"ذا غارديان": لهذه الأسباب يموت الأميركيون قبل الأوروبيين

06 مايو 2021
زادت الوفيات بعد الجائحة (Getty)
+ الخط -

"الأميركيون يموتون قبل الأوروبيين"، هذا ما خلص إليه تقرير نشرته صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، إذ أثبتت الدراسات في السنوات الأخيرة، ارتفاع معدل وفيات الأميركيين كل عام إلى ما يقارب 401 ألف  حالة وفاة زيادة على المعدلات السابقة.

ويرى الكاتبان، صموئيل بريستون ويانا فيربوم، في مقال رأي ضمن سلسلة مقالات تنشرها الصحيفة، أن الأميركي البالغ من العمر 30 عاماً أكثر عرضة بثلاث مرات للوفاة في هذا العمر من أقرانه الأوروبيين. 

ووفقاً للمصدر نفسه، ففي عام 2017، على سبيل المثال، ارتفع معدل الوفيات في الولايات المتحدة إلى ما يقرب من 401 ألف حالة وفاة زائدة، وتزيد نسبة الوفيات فوق سنّ 85 عاماً.

بعد الجائحة، أُعلِنَت على نطاق واسع الخسائر الهائلة التي سببها فيروس كورونا. ووفقاً للحكومة الأميركية، فإن 377000 حالة وفاة في عام 2020 تُعزى إلى الوباء. هذا يعني أن عقوبة الوفيات التي تدفعها الولايات المتحدة كل عام تعادل عدد الوفيات بسبب الجائحة الأميركية في عام 2020.

أسباب الوفاة

بُذلت جهود عدة لتفسير ارتفاع الوفيات في الولايات المتحدة. ولكن حتى الآن، لا توجد إجابة واحدة، بل يمكن القول إن هناك ثلاثة عوامل بارزة، هي:

 أولاً: معدلات الوفيات الناجمة عن الجرعات الزائدة من المخدرات أعلى بكثير في الولايات المتحدة منها في أوروبا، وقد ارتفعت بشكل حاد في القرن الحادي والعشرين.

ثانياً: الارتفاع السريع في نسبة البالغين الأميركيين المصابين بالسمنة. ففي عام 2016، كان 40 بالمئة من البالغين الأميركيين يعانون من السمنة المفرطة، وهي نسبة أكبر من تلك الموجودة في أوروبا. قد تكون المستويات الأعلى من السمنة في الولايات المتحدة مسؤولة عن 55 في المئة من النقص في متوسط ​​ العمر المتوقع مقارنة بالدول الغنية الأخرى.

ثالثاً: تبرز الولايات المتحدة بين الدول الغنية لعدم تقديمها تأميناً شاملاً للرعاية الصحية. يشير أحد التحليلات إلى أن غياب الرعاية الصحية الشاملة أدى إلى 45000 حالة وفاة زائدة في الفئة العمرية 18-64 عاماً في عام 2005. ويمثل هذا العدد حوالى ربع الوفيات الزائدة في تلك الفئة العمرية.

ويبقى السؤال الأبرز: لماذا أداء الولايات المتحدة ضعيف للغاية في هذه المجالات؟ يرى الكاتبان أن الافتقار إلى الرقابة والتنظيم الفيدراليين، وإلغاء التصنيع للوظائف الأميركية، والعنصرية المنهجية تتضافر لتؤدي إلى حدوث الوفيات، أو كما يمكن تسميتها "موجات تسونامي سنوية" من الوفيات الزائدة.

يشارك كل من عوامل العرض والطلب في زيادة عدد الوفيات في الولايات المتحدة بسبب جرعة زائدة من المخدرات. وسوقت شركات الأدوية الكبيرة مسكنات الألم دون إشراف فيدرالي كافٍ، على مزاعم السلامة في التسعينيات، ما أدى إلى زيادة الجرعات من المواد الأفيونية الموصوفة. وأدت قوة الضغط التي تتمتع بها شركات الأدوية الكبرى إلى حماية حملات مبيعاتها.

وعلى الرغم من القيود المفروضة في نهاية المطاف على المواد الأفيونية، إلا أن الاستخدام غير القانوني لهذه المواد نما كثيراً، ولا سيما بين الناس في المناطق المحرومة اقتصادياً وذات المستويات التعليمية المنخفضة.

في إشارة إلى أن هذه الزيادة تزامنت مع زيادة الوفيات الناجمة عن الانتحار والوفيات المرتبطة بالكحول، جادل الاقتصاديان آن كيس وأنجوس ديتون بأن المجتمع الأميركي يعاني من موجة متزايدة من اليأس، وبأن أحد الدوافع الرئيسية تراجع التصنيع، الذي قضى على الملايين من الوظائف ذات الأجر الجيد للأشخاص الذين لم يلتحقوا بالجامعة. هذه هي المجموعة التي شهدت أكبر زيادة في الوفيات المبكرة خلال القرن الحادي والعشرين.

التغطية الصحية

أصبحت تغطية التأمين الصحي شاملة تقريباً لمن هم فوق 65 عاماً، وقد اقترحت مراجعة دولية للممارسات الطبية أجرتها الأكاديمية الوطنية للعلوم، أن الولايات المتحدة تعمل بشكل جيد نسبياً في تحديد أمراض القلب والأوعية الدموية والعديد من أنواع السرطان وعلاجها. لكن انتشار هذه الأمراض القاتلة الرئيسية في البلدان الغنية، مرتفع بشكل غير عادي في الولايات المتحدة.

يُعَدّ مرض القلب السبب الرئيسي للوفاة في أميركا منذ عقود، وقد ارتبط ارتباطاً وثيقاً بعوامل نمط الحياة، مثل السمنة، على الرغم من أن العلاقة بين السمنة والمخاطر الصحية معروفة جيداً، إلا أن تفضيلات المستهلكين للأغذية غير الصحية قوية، ليس فقط لأن البشر يميلون إلى الحلويات والدهون، بل بسبب تحفيز كبار منتجي الأغذية وموزعيها على تحويل هذا الضعف إلى ربح.

كذلك تظهر العنصرية النظامية الموجودة في المجتمع الأميركي في عدم المساواة في الموارد والسلطة، كسبب آخر للوفاة. إذ يرتبط عدم المساواة في الرعاية الصحية، من خلال تحيز مقدم الخدمة، وتسببه بوفاة الرضع والأمهات. على سبيل المثال، أظهر العديد من الأطباء (عادة من البيض والذكور) أنهم يأخذون الاهتمامات الصحية للأشخاص السود واللاتينيين بدرجة أقل.

المساهمون