أشجار الميلاد "رهينة الجدل" في الكويت

22 ديسمبر 2021
شجرة ميلادية داخل فندق في الكويت (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -

مع حلول موسم عيد الميلاد، يعود الجدل حول مظاهره الاحتفالية في الكويت التي تشمل نصب الأشجار الخاصة بالمناسبة في المجمعات والأسواق التجارية. ويؤيد البعض هذه المظاهر فيما يعارضها آخرون بحجة الحفاظ على دين المجتمع والعادات والتقاليد. 
وبدأت النقاشات حول أشجار عيد الميلاد مبكراً هذا العام، بعدما قررت إدارة مجمع "أفنيوز" التجاري، وهو أحد أكبر المجمعات التجارية في البلاد، إزالة شجرة ضخمة لعيد الميلاد كانت قد نصِبت فيه، بعدما اشتكى مواطنون لدى وزارة التجارة وبلدية الكويت العاصمة من وضع هذه الشجرة. ورد نشطاء المجتمع المدني بوصف قرار إزالة الشجرة بأنه "رجعي، ويشير إلى محاولة التيارات الدينية والمحافظة منع المظاهر الاحتفالية التي تخالف معتقداتها".
تقول أستاذة الفلسفة في جامعة الكويت شيخة الجاسم، لـ"العربي الجديد": "تتجدد المعركة التي تعكس تكرار استجابة الحكومة لضغط آراء المتدينين في شأن شجرة الميلاد، والتي تؤكد أننا لا نزال رهينة هذه التيارات، في وقت تطورت فيه دول الخليج حولنا".

ويعلّق الكاتب والناشط أحمد الصراف قائلاً: "اعتدت مع مجموعة من الكتاب أن نهنئ سنوياً في مقالاتنا الصحافية الإخوة المسيحيين بأعياد الميلاد، رغم أن هذا التصرف يجعلنا نتلقى سيلاً من الإهانات والشتائم من المتدينين وجماهيرهم. لكن الأمور وصلت إلى حد غير مقبول حالياً عبر المطالبة بإزالة كل مظاهر احتفالات المسيحيين في الكويت". 
وتعتبر الناشطة الجازي السنافي أنه "من المؤسف إزالة أشجار الميلاد من مجمعات توجد في مجتمع يزعم أنه يحترم عقائد الآخرين. تعيش عائلات كويتية مسيحية وجاليات مسيحية بيننا منذ قرون، ومن حقها أن تحتفل، ونحن يجب أن نشاركها أعيادها مثلما تفعل في أعيادنا. من هنا نعتبر أن إزالة هذه الأشجار ناتجة من الجهل والتعصب". 
وكان النائبان السابقان أحمد نبيل الفضل وخالد الشطي قد قدما عام 2016 اقتراحاً إلى البرلمان بمنح إجازة رسمية خلال عطلة عيد الميلاد، ونصب شجرة ميلادية ضخمة وسط العاصمة الكويت، احتجاجاً على ممارسة نواب إسلاميين ضغوطاً على مجمعات تجارية لإزالة أشجار العيد. 
ويقول الفضل لـ"العربي الجديد": "يوجد مسيحيون في الكويت، ولا يحق لأحد أن يصادر رأيهم واحتفالاتهم الدينية، وقد وجّه مطلبي السابق رسالة احتجاج واضحة على ما يحصل". 
لكن الإسلاميين يواصلون ضغوطهم الكبيرة ضد وجود أي مظاهر احتفالية في الكويت. ويكتب النائب السلفي المستقل فايز غنام الجمهور على مواقع التواصل الاجتماعي: "الكويت بلد مسلم، ويجب أن نحمي جميعاً دينه وهويته اللذين يتعارضان مع الاحتفال بأعياد اليهود والنصارى. لذا لن نسمح باستحداث مظاهر احتفال تخالف الشريعة، ونطالب الجهات الحكومية بأن تتحمل مسؤولياتها في حماية الهوية الإسلامية". 

بهجة احتفال ميلادي في الكويت (ياسر الزيات/ فرانس برس)
بهجة احتفال ميلادي في الكويت (ياسر الزيات/ فرانس برس)

أما النائب السلفي السابق محمد هايف، فيقول لـ"العربي الجديد": "احتفالات الميلاد ومظاهره تتنافى مع ثقافة الشعب الكويتي ودينه ومعتقداته، وتستورد عادات وثنية دخلت على الديانة المسيحية. وقد تصدينا خلال وجودنا في البرلمان للمظاهر التي تخالف الشريعة، وضغطنا على وزارات عدة، بينها وزارتا التجارة والشؤون وإدارات البلديات، لإزالة هذه المظاهر، ومنع الاحتفالات بالأعياد غير الإسلامية". 
وكان ممثلو التيارات الإسلامية في الكويت قد اقترحوا مرات منع الاحتفال بعيد الميلاد وأي أعياد غير إسلامية أخرى، ودعوا إلى التضييق على المحتفلين وفرض عقوبات عليهم، وأحدهم النائب السابق المنتمي إلى التيار السلفي حمود الحمدان، عبر عريضة قدمها عام 2013. لكن الحكومة لم تتعامل بجدية مع هذه المطالب، في حين استجابت لضغوط نواب إسلاميين طالبوا بإزالة بعض مظاهر الاحتفال عبر تنسيق ودي مع الجهات التي تقف خلفها، من أجل تجنب أزمات سياسية مع البرلمان. 
ويحتفل المسيحيون في الكويت، والذين يشكل الوافدون غالبيتهم الكاسحة، بأعياد الميلاد سنوياً في الكنائس، ويعلقون رموز عيد الميلاد خارج نوافذهم وأبواب بيوتهم، من دون أن يتعرضوا لأي مضايقات حكومية، لكن البلديات والوزارات تتدخل دائماً لدى تعليق هذه الرموز في المحلات. 

طلاب وشباب
التحديثات الحية

ويقول راعي الكنيسة الإنجيلية الوطنية، القس الكويتي عمانوئيل غريب، لـ"العربي الجديد": "نحتفل كل عام بأعياد الميلاد بحرية تامة داخل كنائسنا، ونتلقى التهاني من كبار الشخصيات. وقبل أزمة وباء كورونا كنا نستقبل المهنئين في الكنيسة، وغالبيتهم من المسلمين من أفراد المجتمع، وبينهم سياسيون وإعلاميون وفنانون وغيرهم، ونحن جزء لا يتجزأ من المجتمع الكويتي".

المساهمون