"رئيس بدرجة قاض".. تقرير حقوقي عن أحكام الطوارئ في خمس قضايا سياسية مصرية

29 اغسطس 2022
معتقلون كثر أُحيلوا إلى محاكم أمن الدولة طوارئ من دون وجه حق (محمد الشاهد/ فرانس برس)
+ الخط -

نشرت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان تقريراً بعنوان "رئيس بدرجة قاضٍ" حول استخدام محاكم أمن الدولة قانون الطوارئ في الملاحقة القضائية لنشطاء سياسيين ومدافعين عن حقوق الإنسان، وحول كيفية تطوير السلطات أدواتها في قمع المعارضين والمنتقدين السلميين بغرض الإبقاء عليهم أطول فترة ممكنة قيد الاحتجاز باستخدام أداة محاكم أمن الدولة طوارئ، المشكوك في عدالتها، واستمرار عملها على القضايا المحالة إليها قبل إلغاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قانون الطوارئ في أكتوبر/ تشرين الأول 2021.

وكانت السلطات قد استغلت حالة الطوارئ المعلنة في مصر، وأحالت المعتقلين على ذمّة قضايا رأي، بعد تجاوزهم مدّة الحبس الاحتياطي المنصوص عليها قانوناً، إلى محاكم أمن الدولة طوارئ المنصوص عليها في القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ، الأمر الذي ترتّب عليه حرمان الأفراد من المحاكمة أمام قاضيهم الطبيعي، فأتت المحاكمة بالتالي أمام قضاء استثنائي عادة لا يحظى هؤلاء الأفراد فيه بمحاكمات عادلة.

وأحالت نيابة أمن الدولة العليا هؤلاء الأفراد إلى المحاكمة، سواء عن طريق نسخ صورة من القضايا إلى محكمة جنح أمن الدولة طوارئ، أو إحالة القضايا إلى محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ.

وبحسب التقرير نفسه، فقد شهد عام 2021 توسّعاً في استخدام قانون الطوارئ في مواجهة النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، إذ أحالت نيابة أمن الدولة في النصف الثاني من ذلك العام خمس قضايا رأي إلى محاكم أمن الدولة طوارئ.

وكانت أولى القضايا المحالة إلى محاكمات أمن الدولة طوارئ هي قضية الباحث أحمد سمير، الذي أحالته نيابة أمن الدولة إلى محكمة أمن دولة طوارئ في مايو/ أيار 2021 بقضية منسوخة حملت الرقم 877 لسنة 2021، ثمّ تبعت ذلك في 14 يوليو/ تموز من العام نفسه إحالة المحامي الحقوقي وعضو البرلمان السابق زياد العليمي والصحافي حسام مؤنس والقيادي العمالي هشام فؤاد وآخرين بقضية منسوخة تحمل الرقم 957 لسنة 2021 إلى محكمة أمن دولة طوارئ.

وفي أغسطس/ آب من العام نفسه، أحالت نيابة أمن الدولة العليا قضية التنسيقية المصرية للحقوق والحريات والمحبوسة فيها المحامية الحقوقية وعضو مجلس حقوق الإنسان السابقة هدى عبد المنعم، وكذلك المحامي الحقوقي عزت غنيم وآخرون إلى محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ بالقضية رقم 1552 لسنة 2018 بعد ما يقارب ثلاث سنوات حبس احتياطي.

وفي سبتمبر/ أيلول 2021، أحالت نيابة أمن الدولة العليا عبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية، ونائبه محمد القصاص و23 آخرين إلى محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ في القضية رقم 440 لسنة 2018. وقبل إلغاء حالة الطوارئ بأيام، أحالت نيابة أمن الدولة العليا المحامي الحقوقى محمد الباقر والمدون علاء عبد الفتاح والصحافي محمد أكسجين إلى المحكمة جنح أمن الدولة طوارئ بقضية منسوخة تحمل الرقم 1228 لسنة 2021.

واعتمدت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان في كتابة هذا التقرير على تسع محادثات صوتية عبر الإنترنت مع تسعة محامين قاموا بالدفاع عن معتقلين أمام محاكم أمن الدولة طوارئ في تسع قضايا، محبوس على ذمتها عدد من المعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وذلك في الفترة الممتدة ما بين عام 2021 وتاريخ كتابة التقرير.

وقد أجريت كلّ المحادثات في الفترة الممتدة من منتصف إبريل/ نيسان 2022 حتى الأوّل من يونيو/ حزيران منه، وتطرّقت إلى سؤالهم عن التكييف القانوني لإحالة موكليهم إلى المحاكمة أمام محاكم أمن الدولة طوارئ، ومدى دستورية بعض النصوص القانونية ذات الصلة، وانتهاكات ضمانات المحاكمة العادلة التي تمارسها هذه المحاكم، والدفوع القانونية التي قدّموها، والأحكام الصادرة ضدّ موكليهم.

واستند التقرير كذلك إلى فحص وتحليل الأوراق الرسمية لخمس قضايا، أحالتها نيابة أمن الدولة العليا إلى محاكم أمن الدولة طوارئ في الفترة الزمنية الممتدة من منتصف عام 2021 إلى ما قبل إلغاء حالة الطوارئ في 25 أكتوبر منه. واعتمد أيضاً على مطالعة ثلاث مذكّرات دفاع أودعها المحامون أمام دوائر جنح أمن دولة طوارئ في أثناء تقديمهم للمرافعات.

بالإضافة إلى ذلك، استند التقرير إلى دراسة بعض نصوص الدستور المصري وقانون الطوارئ وقانون الإجراءات الجنائية وقانون العقوبات وقانون مكافحة الإرهاب، وذلك لبحث إشكاليات نصوص قانون الطوارئ والاتهامات الموجهة للمعارضين السياسيين المحالين إلى محاكم أمن الدولة طوارئ، والإجراءات القانونية المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية، ومدى توافقها مع قانون الطوارئ.

المساهمون