استمع إلى الملخص
- تلجأ العائلات إلى إعداد الحلويات بطرق بدائية وبمكونات بسيطة، رغم ارتفاع أسعار المواد الخام، حيث تحاول الأمهات تلبية احتياجات أطفالهن وسط تحديات كبيرة.
- يحاول البعض التغلب على نقص الحلويات بطرق مبتكرة، لكن نقص المواد الخام وارتفاع تكاليفها يحد من هذه المحاولات، مما يزيد الإقبال على الحلويات التقليدية.
يفتقد الأطفال في قطاع غزة معظم احتياجاتهم الأساسية، بالإضافة إلى الحلويات التي تُفرحهم، ويحاول الأهالي إعدادها بأنفسهم
لا تجد الفلسطينية سهير شعشاعة حلوى أو مسليات تمكنها من إلهاء طفلها الباكي يامن (5 سنوات) على الرغم من بحثها المستمر في الأسواق وسط قطاع غزة، التي تفتقر إلى البضائع وأدنى المتطلبات المعيشية اليومية بفعل الإغلاق الإسرائيلي التام للمعابر، وتشديد الحصار يوماً تلو الآخر.
وتتزايد الأزمات المترافقة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على مختلف نواحي الحياة، حتى وصلت لأدق التفاصيل المعيشية المتعلقة بمختلف الشرائح، في ظل حالة من الشح الشديد في البضائع والمواد الغذائية والمتطلبات الأساسية اليومية، الأمر الذي بات يزيد من الصعوبات الملقاة على عاتق الفلسطينيين.
وتسبب الأوضاع الميدانية الخطيرة الناتجة من تواصل العدوان، بالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة، حالة من الهلع والتوتر لدى الفلسطينيين وفي مقدمتهم الأطفال، بفعل الأصوات المرعبة، ما يدفع الأهالي إلى تهدئة روع الأطفال عبر محاولة شراء الألعاب والحلويات والمسليات. إلا أنهم يصطدمون غالباً بالنقص الشديد في الأسواق والمحال التجارية وفي أحيان أخرى بغلاء الأسعار، ما يفاقم معاناتهم.
ويتجه الأهالي إلى شراء بعض الحلويات ذات الأصناف الرديئة، والتي تصنع بمكونات بسيطة وأدوات بدائية على الرغم من الارتفاع في أسعارها. وتدفعهم الحاجة الماسة وانعدام البدائل إلى شراء أو إعداد بعض الحلويات والمسليات لأطفالهم داخل الخيام ومراكز الإيواء المنتشرة في قطاع غزة. وتقول شعشاعة إنها اعتادت قبل العدوان على إعداد الحلويات والمسليات ذات الجودة العالية داخل بيتها، إلا أن النقص الشديد في المكونات والمواد الخام دفعها إلى السوق لشراء تلك الأصناف، لكنها لم تجد سوى أنواع محدودة من الكعك والبسكويت الذي لم يحبه طفلها.
وتلفت شعشاعة في حديثها لـ "العربي الجديد" إلى أن الانخفاض الكبير في درجات الحرارة يدفعها إلى مواصلة البحث عن أصناف الحلويات لمنح طفلها السعرات الحرارية اللازمة، هي التي باتت تشعر بالعجز أمام طلباته المتكررة كونها غير قادرة على توفير متطلباته أو حتى شراء لعبة يمكنها أن تعوضه عن النقص الكبير في احتياجاته المتزايدة.
أما الفلسطينية وفاء سحويل، فتشير إلى أنّ احتياجات الأطفال المتزايدة والنقص الحاد في الحلويات والمسليات دفعاها إلى العودة إلى إعداد الحلويات ذات الطابع التراثي القديم، على الرغم من الكلفة العالية التي تتكبدها جراء غلاء أسعار المواد الخام وتحديداً السكر والدقيق وأصناف الفواكه المجففة وغير ذلك. أعدت الأرز مع الحليب لأطفالها الأربعة، وزينتها بالزبيب بعدما طلبوا حلويات لم تتمكن من شرائها. وتحاول إعداد حلوى "المهلبية" بالكمية القليلة المتبقية من مسحوق الكاكاو. تضيف لـ "العربي الجديد": "هذه أصناف لذيذة إلا أن أطفالي، كما معظم الأطفال، يفضلون الحلويات الجاهزة، وقد اضطررنا إلى إعدادها بأبسط الإمكانيات محاولين إسعادهم في ظل الأجواء السلبية وحالة التوتر المتواصلة التي يفرضها العدوان".
وتلفت الأم الفلسطينية إلى التأثيرات الكارثية للعدوان الإسرائيلي على الأطفال، وهم من أكثر الشرائح تضرراً في هذه الحرب، في ظل استشهاد ما يزيد عن 17 ألف طفل، بالإضافة إلى ما يعيشه مئات آلاف الأطفال من افتقار إلى أدنى درجات الأمن والأمان.
وبطريقته الخاصة، يُحاول الفلسطيني أسعد صيام التغلب على أزمة النقص الشديد في احتياجات الأطفال من خلال إعداد حلوى المصاص، وذلك من خلال تذويب السكر ووضع الأصباغ الصحية ثم وضع الخليط في قوالب بعد تثبيت عود خشبي صغير، ليصبح لديه في النهاية "المصاص" المفضل لدى الأطفال. ويقول صيام لـ "العربي الجديد" إنه بدأ بإعداد المصاص لأطفاله، ثم تطورت الفكرة تدريجياً ليتخذ منها فرصة عمل تمكنه من توفير المتطلبات الأساسية لأسرته في ظل الظروف القاسية التي يعيشها الجميع نتيجة استمرار العدوان. غير أنّ النقص الشديد في المواد الخام والكلفة الباهظة جراء غلاء السكر دفع صيام إلى التراجع والاكتفاء بإعدادها لأطفاله فقط، وبالحد الأدنى نتيجة الظروف غير الطبيعية التي يمر بها الجميع.
ويزيد إقبال الفلسطينيين على الحلويات والشوكولاتة والمسليات مع انخفاض درجات الحرارة، إلا أن اختفاء معظمها من الأسواق أدى إلى رواج بعض الأصناف القديمة وتلك سهلة التجهيز مثل القطايف والعوامة وأصابع زينب وبسكويت التمر ومصاص السكر والخبز المحمص والمبهر والترمس، فيما يتناقص وجود تلك الأصناف جراء شح المواد الخام الخاصة بتصنيعها وتجهيزها وخصوصاً الدقيق والسكر.