يشعر أشخاص كُثر بأن استياءهم يتأرجح ويتدفق بانتظام، وبأن غيرتهم من إنجازات آخرين يتمتعون بنمط حياة لا يستحقونه، ومكتسبات لا ترقى إلى مستوى كفاءاتهم، ما زالت تنخر عقولهم، رغم اعتقادهم بأنها ستتلاشى مع تقدمهم في العمر.
يفيد تقرير نشره موقع "سايكولوجي توداي" بأن بعض المستائين بذلوا جهوداً لتجنب هذه المشاعر السلبية وتأثيراتها على حياتهم، خصوصاً عبر استبعاد عوامل تؤجج نظرية المقارنة الاجتماعية، وبينها وسائل التواصل التي يستخدمها كُثر "في التجسس على الناس". كما حاولوا تفادي الشكاوى المفرطة عن الحال والظروف في أحاديثهم، لكنهم استمروا في الشعور بأنهم أهدروا الوقت والفرص بخلاف آخرين، ولم يهضموا كيف خرج البعض من أزمة وباء كورونا بصفقات كتب وسيناريوات جديدة، وفرص عمل مربحة، واكتساب طلاقة التكلم بلغات إضافية.
تعتبر المتخصصة في الزواج والأسرة بيكي وايت أن الجميع يشعرون بهذه الطريقة أحياناً في مواجهة لحظات من القصور في الأداء أو الإنجازات، وتوصي الأشخاص الذين يتعرضون لردود الفعل الذاتية تلك بإظهار تعاطف مع نفسهم، وتذكّر بأنهم بذلوا قصارى جهدهم، فما يساعد في سدّ فجوات عدم بلوغ الإدراك الكافي والسليم في شأن القدرات والكفاءات، هو أن يكون الشخص أفضل صديق لنفسه عبر التفكير بطريقة أكثر واقعية ولطف.
من جهتها، تقول متخصصة العلاج النفسي في بوسطن، أنجيلا فيكن: "لا يمكن إلا تقديم الدعم وإظهار التعاطف مع الأصدقاء الجيّدين الذين يمرون بأوقات عصيبة. وإذا لم يستطع الشخص وقف النقد الذاتي، ليتوجه إلى أفضل صديق داخله، أي إلى نفسه".
قبل سنوات طويلة، تبنى المحلل النفسي دونالد وينيكوت نظرية أن الشخص "يجب أن يكون ناقصاً لكي يكون جيداً بمقدار كافٍ"، ورأى بأن كون الوالدين جيدين بدرجة كافية يُهيئ الطفل للتعامل في شكل أفضل مع الفشل في المستقبل، مشيراً إلى أن مقولة "عدم الكمال يجعل الإنسان أفضل" تلخص إطار هذه المعادلة.
ويعتبر المعالج لورين كوك أن "إبعاد شعور الاستياء قد يتحقّق عبر فكرة شعور الشخص بالرضا عمّا سيتذكره الناس عنه، أما تركيزه على سحق الأفكار الصعبة عن ذاته، فقد لا يشكل عاملاً لمساعدته". وهنا تؤكد المستشارة النفسية في إلينوي دانا هول "ضرورة الحفاظ على نسبة عالية من الفضول كي نبقى منفتحين على كل الاحتمالات".
أما المؤلف الموسيقي شون ميهتا فيشدّد على "ضرورة استبعاد فكرة منافسة أي شخص آخر. فالحياة رحلة فريدة لا تشبه رحلة أي شخص آخر في مرحلة سابقة أو لاحقة. ورغم أن الرغبة في أن نكون أفضل هي رغبة بشرية، يجب الاعتراف بأن الجميع لديهم ميزات وعيوب مختلفة".