سواء على أطراف المدينة أو وسطها لا تنتهي شكاوى سكان كربلاء من توسع ظاهرة استعمال عربات "التوك توك"، التي تسمى شعبياً "تكتك" أو "ستوتة" في العراق، إذ تنتشر آلاف منها في الطرق العامة والفرعية، وقد يقودها سائقون بطرق غير منضبطة، ويتسببون في مشاكل مرور وحوادث بعضها خطيرة داخل طرق المدينة المزدحمة أساسا بالزوار طوال العام.
ثقافة استعمال عربات الـ"توك توك" التي انتقلت قبل نحو 10 سنوات من العاصمة بغداد إلى باقي المدن المزدحمة في العراق، كوسيلة نقل سريع بين المناطق ذات فوائد كبيرة، خاصة بالنسبة إلى المواطنين من الطبقة الفقيرة، لم تعد تلقى ترحيباً لدى كثير من السكان، رغم أنها شكلت أيضاً إحدى علامات تظاهرات أكتوبر/ تشرين الأول 2019، في أنحاء العراق، بعدما شارك أصحابها في عمليات ميدانية لنقل جرحى وجلب المياه والمؤن للمحتجين في الساحات، خاصة في بغداد والنجف والبصرة.
ويشتكي المواطنون تحديداً من تحوّل عربات "التوك توك" إلى مشكلة في الشوارع بسبب عدم التزامها قوانين السير، بعدما باتوا يشاهدونها في أماكن غير اعتيادية، بينها الأرصفة، ويتعاملون مع انحرافاتها المفاجئة الخطرة لتجنب السيارات الكبيرة.
يعتبر المواطن أحمد حسين، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن مركبات "التوك توك" سبب رئيسي للازدحام في شوارع كربلاء، ويتهم سائقيها بعدم الاعتراف بقوانين المرور وإشارات التحذير، وتجاهل مراعاة حال الشوارع الضيقة والمارة الذين يعبرون فيها، ويرى أيضاً أن هؤلاء السائقين يفلتون دائماً من المحاسبة، ويقول: "يتصرف قسم من أصحاب التوك توك بطرق غير لائقة مع أولئك الذين يعترضون قيادتهم، ويرفعون عالياً وسط الشوارع أصوات الأغاني الشعبية التي تصدرها المسجلات الموجودة داخلها".
وفيما يحمّل سكان كربلاء السلطات مسؤولية المشاكل الناتجة عن عربات "التوك توك" في شوارعهم، يؤكد المتحدث باسم شرطة المرور في المحافظة الرائد رياض الحمداني، أن "عمليات الاستيراد المفتوح لعربات التوك توك أثّرت على حال الشوارع، علماً أن لا إحصاءات دقيقة لعددها، لأن سائقيها يقودونها بلا رخص سوق، لكن من الواضح أن عددها كبير جداً".
ويكشف الحمداني أن عدد الحوادث التي تسببت بها هذه العربات ناهز ثلاثة آلاف في العام الماضي، وأن بعضها ترافقت مع سقوط ضحايا قدروا بعشرات من المواطنين، ويعزو انتشار عربات "التوك توك" إلى امتلاك أشخاص كثيرين من الطبقة الفقيرة لها كونها تمنحهم فرصاً للعمل، ويقول: "الحل الحالي لمشاكل عربات التوك توك يتمثل في وقف استيرادها لمدة خمس سنوات، من أجل السيطرة على عددها، كما يجب إصدار قرارات لتطبيق إجراءات قانونية في حق مالكيها وسائقيها، مثلما يحصل لأصحاب السيارات العادية".
وفيما يتحدث الحمداني عن تعرض رجال شرطة المرور لاعتداءات من قبل سائقي عربات "التوك توك"، يشدد فاضل الأعرجي، الذي يملك عربة "توك توك"، في حديثه لـ"العربي الجديد"، على أن هذه العربات هي وسيلته الأفضل على غرار كثيرين لكسب المال والعمل، ويقول: "البطالة مؤذية ولدينا عائلات. تمنحنا عربة التوك توك فرصة لتوفير لقمة عيشنا. صحيح أن عددها كبير، لكن الجميع يحصل على رزقه رغم أن بعض السائقين قد يقودون التوك التوك بطريقة سيئة ويرتكبون مخالفات مؤذية، لكن هذا لا يدعو الى محاربتنا بالرزق". ويشير إلى أن عربات "التوك توك" ساهمت بشكل فعّال في تقليل كلفة سيارات الأجرة، وتفضلها عائلات لأنها تصل إلى أي مكان سواء كانت شوارع معبدة أو غير معبدة، ويعتبر أن معاقبة السائقين المسيئين أفضل من محاربة الجميع.
بدوره، يحمّل نائب محافظ كربلاء جاسم الفتلاوي جهات متعددة مسؤولية ما يصفه بأنه "فوضى مرورية تحصل في الشوارع العامة بكربلاء وعموم العراق". ويرى، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الوضع في المدينة والعراق عموماً بات غير مقبول، خاصة في ما يتعلق بالفوضى المرورية، ويعتبر أن أي حكومة محلية لا يمكن أن تحدّ من الفوضى، "فالجميع يتحجّج بالرزق، وهو أمر صحيح، لكن لا بدَ من وضع أنظمة قانونية".
ويتحدث الفتلاوي أيضاً عن أن شوارع كربلاء لم تعد تتحمّل كل هذا الاستيراد العشوائي، في حين أنها تجذب زواراً كثيرين بخلاف المحافظات الأخرى، ويدخلها آلاف يومياً للعمل. ويطالب مجلس النواب بإصدار تشريعات وقوانين خاصة تحد من الفوضى المرورية التي تحصل في البلاد بسبب توقف عمل مجالس المحافظات، ويؤكد أن "الحكومة المحلية في كربلاء ستتخذ إجراءات مهمة، رغم أنها قد تكون غير فعّالة في غياب التشريعات القانونية".