"حركة أوزبكستان الإسلامية" تنضمّ إلى "داعش"

10 أكتوبر 2014
تخشى موسكو تهديدات الحركة (سيفا كاراسان/الأناضول)
+ الخط -
يكاد المتخرّجون في جميع مدارس الإرهاب العالمية، يقاتلون اليوم تحت لواء "الدولة الإسلامية" (داعش) في سورية، ولا يبدو أن أي ضربة عسكرية، مهما بلغت من الشدّة، ستقطع طريق الإرهاب، الذي يتبدّل اسمه بتغير الجغرافيا وربما الضرورة، فخزان الفقر والجهل البشريين لا ينضبّ، طالما أن سياسات التمييز والاستغلال قائمة، وأن البشر لا يجدون لأزماتهم مخرجاً في دنياهم، بل في بلدانهم.

وهكذا، فكل نزاع مسلّح يولّد مزيداً من الإرهابيين الذين سرعان ما يجدون من يوظفهم، من أفغانستان إلى طاجيكستان فأذربيجان فقيرغيزيا ثم سورية، والطريق مفتوح، طالما أن مصالح الكبار ومطامعهم لا تحدّها حدود.

في السياق، نقلت وكالة "ريا نوفوستي" الروسية، يوم السادس من أكتوبر/تشرين الأول الحالي، عن مصدر في قوات الأمن الأوزبكية، قوله إن "زعيم حركة أوزبكستان الإسلامية، عثمان غازي، أعلن ضمّ حركته إلى داعش". وأضاف المصدر الأمني، قائلاً "لدينا تسجيلات بالصوت والصورة، تؤكد دعم حركة أوزبكستان الإسلامية للدولة الإسلامية ومشاركتها في عملياتها القتالية".

وأكد أن "هناك معطيات عن عمليات تجنيد نشطة في بلدان آسيا الوسطى، وتدريب للمقاتلين في المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان لإرسالهم للقتال في سورية والعراق. وروسيا تراقب هذه الأنشطة وتساعد شقيقاتها الدول السوفييتية السابقة في تتبعها، إذ إن هذه الأنشطة تقلقها". ويضيف "الدولة الإسلامية، باتت كتنظيم القاعدة، ولم تعد خطراً محلياً، والأراضي الروسية على مقربة من الخزان البشري الذي ينطلق منه كثير من المقاتلين".

إلى ذلك، كانت وسائل إعلام مختلفة قد تحدّثت، في نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، عن مقتل 17 أوزبكياً في سورية، كانوا في عداد مقاتلي "الدولة الإسلامية"، مع بدء الحملة الدولية ضد التنظيم. وبالتوازي مع ذلك، تجري مداهمات بصورة مستمرة في أوزبكستان، يثمر بعضها عن إلقاء القبض على متهمين بالانتماء إلى الحركة الإسلامية التي تقع غرفة عملياتها الآن في أفغانستان.

وكانت "حركة أوزبكستان الإسلامية" قد تأسست عام 1996 من قبل نشطاء إسلاميين أوزبك، انتقلوا إلى أفغانستان للتأسيس والانطلاق من هناك إلى القوقاز وآسيا الوسطى السوفييتية عموماً. كما تشير مواقع إلكترونية مهتمة بهذا الشأن مثل "قره باخ.أم"، و"هوسيسبايل.ووردبريس.كوم"، و"إسلام نيوز.طج"، و"توبوور.رو" وغيرها. وكان واضحاً منذ البداية، أن هذه الحركة كانت على ارتباط وثيق بحركة "طالبان" وتنظيم "القاعدة".
وأمّا نشاطات "القاعدة" فقد بدأت في فضاء الاتحاد السوفييتي السابق في بداية تسعينيات القرن الماضي، منذ أن أنشأ هذا التنظيم مقراً له في باكو، عاصمة أذربيجان، لتقديم الدعم للإسلاميين الأذربيجانيين في حربهم ضد قوات الدفاع الذاتي في إقليم "ناغورني كاراباخ".

وبدأ "القاعدة" بتجنيد الشباب المسلمين في 1991، تحت شعار "الحرب مع أرمينيا". وانتقل في إطار ذلك حوالى 1500 مقاتل أفغاني إلى أذربيجان. ثم ما إن حل صيف 1994 حتى تجاوز عددهم 4500 مقاتل. إضافة إلى ذلك، فثمة من يؤكد مشاركة مقاتلي "القاعدة" في حرب الشيشان إلى جانب الجنرال جوهر دوداييف. وأمّا بعد تمكن السلطات الروسية من إخماد التمرد الشيشاني، استمرّ "القاعدة"، انطلاقاً من قواعده في أفغانستان وأذربيجان، في تجنيد المئات من بلدان آسيا الوسطى وأذربيجان لزجهم في القتال حيثما يلزم.

وقد عبّر ذلك عن نفسه في أنشطة إسلامية راديكالية مختلفة في كل من أوزبكستان وقرغيزستان وأذربيجان وطاجيكستان وكازاخستان وتركمنستان.
إلى ذلك، تم تأسيس حزب "النهضة" الإسلامي، سنة 1990، من قبل نشطاء طاجيك في مدينة أستراخان الروسية. وقد طرح الأخير هدفاً علنياً هو "نشر الشريعة الإسلامية". وسرعان ما ظهرت بعده تنظيمات إسلامية في الأقاليم الروسية والآسيوية الأخرى، من نمط "التوبة" و"جيش الإسلام" و"الدولة" وغيرها... إلى أن ظهرت "حركة أوزبكستان الإسلامية" سنة 1996.

مع العلم أن تأسيس "حركة أوزبكستان الإسلامية" يُنسب إلى طاهر يولداجيف، وهو مظلي سوفييتي سابق حارب في أفغانستان، وإلى الوهابي عبد الأحد، الذي تلقى تدريبات في أذربيجان. ويُعتبر هدف الحركة المعلن هو أسلمة القوقاز بالكامل، مما يتطابق مع الهدف الذي أعلن تنظيم "القاعدة" عن دعم الحركة لتحقيقه. وتُتابع الأوساط الروسية، أمر هذه الحركة وأنشطتها باهتمام، كما تُدرك مخاطر نقل نشاطاتها إلى الأرض الروسية، بعد اكتساب خبرات قتالية جديدة في سورية والعراق، وربما مزيد من الأعضاء المتطرفين، وإمكانية توظيفها من قبل أعداء روسيا.

ومن النزاعات المسلّحة التي شاركت فيها "حركة أوزبكستان الإسلامية": الحرب الأهلية في طاجيكستان (1992 ـ 1997) إلى جانب المعارضة الطاجيكية الموحّدة، كما حاربت في أغسطس/آب 1999 ضد القوات الحكومية في جنوب قيرغيزيا، وقاتلت سنة 2001 إلى جانب حركة "طالبان" في أفغانستان.

لذلك تقوم السلطات الأوزبكية بملاحقة عناصر التنظيم، وربما بمساعدة استخباراتية روسية. غير أن ما يُصعّب المهمات الأمنية أن قادة الحركة مقيمون خارج البلاد ويديرون أنشطتها في ظلّ توافر وسائل الاتصال المتطورة، علما بأن قيادة "حركة أوزبكستان الإسلامية"، كانت متمركزة في بداية عملية مكافحة الإرهاب في قندهار ـ أفغانستان. وباتت منذ عام 2001 ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية المتطرفة في طاجيكستان، وحُظر نشاطها بقرار من المحكمة العليا في البلاد، كما أن الولايات المتحدة وروسيا ودول آسيا الوسطى تصنفها كمنظمة إرهابية. وفي حين أن الولايات المتحدة بمنأى عن تنظيمات الإسلام الراديكالي المقاتل، فإن روسيا مهددة بمخاطره، ومستهدفة به، ربما بعد العالم العربي مباشرة.
المساهمون