لكل دابة على الأرض أو طائر يطير سلاح للدفاع أو آخر للهجوم، والدافع المشترك هو حب البقاء. السلاح الدفاعي الأول هو سلاح سلبي يتمثل في تمويه الريش ليأخذ الشكل والألوان المحيطة مثل فراخ أكثر أنواع الطيور، وتكون رقطاء كالتربة أو باهتة كالرمال فلا يراها عدوها بسرعة. في هذه الحالة، تقوم الأمهات بإسماع صغارها تنبيها صوتيا فتجلس في مكانها لا تتحرك لأن الحركة قد تبدد فائدة التمويه. كذلك تكون أمهات معظم أنواع الطيور ذات ألوان تمويهية تبعد المفترسين عنها وهي تحضن البيض، بينما الذكر الذي لا يحضن البيض يكون في الغالب من ذوي الألوان الزاهية والبراقة.
أما السلاح الدفاعي الثاني فيكون باتخاذ وضعية محددة تخص أنواعاً معينة، كأن يدعي الحمام الموت من خلال الاستلقاء على ظهره أو أن تنزل النعامة الأنثى رأسها إلى مستوى الأرض ليبدو جسمها وكأنه شجيرة وساقاها ورقبتها كأنها جذوع. ويظن البعض أن النعامة تدفن رأسها في الرمال مستسلمة إلى قدرها من حيوان قد يفترسها ويصفونها بالجبانة. لكن الحقيقة أن النعامة لا تدفن رأسها بالرمال، بل تخفض رأسها لتكون كشجيرة أو تخفض رأسها لتقلب البيض في العش على الأرض. وهناك طيور تبقى جامدة لا تتحرك في مكانها كالحجل والحبارى والفري والفزان وغيرها. كما أن الحبارى تستطيع أن تقذف من فتحة دبرها سائلاً لزجاً؛ فإذا ما أصاب الصقر أو أي مفترس آخر كالعقاب مثلاً يلحق بها فإن ريش جناحيه يلتصق ببعضه بعضاً فلا يعود المفترس قادراً على ملاحقة الحبارى فتنجو منه. فإذا كانت الحبارى تقذف بالمادة اللزجة من الخلف فإن صغير طائر فلمار الشمال يقذف بمادة لزجة ولاصقة مشابهة ورائحتها نتنة يتقيؤها من معدته ويبصقها ضد أعدائه الذين يلتصق ريشهم ببعضه بعضا فيهربون طالبين النجاة.
وهناك العديد من أنواع الطيور التي تدافع عن نفسها وفراخها بصورة سلبية مثل طائر "المويت"، فتدعي أن أحد جناحيها به كسر عندما يقترب مفترس من العش، فيظن المفترس أنه سيحصل على فريسة دسمة وبسهولة فيلحق بالطائر الذي يدعي أن جناحه مكسور، ولما يستدرجه الطائر المدعي بعيداً عن العش يطير بشكل متوارب ليعود إلى العش ويحضن البيض، "ضاحكاً" في سره على المفترس المخدوع. وفي بعض الأحيان، نجد أن الطيور تبعد المفترسين عنها بإخافتهم وتشتيت أفكارهم وخططهم بأن تتجمع بشكل كثيف ومتحرك للغاية في السماء وكأنها تقوم بألعاب بهلوانية على نسق ما يفعله الزرزور.
وبين الطيور ذات السلاح الدفاعي وتلك ذات السلاح الهجومي، تلعب بعض الطيور الدورين معاً مثل الأوز أبو ظفر والبط أبو عرف والبط البخاري، أي التي تحمل مخالب كالخنجر في رأس ما يسمى بالإبهام (عند منبت ريش الطيران الطويل) في جناح الطائر المتحور من يد إلى جناح. هذا الخنجر يضرب به الطائر أعداءه دفاعاً عن النفس عندما يضربهم بجناحه فيجرحهم أو يضربهم بجناحه ليطردهم بعيداً عن أنثاه أو صغاره. أما السلاح الهجومي فهو يتكون من المنقار و/أو المخلب الخلفي لأصبع القدم. وهذا السلاح هو للطيور الجارحة النهارية مثل الصقور والعقبان والبزاة والطيور الجارحة الليلية كالبوم التي تهاجم فرائسها وجهاً لوجه وبكل جرأة. ويمكن أن نضيف للجوارح النهارية سلاح السرعة العالية في الطيران التي قد تصل إلى 300 كيلومتر في الساعة، وأن نضيف إلى الجوارح الليلية سلاح انعدام صوت طيران البومة بسبب نوع ريشها الناعم. والمعروف أن الصقور تهاجم طيوراً أكبر منها وتصطادها، كما أنه معروف لدى البومة أنها قد تهاجم الصقر القوي ليلاً في عشه لتسلبه صغاره من دون أن يتمكن من الدفاع عنهم كما لو كان الوقت نهاراً.
فالجوارح تستخدم مخلب إصبعها الخلفي كخنجر تضرب به فريستها فتجرحها أو تقتلها لتأكلها أو تطعم صغارها. وتستعمل منقارها المعكوف والمدبب لتمزيق لحم فرائسها وابتلاعها. وهناك طائر من الجوارح يسمى السكرتير، له سيقان طائر اللقلاق (سيقان طويلة) يستخدمها لضرب الأفاعي على رأسها بضربات من قدمه متتالية وسريعة وقوية، سواء كانت سامة أم لا، فيقتلها ويأكلها كوجبة مفضلة لديه.
(اختصاصي في علم الطيور البريّة)