أسر خيام تارودانت تبحث عن تعويضات

02 أكتوبر 2023
بات يصعب المبيت في منازل تارودانت (بولنت كيليتش/ فرانس برس)
+ الخط -

وسط مركز مدينة تارودانت جنوبي المغرب، اتخذت عشرات من الأسر الساحات والحدائق أماكن للمبيت، بعدما انهارت منازلها بالكامل، أو باتت مهددة بالسقوط في أي لحظة نتيجة تضررها من زلزال 10 سبتمبر/ أيلول الماضي. 
من يزور المدينة المنكوبة بالزلزال التي تبعد مسافة 80 كيلومتراً من جنوب مدينة أغادير، يشاهد أن الناجين الباقين نصبوا مئات من الخيام في الشوارع والساحات والحدائق، علماً أن غالبيتهم كانوا قد غادروا منازلهم في الأحياء القديمة التي توجد خلف سور تارودانت العريق، منذ ليلة الزلزال، واختاروا المبيت في هذه الأماكن الجماعية.
وضع سكان الأحياء الشعبية خياماً بألوان مختلفة في الأماكن المكشوفة المستحدثة، ووزعوها هنا وهناك بعدما هربوا من منازلهم المتضررة من الزلزال، والتي صارت الإقامة فيها مصدر خطر كبير على حياتهم.
منذ ليلة الزلزال، ومع تتالي الهزات الأرضية، تحوّلت حدائق وساحات المدينة إلى "ملاجئ" اضطرارية لأسر كثيرة لم تحمل أي مقتنيات معها، وواجهت خلال لحظات مصير الوجود في العراء. ويروي مواطنون لـ"العربي الجديد" أن الخوف من سقوط المباني على رؤوسهم دفعهم إلى مغادرتها في شكل عاجل، وتفضيل المبيت تحت هذه الخيام، وسط ساحات وشوارع. ويقول أحدهم: "نمكث هنا لأننا خائفون من انهيار منازلنا المتضررة من الزلزال، فهي لم تعد صالحة للسكن، وتشكل خطراً على كل من يدخلها". يضيف بتأثر شديد: "لا مكان لنا سوى هذه الفضاءات بعدما صرنا من دون منازل".
ويشرح هذا الرجل، وهو من سكان "المدينة القديمة" (الأحياء التاريخية) بتارودانت، أن المنزل الذي يقطنه بات يحتوي على تشققات كثيرة، تجعل المبيت فيه أمراً خطراً جداً، لأنه قد ينهار في أي لحظة. ومنذ ليلة الزلزال لا نستطيع المبيت في منزلنا، وغادرته برفقة أفراد أسرتي الذين يخافون من دخوله".
وكانت سلطات مدينة تارودانت قد تحركت لمحاولة وقف استمرار مبيت هذه الأسر في الشوارع والساحات، خصوصاً أن العيش فيها في ظل غياب مرافق صحية عمومية حوّلها إلى أماكن يصعب العيش فيها.

وعقد مسؤولو هذه السلطات اجتماعات، وقرروا اتخاذ إجراءات عدة لمنع بقاء السكان المنكوبين بالزلزال في أماكن مكشوفة، باعتباره قد يتسبب في مشاكل أخرى يزيدها أيضاً اقتراب فصل الشتاء الذي قد يلحق بهم أضراراً كبيرة بسبب البرد والمطر.
ولاحقاً نقلت السلطات هؤلاء السكان إلى مراكز خاصة، جهّزتها لإيوائهم من دون أن تبلغهم بفترة مكوثهم فيها. ويقول أحدهم ويدعى محمد، وهو في العقد الخامس، لـ"العربي الجديد": "غادرنا منازلنا التي أوشكت على الانهيار، ولم نعد نستطيع دخولها بسبب الخوف من الانهيارات والتعرّض لأذى كبير، وانتقلنا في مرحلة أولى للمبيت في حديقة توجد أمام مقر الباشوية (السلطة المحلية)، ثم جرى نقلنا إلى الملعب".
يضيف محمد: "الإجراءات المتخذة جيدة في هذا المكان. يعطوننا الأكل وأدوات أخرى نستخدمها في يومياتنا، ونستعمل مراحيض لم تكن متوفرة حيث كنا في الشارع".

أضرار البرد والمطر متوقعة مع اقتراب الشتاء (بولنت كيليتش / فرانس برس)
أضرار البرد والمطر متوقعة مع اقتراب الشتاء (بولنت كيليتش / فرانس برس)

لكن الهاجس الأكبر الذي يراود محمد، على غرار ناجين آخرين، هو المدة التي سيمضونها في هذه الفضاءات التي أعدتها السلطات، فبالنسبة إلى سكان كثيرين كانوا يقطنون في الأحياء الشعبية وسط هذه المدينة التاريخية، لم تعد منازلهم صالحة للمبيت، لذا يفكرون في كيفية تعامل السلطات مع التعويضات الذي ستقرر منحها لهم.
ويتحدث هؤلاء عن أنهم سكنوا سنوات طويلة في منازلهم التي انهارت بسبب الزلزال، قبل أن يجدوا أنفسهم خارجها، ويشيرون إلى أنهم يجهلون إذا كانت السلطات ستعوض بأموال تمنحها لهم شخصياً أو لمالكي المنازل.
 وترى السلطات أن حسم هذا الموضوع سابق لأوانه، فهي تهتم حالياً بإحصاء المنازل والمباني المتضررة من الزلزال، وتحديد حجم الأضرار التي لحقت بها.
وأوضحت مصادر في السلطة المحلية أنها تركز على عملية الإحصاء، وتحديد حجم الخسائر، وبحث مصير المتضررين.

وسبق أن أعلنت الحكومة المغربية عزمها صرف نحو 250 دولاراً شهرياً لكل أسرة تضررت من الزلزال لمدة سنة، لكنها لم توضح إذا كان الأمر يتعلق بالمتضررين من أصحاب المنازل أو الذين كانوا يقيمون فيها بواسطة عقود.
وستقدم الحكومة، وفق ما أعلنته سابقاً، مبلغ 140 ألف درهم (نحو 14 ألف دولار) لأصحاب المساكن المنهارة بالكامل، فيما سيمنح أصحاب المنازل التي تتطلب إعادة تأهيل بعدما انهارت جزئياً مبلغ 80 ألف درهم (نحو 8 آلاف دولار).

المساهمون