أطفال السرطان في أوكرانيا يكافحون بطريقتهم مع نقص الدواء والغذاء

02 مارس 2022
تحوّلت أقبية مستشفيات الأطفال في أوكرانيا إلى ملاجئ للمرضى الصغار (Getty)
+ الخط -

على مدى الأيام الماضية، مع استمرار القصف الروسي، تحوّلت أقبية مستشفيات الأطفال في أوكرانيا إلى ملاجئ للمرضى الصغار، خاصة مرضى السرطان. بحسب العديد من الصور التي التقطتها وسائل إعلام دولية، غطت أرضية الملاجئ غير المجهزة طبياً الكثير من المراتب، والوسائد والبطنيات.

يُحاول الأطباء والممرضات توفير العلاجات المحدودة التي يمكنهم تقديمها، على الرغم من تضاؤل ​​الإمدادات من الأدوية الضرورية، وكذلك الطعام والماء. ففي جناح الأورام في مستشفى تشيرنيهيف للأطفال في أوكرانيا، يُكافح المرضى السرطان تحت وطأة القصف الروسي، بعدما بدأت مسكنات الألم وتخزين الأطعمة بالنفاد تدريجياً.

تقع مدينة تشيرنيهيف على بعد حوالي 90 ميلاً شمال شرق كييف، على طريق يؤدي إلى الحدود البيلاروسية، وكانت القوات الروسية قد حاصرتها قبل أيام وقصفت مناطق مدنية من بينها منازل وروضة أطفال، بحسب ما أشارت إليه صحف أوكرانية.

ووفق شهادات سكان محليين وعاملين صحيين، فقد تم استهداف مراكز قريبة من مستشفى السرطان، حيث سقط صاروخ روسي على بعد مسافة قصيرة، مخلفاً حريقاً كبيراً.

نقص الأدوية والإمدادات (Getty)

تنقل صحيفة "الغارديان" البريطانية عن سيرهي زوسيمنكو، عامل خيري يدعم 11 مريضاً وأطباءهم وأولياء أمورهم في أوكرانيا، كيف يعيش المرضى لحظات صعبة، يقول "لا يعرفون متى تنتهي حياتهم، ففي كل لحظة يرون الموت".

مع اشتداد الحرب، وافقت المستشفيات في بولندا وسلوفاكيا على مواصلة العلاج لعدد من مرضى السرطان مع التنازل عن أي رسوم، ولكن في الوقت الحالي لا يستطيع الأطفال - الذين تتراوح أعمارهم بين عامين و 15 عاماً - الوصول إلى هناك، لأن المدينة محاصرة، وبالتالي المخرج الوحيد سيكون على متن مروحية.

يؤكد مدير الإدارة الإقليمية للمدينة فياتشيسلاف تشاوس في منشور على فيسبوك، أن جميع الطرق داخل وخارج المدينة قد تمت تعبئتها بالمتفجرات للدفاع عن المدينة.

 

وتسبب أمراض السرطان أوجاعاً فظيعة للمرضى الذين يحتاجون إلى الكثير من المسكنات، إلا أنه مع دخول الحرب يومها السابع، بدأت تنفد العديد من الأدوية والمسكنات، بما في ذلك، أدوية المورفين بحسب زوسيمنكو.

الملاجئ ليست حلا آمنا للمرضى في أوكرانيا

لم تكن مستشفيات أوكرانيا مجهزة استعداداً لأي حرب، شأنها شأن أي مستشفى أوروبي، على اعتبار أن الدول الأوروبية وقّعت على معاهدات سلام منذ الحرب العالمية الثانية. وبالتالي فإن لجوء المرضى إلى الملاجئ قد لا يتوافق ووضعهم الصحي. ورغم ذلك، يضطرون إلى الفرار إلى مخازن الأدوية أو الطوابق السفلية للاحتماء من الحرب.

لكن حصاراً آخر قد ينتظرهم، فإن تفادوا القصف العشوائي، فإن وباء كورونا قد يكون لهم بالمرصاد، هناك احتمال كبير بأن تطاردهم عدوى الفيروس، خاصة وأن البلاد لم تشهد معدلات مرتفعة من التطعيم.

في الغارة الأولى التي استهدفت مكاناً قريباً من المستشفى، نام الأطفال والطاقم الطبي في الطابق الأول، وهم خائفون مما يجري. ويسعى بعض الآباء المتواجدين في المستشفى مع أطفالهم إلى الدفاع عنه بكافة الأدوات ويؤكدون بأنهم مستعدون للتضحية بأرواحهم لمساندة الأطفال. ويقول أحد أولياء الأمور "لقد أحضرت بندقية للدفاع عن الأطفال والمستشفى".

يعيش الأطفال مرضى السرطان وضعاً صحياً صعباً (Getty)

مستشفى السرطان في تشيرنيهيف ليس سوى مثال بسيط عما يعيشه القطاع الصحي الأوكراني. فقد سلطت صحيفة "الواشنطن بوست" الأميركية في تقرير لها عن أوضاع مستشفى Ohmatdyt للأطفال في العاصمة كييف، وهو أكبر مستشفى للأطفال في أوكرانيا، حيث يضم 620 سريراً، ويعالج ما يصل إلى 20000 طفل سنوياً.

يعاني المستشفى من نقص كبير وحاد في الأدوية، بحسب ما تؤكده ليزيا ليسيتسيا، أخصائية طب وجراحة العيون. تقول للصحيفة الأميركية: "إن معظم المرضى يحتاحون إلى عناية مركزة، وفي ظل القصف، ومع نقلهم إلى الملاجئ البسيطة، فقد لا يتلقون الرعاية المطلوبة".

بحسب تأكيدها، فإن مرضى الأورام لا يزالون يتلقون العلاج الكيميائي، لكن الصعوبة تكمن في عدم قدرة المستشفى على إكمال العلاجات على المدى القريب.

تضامن عالمي مع الأطفال المرضى في أوكرانيا

أمضت ليسيتسيا مع زوجها، وهو طبيب أيضاً، وطفليهما اللذين تتراوح أعمارهما بين 3 و5 أعوام، الأيام الأولى من الحرب داخل المستشفى. تقول "أطفالي كسائر الأطفال خائفون، فيما يعاني عدد كبير من المرضى الصغار من نوبات الهلع بسبب ما يحصل، وهم يحتاجون إلى دعم نفسي".

ما يحدث في أوكرانيا، حرّك العديد من الجمعيات الخيرية والمؤسسات الدولية، للمطالبة بوقف الحرب. ففي بيان نشرته كاثي بريتشارد جونز، رئيسة الجمعية الدولية لطب أورام الأطفال وأستاذة علم الأورام، أكدت تضامنها مع شعب أوكرانيا، والعاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يعتنون بالأطفال والمراهقين المصابين بالسرطان، وطالبت بوقف الحرب.

ومن بين سكان أوكرانيا البالغ عددهم نحو 40 مليون نسمة، هناك حوالي 170.000 حالة سرطان، وفق بيانات منظمة الصحة العالمية.

كما حذرت هيئة الصحة العالمية من نقص إمدادات الأدوية والمسكنات، وما لذلك من انعكاسات على صحة المرضى.

حتى الآن، من غير الواضح عدد الأطفال الذين قتلوا أو أصيبوا في النزاع، لكن وكالة الأطفال التابعة للأمم المتحدة، أكدت في بيان وقوع وفيات بين الأطفال، فيما بينت أن هناك المئات قد أصيبوا بصدمة عميقة، بسبب العنف من حولهم.

بدورها، أشارت منظمة "اليونيسف"إلى أنها تلقت تقارير عن "تعرض المستشفيات والمدارس ومرافق المياه والصرف الصحي ودور الأيتام لإطلاق النار" وأن "الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان والمتفجرات من مخلفات الحرب هي مخاطر حقيقية وقائمة على أطفال أوكرانيا".

المساهمون