"دولرة" الأقساط تثير استياء طلاب الجامعة الأميركية في بيروت

26 مايو 2022
طلاب الجامعة الأميركية في بيروت يتحدّون إدارتهم: لن ندفع! (أنور عمرو/ فرانس برس)
+ الخط -

باتت مسألة "دولرة" الأقساط في الجامعة الأميركية في بيروت حقيقة ثابتة، بعد أن أبلغت إدارة الجامعة طلابها قبل أيام بقرار "مفاجئ" وفق ما وصفه بعضهم، يقضي بدفع 60 في المائة من القسط بالدولار الأميركي بدءاً من العام الدراسي المقبل 2022-2023، على أن تُحسم نسبة 40 في المائة حصراً للطلاب الذين سوف يحصلون على منحة ماليّة أُطلقت في هذا الإطار.

وقرار "الدولرة" هذا الذي أثار حفيظة عدد من الطلاب، كونه يأتي بخلاف القرارات السابقة، برّرته إدارة الجامعة بأنّه محاولة للحفاظ على مكانتها الأكاديميّة وعلى أساتذتها، وسط الأزمة الاقتصاديّة الخانقة التي يشهدها لبنان منذ عام 2019، مؤكّدة أنّ المنحة سوف تُعطى لأكبر عدد من الطلاب.

يوضّح وكيل الشؤون الأكاديميّة في الجامعة الأميركية في بيروت زاهر ضاوي لـ"العربي الجديد" أنّ "الجامعة قرّرت احتساب الأقساط بالعملة ذاتها التي تدفع بها مستحقّاتها، للحفاظ على المستوى الأكاديمي وجودة الجامعة ومكانتها، وكذلك للحفاظ على أساتذتها وموظّفيها ومختبراتها ومكتباتها. لذلك، ابتداءً من الخريف المقبل سوف يُصار إلى استيفاء الأقساط بالدولار الأميركي، لكنّنا اعتمدنا طريقة تدريجيّة، إذ أطلقنا منحة ماليّة توفّر ما قيمته 40 في المائة من القسط، سوف يستفيد منها القسم الأكبر من الطلاب، استجابةً لظروفهم الاقتصاديّة، على أن تصير المنحة 20 في المائة في العام الذي سوف يلي، ثمّ يصير القسط كاملاً بالدولار الأميركي".

وإذ يبدي ضاوي تفهّمه لوضع الطلاب، "لا سيّما الذين يتقاضى أهلهم رواتبهم بالعملة الوطنية (الليرة اللبنانية)"، يطمئن أنّ "كلّ تعديل بالأقساط سوف يترافق حُكماً مع زيادة بالمساعدات الطالبية إلى الحدّ الأقصى". ويشدّد "لن نسمح بأن يترك الطالب جامعته بسبب عجزه عن الدفع، علماً أنّ الطلاب الذين سوف يسدّدون القسط كاملاً بالدولار الأميركي مطلع العام الدراسي المقبل هم إمّا مكفولون من قِبل أفراد ومؤسّسات وإمّا أهلهم يعملون في شركات ومؤسّسات عالميّة ويُعَدّون من ذوي الدخل المرتفع"، مشيراً إلى أنّ "أقساط 25 في المائة من الطلاب مدفوعة بالكامل إمّا من قِبل الجامعة أو مؤسّسات ومنظّمات دوليّة وإمّا عبر منح خارجية".

وعن رواتب الأساتذة والموظّفين، يقول ضاوي إنّ "الجامعة بدأت هذا العام بدفع 20 إلى 25 في المائة منها بالدولار الأميركي. وسوف ترتفع النسبة أكثر من جرّاء تعديل الأقساط، الأمر الذي يضمن استدامة الأبحاث والبرامج التعليميّة، لا سيّما بعد هجرة نحو 25 في المائة من أساتذة الجامعة في العامَين الأخيرَين".

الصورة
طلاب يرفضون دولرة أقساط الجامعات اللبنانية في تحرك في عام 2020 (أنور عمرو/ فرانس برس)
طلاب لبنانيون من جامعات عدّة يعلنون رفضهم "الدولرة" في تحرّك سابق (أنور عمرو/ فرانس برس)

"ضحايا الفساد والتواطؤ"

وكان النادي العلماني في الجامعة الأميركية في بيروت قد عبّر عن امتعاضه إزاء هذا القرار من خلال ملصقات اعتراضيّة، الأمر الذي دفع الإدارة إلى توجيه رسالة تهدّد بتعليق عمله في حال تكرار أنشطة مماثلة. وتعقيباً على ذلك، أصدر النادي بياناً بعنوان "الطلاب ضحايا النظام الفاسد وإدارات الجامعات المتواطئة"، رأى فيه أنّ "دولرة الأقساط بالكامل في هذا التوقيت لم تكن صدفة. لكنّنا لن نقبل بمثل هذا النوع من الإجراءات التعسّفيّة، المقنّعة بتخفيض أقساط بعض الطلاب بما يوازي 40 في المائة لعام واحد فقط. كما أنّنا لن نقبل بتأجيل المواجهة، ولن نتحمّل نتائج الاهتراء السياسي والاقتصادي".

وفي هذا الإطار، يقول نائب رئيس النادي العلماني محمد الساحلي لـ"العربي الجديد" إنّ "الاجتماع مع رئيس الجامعة (فضلو خوري) لم يأتِ بتاتاً على ذكر دولرة الأقساط، كما أنّنا تلقّينا قبل أيام رسالة تقضي بملء استمارة للحصول على منحة ماليّة، من دون أيّ إشارة إلى كيفيّة دعم الطلاب غير المؤهّلين للحصول على المنحة. لذلك ننسّق مع نوادٍ طالبيّة أخرى، لاستيضاح المسألة". ويحكي الساحلي كيف تعمّدت الجامعة في أواخر عام 2020 زيادة الأقساط، "وقد نظّمنا حينها تظاهرات وتعرّضنا لاعتداءات، قبل أن نبادر إلى رفع دعاوى تقضي بدفع الأقساط لدى كتّاب العدل وفق سعر الصرف الرسمي للدولار الأميركي في مقابل الليرة اللبنانية، أي بنحو 1500 ليرة للدولار".

يُذكر أنّ سعر صرف الدولار في السوق الموازية تخطّى، اليوم الخميس، 35 ألف ليرة لبنانية للدولار الأميركي الواحد، في حين أنّ سعر الصرف الرسمي ما زال 1517 ليرة للدولار الواحد.

"لا يكترثون لمستقبلنا"

من جهته، يشير الطالب عبد بساط إلى "ضبابيّة" في الأقساط، قائلاً لـ"العربي الجديد" إنّه "قبل نحو شهر، كشف رئيس الجامعة أنّهم سوف يحتسبون 60 في المائة من القسط بالدولار الأميركي و40 في المائة منه وفق سعر صرف ثمانية آلاف ليرة لكلّ دولار (وهو ما يُعرَف باللولار). لكنّ رسالة وردتنا قبل أيام لم تُذكر فيها إطلاقاً مسألة اللولار. بالتالي، فإنّ الطلاب الذين لن ينالوا المنحة، سوف يضطرّون إلى سداد القسط كاملاً بالدولار الأميركي". ويتساءل بساط: "كيف سوف أدفع 450 مليون ليرة (أكثر من 12 ألف دولار أميركي وفق السوق الموازية) مقابل فصل واحد؟"، لافتاً إلى أنّ "همّهم هو زيادة أرباحهم من دون الاكتراث لمستقبلنا".

بدورها، ترفض مؤسّسة ورئيسة "نادي التغيير" في الجامعة الأميركية صبا مروّة "قرار الدولرة"، مؤكّدة "نحن لن ندفع ثمن سياسات وهندسات مالية وفساد وسرقة على مدى 30 عاماً". وإذ تندّد بـ"القرار المفاجئ الذي اتّخذته الجامعة بعد أن وعدتنا برفع تدريجيّ للأقساط"، تتساءل: "هل من المنطقيّ أن يحدّدوا مهلة التقديم للمنحة ببضعة أيّام وفي فترة الامتحانات؟".

"قرار ضروري"

في المقابل، يبدي الطالب رامي حافظ تفهّمه للقرار ويقول لـ"العربي الجديد": "كانت ثمّة حاجة ضروريّة لضمان استمراريّة الجامعة، لا سيّما أنّ مجمل المصاريف تُدفع بالدولار الأميركي. وقد أكّدت الجامعة أنّها سوف تقدّم مساعدات لكلّ طلابها، شريطة الإفصاح عن وضعهم المادي". ويتحدّث حافظ عن "عدد كبير من الطلاب اللبنانيّين الذين يعمل ذووهم في الخارج، ناهيك عن الطلاب العرب والأجانب الذين يفوق عددهم ألف طالب"، مشيراً إلى أنّه "من غير المنطقيّ بالتالي أن يدفع المقتدرون الأقساط بالليرة اللبنانيّة".

تجدر الإشارة إلى أنّ مسألة الأقساط الجامعية في لبنان وسط الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد تنسحب على عدد من الجامعات الخاصة الأخرى كذلك. وتلك المؤسسات الجامعيّة اتّجهت إمّا نحو "دولرة" الأقساط بالكامل وإمّا نحو قرار يقضي بدفع جزء من القسط بالدولار الأميركي والجزء الآخر وفق أسعار صرف تتفاوت ما بين جامعة وأخرى.