أطلقت مجموعة من الشباب في محافظة السويداء جنوب سورية حملة "لأجل الهيب"، وهي كلمة تستخدم في اللهجة المحكية للدلالة على الشاب الجميل ومهيب الطلعة، للمطالبة بوقف الدم وضبط الفلتان الأمني ونشر السلم الأهلي. بدأت الحملة على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن تتحول إلى نشاطات على الأرض.
ونشرت الحملة على صفحتها الرسمية في فيسبوك: "انطلاقاً من المآسي المتكررة التي يعيشها الجبل اليوم، وحالة الحداد التي لم تتوقف في المحافظة مع سقوط أبنائهم الواحد تلو الآخر، وبعد الفاجعة التي فجع بها الجبل عامة وأهل قرية أم الرمان خاصة باستشهاد ابنهم أسعد البربور (الهيب)، والتي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، قررنا نحن شباب السويداء إطلاق حملة لوقف الدم وضبط الفلتان الأمني ونشر السلم الأهلي بعنوان لأجل الهيب".
ونظّم القائمون على الحملة مسيرة شموع أمس الثلاثاء، تحت شعار "حماية ما تبقى من شبابنا وأبنائنا، من أجل كرامة الهيب وأرواح كل الهيبين يلي خسرناهم رح نضوي شموع ونوقف حد أي هيب بيشبه الهيب أسعد". وخلال الأيام الماضية، كتب شعار الحملة في أماكن مختلفة في الأحياء، ووزعت منشورات داعمة للحملة في الأسواق، وقد لاقت الحملة دعماً ومشاركة من محافظات سورية عدة والمغتربين واللاجئين السوريين في العديد من الدول.
ونشرت على صفحة الحملة قصصُ بعض الشباب الذين فقدوا حياتهم من جراء غياب القانون، تحت عنوان "بدك تعرف مين الهيب؟ الهيب أسعد: شاب من أم الرمان مثل الورد، صاحب نخوة وكرامة وبعمره ما سكت على ضيم، انتبه بليلة على صرخة جار عم ينخيه، راح هو وأخواته يفزعوا بدون سلاح، لاقوا مجموعة أمنية مقتحمة البيت وشافوا إم الجار عم تنهان، حمي دمهن ودخلوا يدافعوا عن عرضهن، قاموا رشوهن الأنذال، واستشهد أسعد الهيب".
قصة أخرى نشرتها الصفحة عن "الهيب مجد سريوي، طالب جامعي بعمر الورد، وحيد لأهله كان يشتغل على تكسي عمومي ليساند بيه (والده)، وبليلة ما فيها ضو قمر خطفوه المجرمين بحجة أنه كان يهدد سلامتهن وعذبوه ونشروا مقطع تعذيبه على فيسبوك وقتلوه بدم بارد. ويتهم بقتل سروي راجي فلحوط وعصابته المرتبطة بالأمن العسكري وأمن الدولة".
وجاءت الحملة التي أطلقت قبل نحو أسبوع ردّاً على مقتل شاب من الريف الجنوبي للمحافظة على يد دورية أمنية. ويقول أحد مسؤولي الحملة، طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، لـ "العربي الجديد"، إن اسم الحملة "جاء من لقب الشهيد أسعد البربور، إذ يناديه أصدقاؤه بالهيب، وقضى برصاص دورية أمنية استهدفته بشكل مباشر عندما لبّى نداء استغاثة نساء في منزل جيرانه بقرية أم الرمان".
يضيف: "نشاطاتنا سلمية تعكس مبادئنا وتسعى إلى تأكيد سيادة القانون والمحاسبة، وسنواصل تحركنا حتى تتحقق المطالب". ويلفت إلى أن الحملة تمجد ضحايا الفلتان الأمني وتطالب بالمحاسبة القانونية لكل من قام بجريمة القتل من عناصر الأجهزة الأمنية أو العصابات التي تدعمها، وهذا الخطاب موجه لكل من يهمه الأمر".
ويبيّن أن نشاطات الحملة على الأرض لاقت تفاعلاً كبيراً داخل السويداء وخارجها. واليوم، لا تتوقف القضية على الشهيد البربور. فكثيرون طاولتهم يد الغدر، وقد يكون المهددون أكثر بكثير".
من جهته، يقول الناشط أبو جمال معروف (اسم مستعار) لـ "العربي الجديد": "الفلتان الأمني الذي تشهده المحافظة مسؤول عنه النظام بشكل كبير جداً. مثلاً، الشاب من بيت البربور قتل على يد دورية أمنية". يضيف أن "أهالي السويداء، وعلى رأسهم مشيخة العقل والوجهاء والفصائل المحلية غير المتورطة بأعمال غير شرعية، طالبت في العديد من المناسبات بسحب البطاقات الأمنية من المجرمين، وعدم استقبال الخارجين عن القانون من قبل قادة الأفرع الأمنية، ما يسمح للمجتمع باتخاذ إجراءات تضع لهم حداً".
يشار إلى أن النظام حيّد مؤسسات الدولة عن القيام بواجباتها، في ظل انتشار السلاح العشوائي، الأمر الذي ساهم في انتشار العنف وزيادة عدد الضحايا، في حين يساوم أهالي السويداء على حفظ أمان المواطنين في مقابل وقف استنكاف الشباب عن الخدمة العسكرية في صفوف القوات النظامية.