قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الثلاثاء، إنه على السلطات المصرية إجراء تحقيق نزيه في وفاة إسلام الأسترالي (26 سنة)، والذي توفي في قبضة الشرطة، والإفصاح عن النتائج، وذلك بعد أن اعتقلت الشرطة المصرية أفراد الأسرة والجيران الذين احتجوا على الوفاة، وصحافيا كتب عنها.
وفي 4 سبتمبر/أيلول، اعتقلت الشرطة الشاب المعروف بلقب "الأسترالي" في حي المنيب بالجيزة جنوب القاهرة، بعد أن تشاجر مع شرطي، على حد قول أحد الجيران لـ"هيومن رايتس ووتش"، وحسب شكوى الأسرة للنيابة العامة، ضرب شرطيان الأسترالي حتى الموت.
وفي 13 سبتمبر، أفادت وسائل إعلام محلية بأن النيابة أمرت بإخلاء سبيل ضابط في القضية بكفالة 5 آلاف جنيه مصري (317 دولارا أميركيا)، بينما ظل أربعة أمناء شرطة موقوفين على ذمة التحقيق. وقال الباحث في قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في "هيومن رايتس ووتش"، عمرو مجدي، إن الشرطة المصرية "تحاول التستر على انتهاكاتها باحتجاز وتهديد أي شخص يحاول كشف الانتهاكات. على السلطات المصرية محاسبة المسؤولين عن مقتل إسلام الأسترالي، وكذلك المسؤولين عن اعتقال وإساءة معاملة الأشخاص الذين يفضحون تجاوزات الشرطة".
وأبلغت السلطات عائلة الأسترالي بوفاته في 6 سبتمبر، بعد يومين من اعتقاله، وأفادت تقارير إعلامية، نقلا عن تحقيق النيابة العامة، بأن سيارة إسعاف وصلت إلى مركز شرطة المنيب في اليوم التالي لاعتقال الأسترالي لنقله إلى المستشفى، وأن تسجيلات الفيديو التي راجعتها النيابة أظهرت دخول الأسترالي إلى قسم الشرطة حيًّا.
وفي 7 سبتمبر، تجمع العشرات أمام مركز الشرطة للاحتجاج على مقتل الأسترالي، وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي حشودا غاضبة تهتف ضد وزارة الداخلية، وأفادت وسائل إعلام محلية بأن الاحتجاجات بدأت عندما اعتقلت الشرطة والدة الأسترالي لإجبارها على إسقاط شكواها بشأن وفاته.
أفرجت الشرطة عن الأم بعد فترة وجيزة، لكنها اعتقلتها لاحقا في اليوم نفسه أثناء تفريق الاحتجاج، كما اعتقلت أكثر من 50 شخصا، منهم ابن خالة الأسترالي، وقال مصدر مطلع لـ"هيومن رايتس ووتش" إن الشرطة أفرجت عن والدة الأسترالي في اليوم التالي بعد أن سحبت الشكوى ضد عناصر الشرطة.
ونشرت الصحف المحلية في 8 سبتمبر، بيانا منسوبا إلى مصدر بوزارة الداخلية، ينفي وقوع أية احتجاجات، ويزعم أن الأسترالي توفي متأثرا بـ"أزمة قلبية" في المستشفى بعد مشاجرة بين مجموعتين من الرجال على خلاف مالي.
في 9 سبتمبر، اعتقلت الشرطة الصحافي إسلام الكلحي، الذي كان يغطي الأحداث خارج مركز شرطة المنيب لصالح موقع "درب" التابع لحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، وأفاد "درب" أن الشرطة احتجزته طوال الليل في مكان مجهول، وفي صباح اليوم التالي، أمرت نيابة أمن الدولة العليا بحبسه 15 يوما احتياطيا بعد إضافته إلى قضية قائمة تشمل صحافيين آخرين متهمين بـ"نشر أخبار وبيانات كاذبة"، و"إساءة استخدام منصات التواصل الاجتماعي"، وجددت النيابة العامة حبس الكلحي في 21 سبتمبر 15 يوما إضافيا.
سلطات #مصر تحاول التستر على مقتل الشاب إسلام الأسترالي وهو في عهدتها عبر القبض على أقاربه وصحفي كان يغطي القضية ما زال محتجزا
— هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) October 6, 2020
على النائب العام الأمر بالإفراج عن الصحفي ونشر نتائج التحقيق في مقتل الأسترالي https://t.co/bzDRZqbh1i pic.twitter.com/qyYaiDmn7d
وفجر 17 سبتمبر، اقتحم رجال شرطة في ثياب مدنية منزل محمد محمود عبد العال، واعتقلوه، وقال مصدر مقرب من الأسرة لـ"هيومن رايتس ووتش" إن عبد العال هو أحد جيران الأسترالي، وشهد القبض عليه. احتجزت قوات الأمن عبد العال في مكان مجهول، حيث تعرض للضرب وهو معصوب العينين لثنيه عن الشهادة ضد الشرطة. بعد 18 ساعة تقريبا على اعتقاله، تُرك عبد العال على طريق صحراوي بالقرب من الجيزة، وأوصله سائق عابر إلى المنزل مصابا بجروح في رأسه وكدمات في جميع أنحاء جسده.
وقالت المنظمة الحقوقية: "ينتشر استخدام التعذيب من قبل الشرطة في مصر على نطاق واسع، ونادرا ما يتم استجواب رجال الشرطة أو إدانتهم في حالة مقاضاتهم".
وفي حادثة منفصلة في 30 سبتمبر، اندلعت احتجاجات في قرية العوامية بالأقصر (جنوب)، بعد أن قتلت الشرطة الممرض عويس الراوي (38 سنة)، خلال مداهمة منزل عائلته فجرا لاعتقال أحد أقربائه. ونقلت مواقع إخبارية وصحافيَّيْن، عن جيران الراوي وعائلته، أن ضابط شرطة أطلق النار على الراوي وقتله بعد أن دخل الاثنان في مشادة خلال المداهمة.
وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي حشودا غاضبة تندد بوزارة الداخلية والرئيس عبد الفتاح السيسي خلال جنازة الراوي في تلك الليلة، وقال الصحافيون إن قوات الأمن أطلقت الغاز المسيل للدموع وفرّقت الموجودين بعنف، وإنه حتى 2 أكتوبر/تشرين الأول، كان لا يزال هناك وجود أمني كثيف في البلدة.
في 3 أكتوبر، فُقدِت الصحافية بسمة مصطفى في الأقصر، خلال عملها في تغطية الواقعة، وظهرت بعد 24 ساعة أمام نيابة أمن الدولة العليا في القاهرة، والتي استجوبتها من دون حضور محاميها، وأمرت باحتجازها 15 يوما على ذمة التحقيق بتهمة نشر أخبار كاذبة، قبل أن يفرج عنها النائب العام المصري فجر اليوم الثلاثاء.
وقال عمرو مجدي: "لا يبدو أن ملاحقة الجناة والمجرمين من مهام الشرطة المصرية. على السلطات محاسبة المسؤولين عن مقتل إسلام الأسترالي، والتوقف عن اضطهاد من يحاولون كشف الحقيقة".