حملة الاعتقالات التركية ضدّ الإعلاميين تُثير انتقادات واسعة

16 ديسمبر 2014
تنديد باعتقال رئيس تحرير صحيفة "زمان" (أحمد بلاط/الأناضول)
+ الخط -


أثارت الحملة التي قادتها الشرطة التركية ضدّ ما يعرف بالكيان الموازي، والتي طالت عددا من المؤسسات الإعلامية التابعة لحركة "الخدمة" الكثير من ردود الفعل المنتقدة على المستوى المحلي والدولي، وذلك مع اقتراب ذكرى مرور عام على ما يعرف بعملية 17 و25 ديسمبر/ كانون الأول، والتي طالت أبناء وزراء ورجال أعمال ومسؤولين أتراك.


وطالت الحملة التي قامت بها السلطات التركية في 31 ولاية تركية، 25 شخصاً من أصل 31 شخصاً صدرت بحقهم مذكرات توقيف، من بينهم ضباط سابقون في الشرطة وإعلاميون موالون لحركة "الخدمة"، التي يتزعمها الداعية الإسلامي فتح الله غولن. وجرى اعتقال رئيس شعبة مكافحة الإرهاب في إدارة أمن إسطنبول السابق طوفان إيرغودر، ورئيس شعبة مكافحة الجريمة المنظمة السابق في إسطنبول، موتلو إكيزأوغلو، إضافة إلى كل من رئيس تحرير جريدة "زمان"، إكرم دومانلي، ورئيس مجموعة "سمان يولو" الإعلامية، هدايات كاراجا، التابعين لحركة الخدمة.


كما طالت الحملة عددا من العاملين في مسلسلات درامية أنتجها تلفزيون "سمان يولو" مثل صالح أصان، منتج مسلسل "الصقور"، والمخرج أنغين كوتش، والسيناريست علي كراجا، كاتب سيناريو المسلسل التركي "تركيا واحدة" ، والسيناريست مقبولة تشام علمداغ.
ووفق الإدعاء، فإن الاعتقالات جاءت بتهمة المشاركة في "إنشاء منظمة إرهابية مسلحة، وإدارتها، والانتساب إليها، والقيام بالاحتيال والافتراء في إطار المنظمة"، في إشارة إلى العملية التي أجرتها الشرطة التركية ضدّ منظمة "تحشجية" الإسلامية التي كانت تناصب حركة "الخدمة" العداء، وأدت  العملية حينها إلى اعتقال 11 شخصاً من المنظمة، وسجن أبرز أعضائها محمد دوغان لمدة 17 شهراً. 


ومع بداية حملة الاعتقالات، تجمهر عدد من المواطنين أمام مبنى قناة "سمان يولو" التلفزيونية وجريدة "زمان" في مدينة إسطنبول، دعماً للموقوفين، فيما خرجت تظاهرتان، أمام قصر العدل في كل من العاصمة أنقرة، حيث شارك في التظاهرة عدد من الاعلاميين، ورددوا هتافات مساندة للموقوفين، وتجمعوا أمام قصر العدل وسط العاصمة، وفي إزمير ثالث أكبر مدينة تركية، حيث تظاهرت مجموعة من المسندين للحركة أمام القصر العدلي.


ووصف زعيم حزب "الشعب الجمهوري"، أكبر أحزاب المعارضة، كمال كلجدار أوغلو، العملية بأنها "انقلاب"، قائلاً إن "العملية التي جرت اليوم ليست شيئاً يمكن أن تراه في الديمقراطيات الصحية، إن ما تم هو انقلاب"، مضيفاً أن "اعتقال صحفيين وإجراء حملات على محطات تلفزيونية في الصباح الباكر أمر لا يمكن قبوله في أي ظروف".


ولم يتأخر ردّ رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو على اتهامات كلجدار أوغلو، إذ قال إنّ :الشعب الجمهوري المتعاطف مع نظام البعث في سورية، هو البعث التركي، إن الشعب الجمهوري يحمل ذهنية (رئيس النظام السوري بشار) الأسد، تلك الذهنية البعثية الانقلابية".

وعلى المستوى الدولي، أكدت الخارجية الأميركية في البيان الصادر عن المتحدثة باسمها جين ساكي أنها تتابع عن كثب أنباء أعمال الدهم والتوقيفات في تركيا التي استهدفت "وسائل إعلام تنتقد الحكومة علناً"، داعية المسؤولين فيها إلى "الحيلولة دون الإخلال بقيم حرية الصحافة واستقلال القضاء ومنع وقوع الضرر في المؤسسات الديمقراطية التركية".


كما دعت المفوضية الأوروبية إلى إجراء تحقيق مستقل ومحايد مع الموقوفين على خلفية التحقيقات. واعتبر بيان مشترك صادر عن ممثلة السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، فريدريكا موغريني، والمبعوث الأوروبي لسياسة الجوار الأوروبية والتوسعة جوهانس هان، أنّ "التوقيفات بحق بعض الصحفيين في تركيا، ومداهمة مكاتب إعلامية، لا تتناسب مع حرية الإعلام، والتي تعتبر  أحد أهم أسس الديمقراطية"، داعياً إلى "الاحترام الكامل لحقوق الموقوفين، وإجراء تحقيقات مستقلة ومحايدة بحقهم".


وأضاف البيان أنّ "التوقيفات المذكورة تتناقض مع قيم ومعايير الاتحاد الأوروبي، التي تريد تركيا أن تكون جزءاً منه، وأن أي خطوات ستتخذ باتجاه ضم دولة ما للاتحاد الأوروبي، مرهونة بالاحترام الكامل للحقوق الأساسية وسيادة القانون".


وكان الحساب الذي يحمل الاسم المستعار "فؤاد أفين"، أطلق يوم الخميس الماضي تغريدة على موقع "تويتر"، أكد فيها أن "الحكومة تخطط لحملة اعتقالات واسعة في صفوف مناصري حركة الخدمة"، مما دفع المئات إلى الاعتصام أمام مقر جريدة "زمان".


وبحسب أفين، فإنه "كان من المفترض أن تطال الحملة المقررة يوم الجمعة، 150 شخصاً من أتباع غولن، من بينهم عدد من الصحافيين ورئيس تحرير جريدة "زمان" التركية، التابعة للحركة أكرم دومانلي". ولاحقاً، نشر أفين تغريدة، جاء فيها أن "الحكومة ألغت العملية بعد تسريب الخبر"، ليؤكد مساء أمس أن العملية ستجري صباح اليوم أو غد وهو ما حصل. 


وتصف الحكومة التركية جماعة غولن، المقيم في الولايات المتحدة بـ"الكيان الموازي"، وتتهمه بالتغلغل في سلكَي الشرطة والقضاء، والوقوف وراء حملة الاعتقالات التي شهدتها تركيا في 17 كانون الأول/ ديسمبر 2013، بذريعة مكافحة الفساد، وطالت أربعة وزراء ورجال أعمال مقربين من الحكومة التركية، بما في ذلك ابن رئيس الحكومة حينها رئيس الجمهورية الحالي، رجب طيب أردوغان، وقد أخلي سبيلهم لاحقاً بعد قرار المحكمة المعنية بإسقاط تهم الفساد عنهم.


المساهمون