق، والتي يُشرف عليها عدد من المهندسين المختصين، يقومون بمُساعدة الطلاب لتطبيق الفكرة وترجمتها إلى مشروع تطبيقي.
وتحظى مشاريع الأطفال، المُنتجة في قِطاع غزة المُحاصر إسرائيلياً منذ 17 عاماً، بميزة إضافية، على قاعدة الأهمية البالغة لاستخدام تكنولوجيا المُستقبل وعلومها، بغرض ترسيخ مفاهيم إيجاد حلول تقنية وتكنولوجية حديثة تُساعد الطلبة على خلق المجالات الواسعة أمامهم في مستقبلهم المهني، والعملي.