لا شكّ في أنّ الأدوية تنقذ الحياة وأنّها تُطوَّر لمصلحة البشر وصحّتهم. لكنّ الأدوية نفسها، مهما كان نوعها، قد تلحق الأذى بالأفراد في حال أتى تناولها بالطريقة غير المناسبة، أي عشوائياً بطريقة أو بأخرى. هذا ما تحذّر منه منظمة الصحة العالمية كما منظمات وهيئات تُعنى بالصحة العامة وبالصناعات الدوائية وما إليها.
وبمناسبة اليوم العالمي لسلامة المرضى المدرج على روزنامة الأمم المتحدة في السابع عشر من سبتمبر/ أيلول من كلّ عام، وقد حلّ أمس السبت، حاولت منظمة الصحة العالمية تسليط الضوء على قضية سوء استخدام الأدوية.
وأوضحت المنظمة أنّ الناس في كلّ أنحاء العالم يعمدون في مرحلة ما من حياتهم إلى تناول دواء أو آخر إمّا للوقاية من مرض ما وإمّا لعلاجه. لكنّها شدّدت على أنّ "الأدوية قد تتسبّب أحياناً في أضرار جسيمة في حال خُزّنت أو وُصفت أو صُرفت أو استُهلكت بطريقة غير صحيحة".
ويبدو أنّ أزمة كورونا الوبائية التي ظهرت قبل نحو ثلاثة أعوام، أتت لتفاقم المخاطر المحتملة المرتبطة بالأدوية. ففي خلال هذه الأزمة، صار الجميع خبيراً في مجال الطبّ والصيدلة، إذ صارت وصفات الأدوية المجدية وغير المجدية تُتداول كيفما اتّفق، وليس فقط بين الجيران، كما المعتاد، إنّما عبر وسائل التواصل الاجتماعي كذلك، لتأخذ القضية بعداً أكبر وأشدّ خطورة.
وفي هذا الإطار، اختير موضوع "مأمونية الأدوية" لليوم العالمي لسلامة المرضى لعام 2022، تحت شعار "الدواء من دون أضرار". وتوضح منظمة الصحة العالمية في أحد منشوراتها أنّ نصف الضرر الذي في إمكاننا الوقاية منه في مجال العناية الطبية، على الصعيد العالمي، يرتبط بالأدوية، علماً أنّ ربعه خطر أو مهدّد للحياة. وإذ تشدّد على أنّ لكلّ واحد منّا دوره في التخفيف من الأخطاء المرتبطة بالأدوية وبأضرارها، تدعو الجميع قائلة: "اطّلع. تحقّق. اسأل".
وبحسب البيانات الأممية، تُعَدّ الأخطاء المرتبطة بالأدوية أحد الأسباب الرئيسية للضرر المرتبط بالأدوية والذي يمكن تجنّبه. كذلك فإنّه في الإمكان توفير نحو 42 مليار دولار أميركي سنوياً من المبالغ التي تُنفَق في مجال الصحة، في حال تفادينا الأخطاء المتعلّقة بالأدوية.
وتدعو منظمة الصحة العالمية في منشور آخر إلى التنبّه عند استهلاك دواء، وتشير إلى خمس نقاط:
1- البدء بتناول دواء
لا بدّ من معرفة اسم الدواء ودواعي استخدامه وآثاره الجانبية المحتملة.
2- تناول الدواء
التأكّد من مواقيت الدواء وجرعاته، والاطّلاع على الخطوات الواجب اتّخاذها في حال اختبار أيّ أثر جانبي له.
3- إضافة دواء جديد
التأكّد من أنّ ثمّة حاجة إلى دواء آخر، وما إذا كان يتسبّب في تفاعلات غير مرغوب فيها مع الأدوية المستهلكة الأخرى.
4- إعادة النظر في الدواء
معرفة مدّة تناول كلّ دواء على حدة، والتأكّد من عدم استهلاك دواء لم نعد في حاجة إليه.
5- الانتهاء من تناول الدواء
التأكّد من الموعد المحدّد لوقف كلّ دواء على حدة، والتبليغ عن توقّف اضطراري بسبب آثار جانبية.
والأفراد مستهلكو الأدوية ليسوا هم وحدهم المسؤولين عن الأضرار التي قد تنجم عن الأدوية. وبحسب منظمة الصحة العالمية فإنّ "ممارسات المداواة غير المأمونة والأخطاء المرتكبة في المداواة سببان رئيسيان لأضرار يمكن تجنّبها في مجال الرعاية الصحية حول العالم". وتشرح أنّ "أخطاء المداواة تُرتكب عندما تتأثّر مأمونية عملية استهلاك الأدوية بنظم مداواة ضعيفة وعوامل بشرية مثل التعب أو رداءة الظروف البيئية أو نقص الموظفين، وهي أخطاء يمكن أن تتسبّب في إلحاق أضرار جسيمة بالمرضى وتُعرّضهم للإعاقة وإلى الموت كذلك".