"البرباشة".. فقراء يحمون الطبيعة من النفايات البلاستيكية في تونس

28 يناير 2022
يقوم جامعو البلاستيك من المزابل والمكبات بدور بيئي كبير (Getty)
+ الخط -

يُساهم الفقراء في تونس بشكل كبير في حماية البيئة، مع تصاعد أعداد مُجمّعي البلاستيك من مكبات النفايات وبيعها، بهدف إعادة تدويرها في بلد ينتج سنويا أكثر من 2.7 مليار قارورة ماء، و2,4 مليار كيس بلاستيكي.

وزادت تداعيات الجائحة الصحية من إقبال المعوزين على مهن جمع قوارير البلاستيك من المكبات والفضلات المنزلية داخل الأحياء السكنية، حيث ينتشر جامعو النفايات من أجل جمع القوارير وبيعها لمجامع التدوير.

وبالإضافة إلى توفير لقمة عيشهم، يقوم جامعو البلاستيك من المزابل والمكبات بدور بيئي، عبر الحد من انتشار هذا الصنف من النفايات الخطرة، والمساهمة في تدوير الجزء الأكبر منها.

ويُلاحظ في أحياء تونس انتشار واسع لجامعي البلاستيك الذين زاد عددهم مع ارتفاع نسب الفقر في البلاد خلال العامين الأخيرين، فيما تغيب الإحصائيات الرسمية عن عدد العاملين في هذا النشاط.

لكن الخبير البيئي وليم المرداسي يقول، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "لا يمكن تحديد العدد الرسمي لجامعي البلاستيك"، مؤكدا أن "عدد العاملين في هذا النشاط متغيّر على وقع الظروف الاجتماعية والاقتصادية في تونس".

يُلاحظ في أحياء تونس انتشار واسع لجامعي البلاستيك الذين زاد عددهم مع ارتفاع نسب الفقر في البلاد خلال العامين الأخيرين

لكنّ الخبير أقر بدور كبير لما يسمى محليّاً بـ"البرباشة" في حماية الطبيعة من النفايات البلاستيكية، ولا سيما منها القوارير التي يصل معدل تدويرها إلى أكثر من 90 بالمائة"، وفق تأكيده.

وأفاد المرداسي بأنّ "أسرا بأكملها تعمل في فرز النفايات، ما يفسّر تصاعد عدد المجمعين في الإجازات وأيام العطل، إذ تستعين العائلات التي تتكسّب من هذا النشاط بأبنائها من أجل جمع أكبر قدر ممكن من نفايات البلاستيك الصالحة للتدوير".

وأضاف أن "هذا النشاط يمكن أن يوفر دخلاً يوميا يتراوح ما بين 20 و40 ديناراً  للمجمعين (الدينار تونسي يساوي 0.34 دولار أميركي)، الذين يبيعون المحصول اليومي لشركات التدوير التي تقدر سعر الكيلوغرام الواحد من القوارير ما بين 700 و1000 مليم" (دينار تونسي).

وأكد الخبير البيئي أن "العائد المالي الذي يحصّله مجمعو البلاستيك ساعد على تطوير هذا النشاط وأنقذ البيئة من مخاطر كبيرة يمكن أن يسببها هذا الصنف من النفايات الذي يحتاج إلى عقود من أجل التحلل".

وأفاد المرداسي، في سياق متصل، بأن "مهنة فرز النفايات شهدت بدورها تطوّرا في ظل تنامي الأزمة الاقتصادية في تونس، حيث يعرف قطاع "البرباشة" توسّعا وإعادة تشكّل، وذلك بتطوير منقبي النفايات لطرق عملهم عبر الاستعانة بعربات صغيرة تساعدهم على تجميع ونقل أكبر قدر ممكن من محصول النفايات القابلة للتدوير".

وتبيّن المؤشرات الإحصائية للوكالة الوطنية للتصرف في النفايات أن أكثر من 150 ألف شخص ينشطون في مجال النفايات، من بينهم ما يناهز 70 ألف منقب عن النفايات ينتشر أكثر من نصفهم في الأحياء ذات الكثافة الشعبية بالعاصمة، على غرار حي التضامن ودوار هيشر وبرج شاكير.

ولدحر الفقر والعوز، يخلق المعوزون في تونس حلولا فردية لمواجهة صعوبات الحياة، فتصبح مكبّات النفايات المنزلية والصناعية المنتشرة بالأحياء السكنية ملاذا لهم، فيما يؤسس آخرون علاقات تعاقدية مع المقاهي والمطاعم للتزود بالقوارير من المنبع مباشرة.

وبحثا عن الاعتراف بدورهم البيئي، يسعى العاملون في هذا النشاط إلى تأسيس جمعيات مدنية تُعنى بهذا القطاع الهامشي وتطالب بهيكلته والاعتراف به كنشاط اقتصادي منظم ينقذ البيئة من مليارات الأطنان من النفايات التي تضر الطبيعة.

المساهمون