أسبوعان على زلزال المغرب... تحديات وجهود

23 سبتمبر 2023
توفير مساكن لمنكوبي الزلزال بين أهم التحديات (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

بعد مرور أسبوعين على أعنف زلزال شهده المغرب منذ قرن، والذي خلّف نحو 3000 قتيل، تواصل السلطات جهودها لإعادة الحياة تدريجاً، بالتزامن مع إصرار سكان المناطق المنكوبة على تحدي الظروف الصعبة، والتأقلم مع الوضع الجديد.
يقول كاتب جمعية "تلوتيمت للتنمية والتضامن"، مصطفى أجيار، لـ"العربي الجديد": "انقلبت حياتنا رأساً على عقب بعد الزلزال، ففي السابق كنا نعيش حياة بسيطة رغم وعورة المنطقة ومعاناتنا، ثم وجدنا أنفسنا في خيام عرضة للبرد والأمطار. وبعد مرور أسبوعين على الكارثة حققت غالبية الأسر المتضررة اكتفاءها الذاتي من المواد الغذائية والأساسية، واستقرت مؤقتاً في خيام وفرتها السلطات ومساعدات الجمعيات والمواطنين، والأهم حالياً الإسراع في إعادة إيواء المنكوبين، وبناء بيوتهم المدمرة".

ويقول النائب السابق عن حزب "الاستقلال" المشارك في الائتلاف الحكومي الحالي، عادل بنحمزة، لـ"العربي الجديد": "ترتبط أهم التحديات التي تواجه المغرب بعد مرور أسبوعين على الكارثة بتوفير مساكن مؤقتة، تستجيب لمتطلبات الظروف البيئية، في منطقة جبلية تشهد تساقط الثلوج وانخفاض درجات الحرارة وكميات قياسية من الأمطار، ما يزيد التعقيدات. كما تواجه البلاد تحدي استكمال تأهيل البنى التحتية المتضررة، ومباني المرافق العامة، واستحداث أخرى مؤقتة لضمان تواصل الخدمات العامة، وأيضاً تحدي استمرار الدراسة، وتنفيذ حلول أخرى بينها نقل بعض السكان إلى المدن والمناطق المجاورة حتى إنجاز إعادة الإعمار".
يُضيف: "تبرز مجموعة تحديات مثل الخيارات العمرانية التي ستعتمد في تشييد قرى نموذجية وتجمعات سكانية، مع الاهتمام بالحفاظ على طابعها الخاص، باستخدام الأساليب العمرانية نفسها في المنطقة التي يرتبط بها نمط عيش اجتماعي تراثي وغير مادي. كما يجب وضع جدول زمني لإعادة الإعمار، خاصة بعدما وضعت اللجنة الملكية تركيبة مالية في شأن التكاليف المتوقعة".
وفي إطار برنامج الطوارئ لإعادة إيواء المتضررين من الزلزال والتكفل بالفئات الأكثر تضرراً، قررت الدولة منح مساعدة مالية طارئة بقيمة 30 ألف درهم مغربي (3000 دولار) للأسر المعنية، و140 ألف درهم (13.500 دولار) للمساكن التي انهارت بالكامل، و80 ألف درهم (7700 دولار) لتغطية أشغال إعادة تأهيل مساكن انهارت جزئياً.
كما أعلنت إطلاق ورش ضخمة لإعادة إعمار القرى التي دمرها الزلزال، بميزانية مقدارها 120 مليار درهم، (11.7 مليار دولار) على مدى خمس سنوات، والتي تستهدف 4.2 ملايين نسمة.
بالتزامن مع ذلك، باشرت السلطات، منذ الاثنين الماضي، عملية إحصاء ومسح المباني المتضررة من أجل تحديد الحصيلة النهائية للمتضررين، وفق ما يقول مصدر في لجان الإحصاء بمدينة أمزميز لـ"العربي الجديد"، والذي يوضح أن العملية ستنجز نهاية الشهر الجاري، وتليها مرحلة منح المساعدات المالية المباشرة للأسر والمواطنين المتضررين في أقرب وقت.

جهود كبيرة لتعبئة الموارد وتوفير مساعدات عينية (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
جهود كبيرة لتعبئة الموارد وتوفير مساعدات عينية (فتحي بلعيد/ فرانس برس)

إلى ذلك تقبل الهبّة التضامنية غير المسبوقة في تاريخ البلاد على مرحلة جديدة لمواجهة الاحتياجات. ويقول الرئيس المؤسس لجمعية "أمل سلا"، يوسف الشفوعي، لـ"العربي الجديد": "ندخل مرحلة جديدة من خلال العمل لتوفير خيام وأغطية وأفرشة مع اقتراب موسم الأمطار، وانخفاض الحرارة في المناطق المنكوبة، ونحن نعمل حالياً لتعبئة موارد وتوفير المساعدات العينية بالتنسيق مع المغتربين المغاربة، بعدما لاحظنا وجود استجابة كبيرة منهم بحكم تمتع جمعيتنا بصفة المنفعة العامة التي تخول لها الإعفاء الجمركي من أجل إيصال هباتهم، وأوصلنا خلال الساعات الأخيرة ثلاث شاحنات إلى المناطق المتضررة".
وبعد مرور أسبوعين على الفاجعة، تسابق وزارة التعليم في المغرب الزمن، من أجل تأمين عودة مزيد من تلاميذ المناطق الأكثر تضرراً إلى مدارسهم، والبحث عن حلول أخرى لتحقيق ذلك. وجرى تحويل نحو 6 آلاف تلميذ وتلميذة يتابعون تعليمهم في المراحل الابتدائية والثانوية والإعدادية والثانوية التأهيلية مع مدرسيهم وكوادر مؤسساتهم إلى المؤسسات التعليمية العمومية في مدينة مراكش، مع ضمان توفير الإيواء والغذاء، وتقديم دعم نفسي.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وإلى جانب صيغة تحويل تلاميذ المؤسسات التعليمية إلى مؤسسات داخلية في مراكش، راهنت المديرية الإقليمية للتعليم في الحوز على إجراء ثان لاستئناف مئات التلاميذ تعليمهم في ظروف جيدة، وهو نصب خيام مجهزة بكلّ المستلزمات التربوية الضرورية وبالألواح الشمسية في المناطق المتضرّرة.
وتسبب الزلزال في تعليق الدراسة في قرى ومديريات عدة، بعدما تضررت 530 مؤسسة تعليمية، و55 داخلية بدرجات متفاوتة. وتوفي 7 أساتذة، وجرح 39 بإصابات متفاوتة الخطورة، في حين كانت أعداد الضحايا والمصابين من التلاميذ كبيرة. 

المساهمون