"خفض معدل الخصوبة" في مصر

24 نوفمبر 2021
تسعى الحكومة المصرية لخفض الزيادة السكانية (محمد الشاهد/ فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر في مجلس النواب المصري عن مخاطبة الحكومة، ممثلة في وزير شؤون المجالس النيابية، علاء الدين فؤاد، لجان الشؤون التشريعية والدفاع والأمن القومي والتضامن الاجتماعي والأسرة في البرلمان، بشأن التنسيق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في مواجهة أزمة الزيادة السكانية المطردة، وبحث إصدار تشريع جديد خلال الفترة المقبلة يهدف إلى "خفض معدل الخصوبة الكلي".
وقالت المصادر البرلمانية لـ"العربي الجديد"، إن وزير شؤون المجالس النيابية اقترح على رؤساء اللجان البرلمانية المعنية عقد اجتماعات تحضيرية مغلقة بحضور ممثلي الوزارات والهيئات الحكومية المختصة، للتشاور حول مشاريع مقترحة من الوزارات ومن نواب في البرلمان، تمهيداً لدمجها في مشروع قانون.
وأضافت المصادر أن المقترحات تشمل إقرار "حوافز إيجابية" في مجالات التعليم، والصحة، والدعم التمويني للأسر المكونة من أب وأم وطفل واحد أو طفلين بحد أقصى، واستبعاد الأسر التي تضم ثلاثة أطفال وأكثر من برامج الدعم التي تقدمها الحكومة، في إطار مخطط خفض معدل الخصوبة الكلي لمواجهة تفاقم الزيادة السكانية، بدعوى التهامها لمعدلات التنمية في البلاد.
ويعرف "معدل الخصوبة الكلي" بأنه متوسط عدد الأطفال الذين تنجبهم المرأة خلال حياتها، ويتم حسابه بقسمة عدد المواليد خلال سنة معينة على عدد النساء القادرات على الإنجاب في المرحلة العمرية من 15 إلى 44 سنة، ثم ضربه في 1000. ويتأثر هذا المعدل بمتغيرات عدة من بينها متوسط سن الزواج، وعدد الأرامل، واستعمال وسائل تنظيم الحمل.

وتستهدف الحكومة المصرية خفض معدل الخصوبة من 3.4 في المائة إلى 2 في المائة بصورة تدريجية اقتداءً بالعديد من الدول التي تشبه مصر في التركيبة السكانية، والتي استطاعت خفض هذا المعدل بشكل واضح خلال السنوات الماضية، ومن بينها إندونيسيا (من 5.6% إلى 2.3%)، وبنغلاديش (من 6.9% إلى 2.1%)، وتايلاند (من 6.1% إلى 1.5%)، وماليزيا (من 6.4% إلى 2%)، وإيران (من 6.5% إلى 2.1%).

لكن يبدو واضحاً أن الحكومة والبرلمان لن يتعجلا في إصدار القانون الجديد لضمان عدم مخالفة أي من مواده لأحكام الدستور الذي ينص في المادة 53 على أن "المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر".
وأوضحت مصادر برلمانية لـ"العربي الجديد"، أن النص على تمتع الطفلين الأول والثاني وحدهما بكافة صور الدعم الحكومية، وحرمان الطفل الثالث، ومن يليه من أطفال من هذا الدعم، يمثل مخالفة دستورية، وأن هذا الأمر يتطلب إجراء مناقشات موسعة حول مشروع القانون، وعدم قصر تلك المناقشات على ممثلي الحكومة وأعضاء البرلمان، بل مشاركة ممثلين عن منظمات المجتمع المدني.
وكانت النائبة عن حزب "مستقبل وطن" حائز الغالبية في البرلمان المصري، رانيا الجزايرلي، أعلنت اعتزامها التقدم بمشروع قانون يستهدف تنظيم النسل في مواجهة الزيادة السكانية، باعتبار أنها "باتت خطراً يُهدد استقرار الدولة المصرية، ويبطئ من نموها الاقتصادي، ويُهدر من حقوق المواطنين في الحصول على خدمات جيدة"، وفق قولها.

تقليص دعم التعليم لخفض الزيادة السكانية (محمد الشاهد/فرانس برس)
تقليص دعم التعليم لخفض الزيادة السكانية (محمد الشاهد/ فرانس برس)

وأكدت الجزايرلي، في تصريحات سابقة، أن مشروع القانون الذي تعكف على تجهيزه، يحرم الطفل الثالث من نصف قيمة الدعم عبر الخدمات الحكومية، كما يحرم الطفل الرابع ومن يليه من أطفال من كامل الدعم، مشيرة إلى إرسال مسودة القانون إلى المؤسسات الدينية لإبداء الرأي، علماً بأنه ينص على تطبيق أحكامه اعتباراً من بداية عام 2024، وعدم سريانها بأثر رجعي.
وفي 23 يناير/ كانون الثاني الماضي، ربط الرئيس عبد الفتاح السيسي تردي المنظومة التعليمية بالزيادة السكانية، قائلاً: "لما تسألوني عن (تردي) منظومة التعليم، هاسألكم أخبار تحديد النسل إيه؟ هاتطالبونني بتطوير التعليم، هأطالبكم بتنظيم النسل"، وأضاف خلال افتتاحه مشروع استزراع سمكي: "عاوزين تعيشوا حياتكم في موضوع النسل، وجايين تسألوني عن التعليم. إحنا شغالين في كل الملفات، ومش هاتستحملوا التركيز على التعليم وترك باقي القطاعات. أن نصرف كل مواردنا المالية على تطوير التعليم ممكن ينجح في دول أخرى بخلاف مصر"، على حد تعبيره.

وتستهدف "رؤية مصر 2030" خفض معدل الإنجاب إلى 2.4 طفلا لكل سيدة في 2032، وإلى 1.6 طفل في 2052، وأفاد تقرير لـ"الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء" الحكومي، بأن عدد السكان في الداخل المصري بلغ 102 مليون نسمة، في 5 يوليو/ تموز 2021، بزيادة قدرها مليون نسمة خلال 275 يوماً، ما يعني استمرار انخفاض أعداد الزيادة السكانية، وزيادة الوقت المستغرق لزيادة فرد إلى عدد السكان من 14 إلى 24 ثانية.
وأظهر التقرير انخفاض عدد المواليد في مصر خلال ثمانية من شهور عام 2020 مقارنة بنفس الشهور في عام 2019، وأن مصر تحتل المرتبة الأولى بين الدول العربية من حيث عدد السكان، والمرتبة الثالثة بين الدول الأفريقية بعد نيجيريا وإثيوبيا، والترتيب الرابع عشر بين دول العالم.

المساهمون