"ذا غارديان": قصة نجاح كوبا بتلقيح 90% من سكانها بلقاحات مطورة محلياً

08 يناير 2022
استثمر كاسترو ما يقرب من مليار دولار في تطوير التكنولوجيا الحيوية(ياندر زمورا/فرانس برس)
+ الخط -

تمكّنت كوبا، الواقعة تحت عقوبات أميركية شديدة ونسبة فقر غير اعتيادية، من تطعيم أكثر من 83 في المائة من سكانها، والفضل يعود في ذلك إلى تطوير الخبراء الكوبيين لقاحات خاصة بهم، بدلاً من انتظار المساعدات الدولية، بحسب ما نشره تقرير لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية.

وبحسب تقرير الصحيفة، كان من المتوقع أن تكافح السلطات الكوبية، كمعظم دول أميركا اللاتينية، لشراء اللقاحات من الأسواق العالمية، ولكن مع انخفاض الاحتياطات الأحنبية في مارس/آذار 2020 بسبب فقدان عائدات السياحة، اتّجه العلماء لتطوير لقاحاتهم الخاصة. في ربيع عام 2021، أصبحت كوبا أصغر دولة في العالم تنجح في تطوير وإنتاج لقاحات فيروس كورونا الخاصة بها.

ومنذ ذلك الوقت، بدأت حملة صحية لتطعيم سكّان الجزيرة البالغ عددهم 11 مليون شخص، حتى تمّ تلقيح الأطفال الصغار. وبذلك، نجحت كوبا في تطعيم أكثر من 90 في المائة من السكّان بجرعة واحدة من اللقاحات المحلية، بينما تمّ تلقيح 83 في المائة منهم بالجرعتين.

ويضيف التقرير أنّ الشعب الكوبي يمتاز بإصراره على تحقيق الإنجازات، وهو ما أثبته في فترة الوباء. ذات مرة، تحدّث الجنرال ماكسيمو غوميز، أحد الشخصيات الرئيسية في حروب استقلال كوبا في القرن التاسع عشر ضد إسبانيا عن عناد الشعب الكوبي، قائلاً: "الكوبيون إمّا لا يحققون الهدف، أو يتخطون ذلك".

يصف جون كيرك، الأستاذ الفخري لدراسات أميركا اللاتينية في جامعة -دالهوزي- كندا هذه النتجية بالمعجزة. يرى أنّ "امتلاك كوبا التكنولوجيا الحيوية مع دخل محدود نسبياً، قد يكون أمراً مستحيلاً بالنسبة إلى مطوّري العلاجات في الدول المتقدمة، ولكن بالنسبة للشعب الكوبي، فهذا أمر ممكن".

لقاحات فعّالة

بحسب نتائج التجربة السريرية التي أجريت في البلاد، تزيد نسبة فاعلية اللقاحات عن 90 في المائة، وهو ما ساعد في خفض معدلات الإصابة من أعلى المعدلات في نصف الكرة الغربي الصيف الماضي، إلى مستويات منخفضة جداً في الوقت الحالي.

ففي أغسطس/آب الماضي، كان معدل الوفيات في الجزيرة مرتفعاً، إلاّ أنّ هذه النسبة انخفضت إلى تسجيل ثلاث وفيات فقط الأسبوع الماضي، وفق الصحيفة.

بعد تسجيل أقلّ من 100 إصابة يومياً لأسابيع ماضية، ترتفع معدلات الإصابة الآن بسبب متحوّر أوميكرون شديد العدوى. وحتى الآن، لم يُصدر العلماء الكوبيون بيانات عن فعالية لقاحاتهم ضدّ أوميكرون، لكنهم بدأوا العمل لتحديث لقاحهم ضد البديل.

في غضون ذلك، قامت وزارة الصحة العامة الكوبية بتسريع حملتها التعزيزية، وتهدف إلى إعطاء جميع السكان تقريباً جرعة إضافية من اللقاح في هذا الشهر.

تقول "ذا غارديان" إنه من هنا، قد يكون نجاح اللقاح، واحداً من أكثر المواضيع المثيرة للإعجاب عند مقارنته بالنظام الصحي المتهالك نسبياً في البلاد. فمع انخفاض تدفقات العملة الصعبة إلى النصف خلال العامين الماضيين، أصبحت المضادات الحيوية نادرة جداً. فقد يصل على سبيل المثال، سعر 20 حبة من مضاد الأموكسيسيلين إلى ما يعادل الحد الأدنى من الراتب الشهري، ولا يمكن الحصول على الدواء إلاّ في السوق السوداء. كما يلجأ الكثير من الأطباء أيضاً إلى معالجة الكسور باستخدام الكرتون المستعمل، بدلاً من استخدام مادة الجفصين نظراً لعدم توافرها.

حلم يتحقق

منذ عام 1959، حلم فيدال كاسترو باستثمار ما يقارب من مليار دولار في تطوير التكنولوجيا الحيوية، وقد نجح رهانه في تمكين كوبا من مواجهة أزمة الوباء، فيما لاتزال دول متقدمة تعاني من الفيروس، بحسب ما يراه جريجوري بينوسكي، محامٍ مقيم في هافانا.

يرى بينوسكي أنّ الاستثمار في التكنولوجيا الحيوية أنقذ الأرواح، على عكس الكثير من الاستثمارات التي لم تنجح في تحقيق أهدافها.

حاولت السلطات الكوبية في عام 1970 على سبيل المثال، حصاد أكثر من عشرة ملايين طن من السكر لتحفيز النمو، وقد يكون الهدف من هذا الأمر مهما من الناحية الاقتصادية، لكن النتيجة النهائية أدّت إلى شلل الصناعة وإحداث فوضى، بعدما تمّ سحب الموظفين من أعمالهم للعمل في إنتاج السكر.

تعكس هذه الأمثلة، ما يمكن للتكنولوجيا الحيوية تغييره في المجتمع. اليوم، تنشر كوبا عشرات الآلاف من الأطباء والممرضات الذين يقومون بأعمال إنسانية في الخارج - لكنها تفشل في زراعة ما يكفي من البطاطس للسكان، على حدّ تعبير "ذا غارديان".

المساهمون