أسرى غزة في سجن عوفر الإسرائيلي.. تعذيب وتجويع واغتصاب

20 اغسطس 2024
تعذيب أسرى غزة في سجن عوفر الإسرائيلي، 25 نوفمبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني إنّ سلطات الاحتلال الإسرائيليّ تواصل استخدام عمليات التّعذيب والإذلال الممنهجين بحقّ أسرى غزة، إلى جانب جملة من الجرائم الممنهجة؛ وذلك استنادا للعديد من شهادات أسرى غزة الذين تمت زيارتهم، إلى جانب شهادات المفرج عنهم.

وأوضحت الهيئة والنادي، في بيان، أنّ ما يجري في سجن عوفر بحقّ الأسرى لا يقل مستواه عن الشهادات التي نقلت من معتقل سدي تيمان، والذي شكّل العنوان الأبرز لجرائم التّعذيب بحقّ أسرى غزة.


ونقل البيان شهادة جديدة عن جرائم التّعذيب لأحد الأسرى، يقول فيها: "خلال التّحقيق معي حاول المحققون خنقي بمياه كرسي الحمّام، ونتعرض حتى اليوم لعمليات تعذيب وإذلال وضرب". وقد نقل الأسير(غ.و) ، وهو أحد الأسرى الذين تمت زيارتهم، تفاصيل ما تعرض له خلال عملية اعتقاله في الثاني من مارس/ آذار 2024، على حاجز في مدينة حمد، "حيث أقدم جيش الاحتلال على تجريده من ملابسه، ونقله إلى شاحنة بعد تقييد يديه للخلف، وتعصيب عينيه، وتم الاعتداء عليه وعلى المعتقلين كافة، والذين جرى احتجازهم معه، ثم نقلوا إلى ساحة مسقوفة (زينكو) بحسب وصفه، وأبقى الاحتلال على احتجازه فيها لمدة مائة يوم إلى جانب العشرات من المعتقلين، وشكّلت هذه المرحلة المحطة الأكثر قسوة والأشد من حيث أساليب التّعذيب التي استخدمت بحقّه".

أسرى غزة يتعرضون لانتهاكات متواصلة في سجون الاحتلال

وأكد الأسير أنّه وعلى مدار المائة يوم، كان الأسرى يتعرضون للضرب لمجرد أي حركة تصدر عن أحدهم، وعلى مدار هذه المدة يبقى المعتقل مقيد اليدين ومعصوب العينين، أو عليهم الجلوس على أقدامهم، أو على بطونهم. وبرز أسلوب الشبح لساعات طويلة كوسيلة (عقابية) بحقّ المعتقلين، مضيفا: "خلال عملية التحقيق معيّ، تعرضت لمحاولة خنق بالمياه الموجودة في كرسي الحمّام، إلى جانب أسلوب الشبح الذي استمر لساعات طويلة".

ويقبع اليوم الأسير في سجن عوفر، وهو أحد معسكرات الاحتلال لاحتجاز أسرى غزة إلى جانب عدة معسكرات وسجون أخرى يقبع فيها أسرى غزة، وتضم كل غرفة في عوفر على الأقل 20 أسيراً يتعرضون لعمليات تعذيب وإذلال وتنكيل وضرب.

ونقل أحد الأسرى أنّ إدارة السّجن قمعت قبل أيام (الغرفة – الزنزانة) المحتجز فيها، بعد أن أخفى الأسرى شرحات من الخبز، واستمرت عملية القمع لعدة ساعات، واستخدمت القوة خلالها أسلوب ثني اليد والضرب المبرّح على الكتف والأصابع؛ مما تسبب بكسر يد أحد الأسرى، وكسر أنف معتقل مسنّ.

وأكّد المحامي الذي نفّذ عدة زيارات مؤخرا لأسرى غزة في سجن عوفر، أنّ الزيارات تتم تحت مستوى عال من الرقابة المشددة، فغالبية الأسرى الذين تمت زيارتهم رفضوا إعطاء أية تفاصيل عن ظروف احتجازهم، وكانت علامات الخوف والرهبة واضحة عليهم، وامتنع أحدهم عن الحديث بأي شيء، خوفا من تعرضه للضرب، وفقط ما ذكره أنّه يصاب برجفة شديدة ولساعات طويلة بعد تعرضه لأي اعتداء.

وفي هذا الإطار، أكدت الهيئة والنادي أنّ مستوى الرقابة المفروضة على المحامين والمعتقلين والأسرى- في مختلف السجون - غير مسبوق، الأمر الذي ألقى بظلاله على عمل الطواقم القانونية وعلى سلوك المعتقلين وشهاداتهم خلال الزيارة، خاصّة أن بعض السّجون انتهجت عمليات الاعتداء على الأسرى خلال نقلهم للزيارة، وكان أبرز هذه السجون النقب الصحراوي، وشكّل مستوى الرقابة واحدا من بين عدة عراقيل وسياسات ممنهجة أثرت بشكل ملحوظ وكبير على زيارات المحامين.

ونشرت الهيئة والنادي أبرز الجرائم التي عكستها شهادات معتقلي غزة على مدار الفترة الماضية، بينها ممارسة جريمة الإخفاء القسري، واستخدامهم دروعا بشرية لفترات طويلة خلال العمليات العسكرية البرية. وممارسة جرائم التعذيب بحقّهم عبر عدة مستويات مختلفة منها الصعق بالكهرباء، والشبح، والتقييد المتواصل، والضرب المتكرر الذي تسبب بكسر أطراف العديد من المعتقلين، واستخدام الكلاب البوليسية خلال عمليات الاعتداء، وممارسة الجرائم الطبيّة الممنهجة بحرمانهم من العلاج بشكل أساسي، وإجراء عمليات جراحية دون تخدير، وبتر أطراف معتقلين نتيجة لعمليات التقييد المستمرة، وممارسة جرائم الاغتصاب والاعتداءات الجنسية بمستوياتها المختلفة. 

وتضمنت جرائم التعذيب بحق الأسرى ممارسة جريمة التجويع بحقهم، وإجبار المعتقلين على التلفظ بكلمات حاطة من كرامتهم، وتمس بعائلاتهم، وإجبارهم على الجلوس بوضعيات معينة تسبب لهم آلاما شديدة وبهدف إذلالهم، ولا يُسمح لأي معتقل الحديث مع أي معتقل آخر، ومن يتحدث يتم الاعتداء عليه بالضرّب المبرّح، وحرمانهم من ممارسة أي شعائر دينية.


ويبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال حتى بداية أغسطس/ آب أكثر من 9900، وهذا المعطى لا يشمل أسرى غزة كافة، تحديدا المحتجزين في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال. وجدد نادي الأسير الفلسطيني وهيئة شؤون الأسرى والمحررين مطالبتهما المستمرة، للمنظومة الحقوقية الدولية، بأن تستعيد دورها التي أنشئت من أجله، وأن تخرج من حيز الاكتفاء برصد جرائم الاحتلال وإعلان المواقف والدعوات، إلى حيز آخر ينتصر لقيم العدالة الإنسانية، والتي تبدأ بمحاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم الممنهجة المستمرة، في إطار حرب الإبادة المستمرة بحقّ الفلسطينيين في غزة، والوجه الآخر لها والمتمثل بجرائم التعذيب والانتهاكات الجسيمة بحقّ الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية.

المساهمون