خبراء وناشطون مصريون: تصنيف "القسّام" إرهابية يخدم الاحتلال

09 فبراير 2015
خبراء يعتبرون قرار القضاء سياسياً وليس قانونياً (فرانس برس)
+ الخط -
يثير تحديد محكمة الإسكندرية، شمال مصر، جلسة أولى للنظر في اعتبار تركيا دولة معادية وداعمة للإرهاب، حالة من الغضب الشعبي تجاه المعايير التي يعتمدها النظام المصري الحالي، بأركانه القضائيّة والإعلاميّة والسياسيّة، في تصنيف الدول والحركات والفصائل العربيّة والإسلاميّة.

لم يكن أحد في مصر والوطن العربي، أو حتى داخل الكيان الصهيوني ذاته، يتوقّع أن يبادر النظام المصري الحالي إلى اعتبار إحدى كتائب المقاومة الفلسطينية، "عز الدين القسام"، منظمة إرهابية، بموجب حكم صادر عن القضاء المصري.

ولم يكن مفاجئاً أن يصدم القرار قطاعاً عريضاً من الشعب المصري والنخب الوطنية والمثقفة. وعلى الرغم من موقف النظام الحالي من جماعة "الإخوان المسلمين" وحركة "حماس"، لكنّه لا يمكن قراءة الحكم إلا من باب خدمته مصلحة الاحتلال بالدرجة الأولى.
ويؤكّد ناشطون وخبراء وسياسيون أنّ اعتبار القضاء المصري كتائب "القسام" إرهابية، يُعدّ "سابقة خطيرة" هي الأولى من نوعها، ومن شأنها أن تُفْقد مصر دورها الريادي في دعم القضيّة الفلسطينيّة. ويذهب البعض إلى حدّ التحسّر على مواقف الرئيس المخلوع حسني مبارك والذي كانت مواقفه حيال مقاومة إسرائيل "جيدة نوعاً ما" مقارنة مع مواقف الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي.

وفي موازاة خروج تظاهرات رافضة لحكم محكمة الأمور المستعجلة باعتبار "القسام"، وهي الجناح العسكري لحماس، "إرهابية"، خلال مسيرات رفض الانقلاب العسكري في مصر، يقول أحد شباب "حركة الاشتراكيين الثوريين"، محمد الشافعي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "اعتبار كتائب القسام إرهابية يخدم إسرائيل". ويرى أنّ حكم القضاء المصري "مجرد حكم سياسي، يضع مصر في دائرة الحرج على المستوى العربي"، لافتاً إلى أن "الجميع يتبرؤون من هذا الحكم، الذي يجعل من أصحاب الحق إرهابيين".

ويُعرب الشافعي عن اعتقاده بأنّ "إسرائيل باتت متأكدة من أنّ النظام الحالي في مصر هو حليفها الحقيقي، بعد اعتباره أكبر أعدائها إرهابياً". ويضيف: "النظام الحالي فاق كل الحدود، حتى مبارك الذي خرجت ضدّه الملايين في ثورة يناير، كانت له مواقف جديّة ومشرّفة في مواجهة الاحتلال الصهيوني". ويشدد على أن "النظام الحالي يعلق الفشل في سيناء على "حماس"، من دون أن يقدّم دليلاً واحداً على تورط "القسام" أو أي جهة أخرى في الأحداث التي تشهدها سيناء".

وفي السياق ذاته، يعتبر القيادي في الجبهة السلفية، مصطفى البدري، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنّ "السيسي يحاول أن يلعب ببطاقات عدّة، بينها الضغط على جماعة "الإخوان المسلمين"، لناحية أنّ استمرار وقوفها ضده، يعني خسارتها للقضية الفلسطينية وذراعها هناك"، أي "حماس" و"القسّام".
ويعتبر البدري أن "النظام الحالي يحاول كسب دعم الكيان الصهيوني لمصلحته؛ بحيث يضغط الأخير على الولايات المتحدة والغرب، لعدم التخلص منه في وقت قريب". ويقول: "يريد السيسي إضفاء شيء من الشرعية على جرائمه المستمرة داخل سيناء، بدون سند قانوني، محاولاً أن يربط بين ولاية سيناء وكتائب القسام".

ويعتبر أنّ "النظام الحالي يراهن على الفئة غير المثقفة والتي لا تتابع إلا الإعلام الرسمي أو الإعلام التابع للانقلاب". ويضيف: "هذه الفئة غير مؤثرة في الأحداث، ودائما ما تؤدي دور المتفرج، وتصفق فقط لمن ينتصر في النهاية، لكنها لا تشارك أبدا في أي معركة"، مشيراً إلى أنّ "الفئة الواعية المتابعة للواقع والتاريخ، رافضة تماماً أي اعتداء مصري على أيّ من فصائل المقاومة الفلسطينية، وهذه الفئة هي المؤثرة حقيقة في مجريات الأمور، وعموم الشارع المصري يكره الصهاينة ويكره من يواليهم من الحكام".

في موازاة ذلك، يؤكّد الخبير الاستراتيجي والأمني، حسين حمودة، أنّ "الرابح الوحيد من اعتبار القسام إرهابية هو الكيان الصهيوني"، متسائلاً في تصريحات لـ"العربي الجديد": "كيف يتورّط القضاء المصري في دعم إسرائيل، من خلال اعتبار القسام إرهابية، ما يفتح مجالاً لقصف غزة تحت دعوى القضاء على الإرهاب؟".
ويشدّد على أن "حكم القضاء سابقة خطيرة، ويصب ضد مقاومة إسرائيل في الأراضي المحتلة، كما يضعف صورة مصر لدى الشعب الفلسطيني"، متحدّثاً عن "تأثيرات سلبية للغاية تستوجب ضرورة مراجعة أحكام مماثلة".
وفي حين يقول حمودة ساخراً: "من الممكن أن نجد نتنياهو في القاهرة في مظاهرة ضد الإرهاب!"، يؤكّد محام مصري، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، أنّه "لا أساس لحكم المحكمة في القانون"، لافتاً إلى أنّه "لا يتضمّن قانون العقوبات ما يسمى قوائم الإرهاب المصريّة".
ويصف المصدر الحقوقي الحكم بأنّه "سياسي أكثر منه حكما يستند إلى وقائع محددة، هذا إذا افترضنا وجود قوائم إرهاب داخل القانون المصري"، معرباً عن اعتقاده بأنّ مصر اعتبرت القسام إرهابية بدافع سياسي وليس قانونياً، وأنّ الدعوى المقامة ليست ضد حركة حماس، ولكن ضدّ القسام".