"فساد كورونا" مستشرٍ في مناطق النظام السوري

09 أكتوبر 2021
يحقن باللقاح في دمشق (لؤي بشارة/ فرانس برس)
+ الخط -

 

تترافق عملية تلقي اللقاحات المضادة لكوفيد-19 في مناطق سيطرة النظام السوري مع فساد كبير، كذلك يخضع إصدار شهادات التحصين لمحسوبيات ورشاوى، فيما يُسجَّل انفلات كبير في تطبيق إجراءات الوقاية من العدوى.

تلقّى النظام السوري في إبريل/ نيسان الماضي دفعة أولى من اللقاحات المضادة لكوفيد-19، في إطار مبادرة "كوفاكس" التي تشارك فيها الأمم المتحدة لضمان توفير جرعات من تلك اللقاحات للدول الأكثر حاجة حول العالم. كذلك سلمت روسيا في يوليو/ تموز الماضي وزارة صحة النظام 250 ألف جرعة من لقاح "سبوتنيك-في" الذي تصنّعه. لكنّ توزيع اللقاحات شابته عمليات فساد شملت كذلك منح شهادات تحصين للراغبين في مغادرة مناطق النظام إلى خارج البلاد.

يزور معتزّ سورية آتياً من الصين، فيخبر "العربي الجديد" بأنّه واجه مشكلة في الحصول على نتيجة فحص "بي سي آر" لكشف فيروس كورونا الجديد، قبل انتهاء مدة تأشيرة الدخول إلى الصين وموعد حجز الطائرة التي كانت ستنطلق من مطار بيروت. يضيف أنّه "بعد محاولات عدّة تواصلت مع أحد الأشخاص الذي وفّر لي نتيجة الفحص في مقابل مبلغ مالي، الأمر الذي سمح بسفري من دون مشاكل".

من جهة أخرى، يحدّد النظام السوري رسم إصدار شهادات التحصين الخاص بكوفيد-19 بمبلغ قدره 20 ألف ليرة سورية (نحو ستة دولارات أميركية)، الأمر الذي تسبّب في موجة انتقادات على صفحات التواصل الاجتماعي زادها تقاضي مراكز تابعة له في محافظة حلب مبلغ 45 ألف ليرة (نحو 13 دولاراً) لتنظيم معاملة رسمية للحصول على اللقاح. وهو ما يعني أنّ هذه الأموال مخصصة للنظام الذي وفرّ كذلك جرعات لمسؤوليه قبل المواطنين، فيما أُرسلت جرعات إلى مراكز أمنية وحكومية تحديداً كي لا يضطر مسؤولوها إلى زيارة مراكز طبية مثل باقي أفراد الشعب.

ويخبر محمد أبو كامل المقيم في دمشق "العربي الجديد"، بأنّ "ثمّة أشخاصاً راغبين في السفر تعرضوا إلى مشاكل في عدد الجرعات المطلوبة لتنفيذهم هذا الأمر، وحلّوا المسألة عبر الحصول على شهادة تحصين بطريقة غير نظامية أو عبر وساطات وتدخلات من قبل نافذين". إلى جانب ذلك، واجه أشخاص مشاكل في الحصول على لقاح في المراكز المخصصة في بعض المناطق. ويوضح لورنس رستم لـ"العربي الجديد" أنّه سجّل اسمه قبل نحو أربعة أشهر في أحد المواقع المحددة، لكنّه لم يحصل على رد بعد. يُذكر أنّ استطلاعاً للرأي أعدّه موقع موالٍ للنظام في مطلع أغسطس/ آب الماضي كشف أنّ نحو 83 في المائة من المواطنين السوريين لا يثقون في إجراءات التحصين بسبب خضوعها لإشراف من قبل وزارة الصحة التابعة للنظام.

الصورة
شحنة لقاح "سينوفارم" الصيني في مطار دمشق (لؤي بشارة/ فرانس برس)
شحنة لقاح "سينوفارم" الصيني في مطار دمشق (لؤي بشارة/ فرانس برس)

ويكشف مصدر خاص لـ"العربي الجديد" عن حصول تلاعب في أمور عدّة تتعلق بالحصول على شهادة تحصين، وحتى في اختيار نوع اللقاح ما بين "سبوتنيك-في" الروسي و"أوكسفورد-أسترازينيكا" البريطاني-السويدي و"سينوفارم" الصيني. ويوضح أنّ "اللقاح الروسي متوفر بجرعة واحدة وليس اثنتَين لفئات عمرية محددة. أمّا الذين يرغبون في السفر، فهم مضطرون إلى تلقّي لقاح أوكسفورد-أسترازينيكا لأنّ دولاً كثيرة لا تعترف باللقاحَين الروسي والصيني. ويشترط ذلك إحضار جواز سفر أو تأشيرة سفر أو حجز بطاقة سفر إلى مركز التحصين، وذلك بعد استخدام منصة وزارة الصحة للحصول على موعد". يضيف المصدر أنّ "أشخاصاً يطالبون بالحصول على اللقاح البريطاني-السويدي ظناً منهم أنّه أفضل من اللقاحَين الروسي والصيني، لكنّه غير متاح حالياً إلا لمن يريدون مغادرة البلاد، ولا يمكن تأمينه إلا عبر وساطات وتنسيق مع أشخاص في مراكز التحصين. كذلك يتمّ تحصين أشخاص من خارج منصة وزارة الصحة في عملية يجري تنسيقها مع عاملين في مراكز التحصين. وقبل أكثر من ثلاثة أسابيع، انتهت حملة تحصين جماعية لكنّ الإقبال يظل قليلاً عموماً".

ويتحدث المصدر نفسه عن "ظاهرة فساد تتمثل في الحصول على نتيجة فحص بي سي آر أو شهادة تحصين مزوّرَين، عن طريق أشخاص في مراكز التحصين"، موضحاً أنّ "سعر شهادة التلقيح محدد بـ100 ألف ليرة (نحو 29 دولاراً) لمن يريد مغادرة البلاد ولم يستطع الحصول على لقاح". ويلفت إلى أنّ "إجراءات الوقاية في عموم العاصمة دمشق بالكاد متوفّرة، ويلتزم عدد قليل جداً من المواطنين بالكمامة وسط غياب التوعية باللقاح وفعاليته وكذلك غياب المبادرات التي تشجّع المواطنين على تلقيه".

وكانت المناطق الخاضعة للنظام السوري قد سجّلت الإصابة الأولى بكوفيد-19 في مارس/ آذار 2020. وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، أعلن عضو الفريق الاستشاري لفيروس كورونا الجديد في حكومة النظام السوري نبوغ العوا عن موجة خامسة من الوباء في مناطق سيطرة النظام وصفها بأنّها "الأكثر شدة وانتشاراً"، مشيراً إلى أنّ "أعراض الإصابات تختلف عن السابق، إذ يصيب الفيروس فئات عمرية أصغر، من بينهم تلاميذ مدارس".

المساهمون