ضجت وسائل الإعلام العراقية، في ساعة متأخرة من ليل أمس الأحد، بخبر عاجل حول بيان نُشر على الصفحة الرسمية الموثقة لجهاز مكافحة الإرهاب العراقي، آخر الأجهزة الأمنية العراقية التي ما زالت تحافظ على نفسها نسبياً بعيداً من الإملاءات الإيرانية، يُعلن عن عصيان عسكري في الجهاز وبدء عملية انقلاب عسكري ضد الحكومة التي وصفها البيان باللاشرعية، استجابة لمطالب المتظاهرين وحقناً للدماء، مشدداً على أن عملية إزالة الفاسدين واعتقالهم بدأت في المنطقة الخضراء.
وأحدث البيان الذي نُشر على حساب جهاز مكافحة الإرهاب عبر منصتي "تويتر" و"فيسبوك" ارتباكاً واسعاً داخل بغداد على وجه التحديد، لكن بعد مضي نحو 25 دقيقة، أعلنت قيادة العمليات المشتركة وجهاز مكافحة الإرهاب نفسه أن عملية اختراق تمّت ونُشر البيان، وأنها فتحت تحقيقاً في الموضوع، غير أن هناك من شكك بذلك، واعتبر أن الموضوع من داخل الجهاز وعبر أشخاص لهم صلاحية النشر والدخول إلى الحسابات الإلكترونية للجهاز، متناولين رواية عن كونه جنديا ناقما على الحكومة، ودوامة القتل، والقمع ضد المتظاهرين، فيما اعتبره آخرون محاولة جديدة من المحور المرتبط بإيران، في إشارة إلى مليشيات "الحشد"، بهدف النجاح في اختراق الجهاز، وإقالة الضباط المحسوبين فيه على واشنطن، أسوة بما حدث في الجيش العراقي قبل أشهر.
ونفى رئيس جهاز مكافحة الإرهاب طالب شغاتي بشدة، في بيان له، وجود أي عصيان أو انقلاب، مبيناً أنه ينفي "الأخبار التي وردت على موقع إلكتروني ينتحل صفة جهاز مكافحة الاٍرهاب في (فيسبوك)". وأضاف أن "جهاز مكافحة الاٍرهاب كان، وما زال، هو سُور الوطن وحامٍ للشعب وللنظام السياسي الديمقراطي والدولة العراقية ومؤسساتها الوطنية".
وقال بيان آخر منفصل لقيادة العمليات العراقية المشتركة، إن الصفحة الرسمية لجهاز مكافحة الإرهاب تم اختراقها من قبل أصحاب النفوس الضعيفة، وإن إجراءات ملاحقة الجناة مستمرة، مضيفا أن "ما نُشر على هذه الصفحة عن وجود عصيان عارٍ من الصحة، ولا مصداقية له إطلاقاً، لذا اقتضى التنويه".
اقــرأ أيضاً
وشكّك خبراء وصحافيون وناشطون بالروايات الرسمية، إذ اعتبر بعضهم أن ما حدث يمثل نتيجة لغضب عناصر بجهاز مكافحة الإرهاب ضد القمع الحكومي للمتظاهرين، وإن آخرين ذهبوا إلى ما هو أبعد من ذلك.
ووفقاً لمسؤول عراقي في بغداد، فضل عدم نشر اسمه، فإن التحقيقات متواصلة بشأن البيان الذي نُشر ومن يقف خلفه، وحتى حول ما رافقه من ردود فعل سياسية وشعبية، مضيفاً أن السيناريوهات المطروحة الآن هي بين "هاكر" اخترق الصفحة، وهذا أمر يمكن أن يتوضح خلال الساعات المقبلة، فالتحقيق جارٍ فيه، على الرغم من أن هناك من يؤكد عدم دقة ذلك، بسبب الوقت الذي تمّ فيه استرجاع الصفحة على "فيسبوك" والذي كان قياسياً؛ وهناك من يقول إن جندياً غاضباً كتبه بلا إدراك منه لعواقبه؛ وهناك من يقول إنها بمثابة مؤامرة من طرف يحاول تطويع الجهاز وإخضاعه، والمقصود بالطرف هو "الحشد الشعبي" وقوى سياسية قريبة من إيران تتعامل مع جهاز مكافحة الإرهاب بريبة، كون قادته على علاقات وثيقة بالأميركيين، والترويج لمثل هذا البيان محاولة لفتح نافذة للدخول أو لإقناع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بأن السيناريو (سيناريو الانقلاب أو التمرد على الحكومة) غير مستبعد من جهاز مكافحة الإرهاب.
وقال الخبير الأمني العراقي هشام الهاشمي، إن "جهاز مكافحة الإرهاب هو جهاز يُشبه إلى حد ما قوات الدلتا، وهي مزيج من الاستخبارات والعمليات الخاصة، يعني الإعلام والطشة (مصطلح يشير في العراق إلى البحث عن الشهرة) لا تليق بهم، فهم أرجل وأكبر من رسم الصورة عند الناس، فصورتهم المشرقة نقشت في قلب كل عراقي"، معتبراً أن على جهاز مكافحة الإرهاب أن يتخذ إجراءً شديداً بحق المسؤول عن حساباته.
أما الباحث والكاتب العراقي سرمد الطائي، فاستبعد رواية اختراق صفحة جهاز مكافحة الإرهاب على مواقع التواصل الاجتماعي، موضحاً أنه "لا يوجد اختراق، لكن لا أعتقد أن هناك من فكر بانقلاب، وإنما شباب في الجهاز يتألمون كثيراً، ويبدو أن أحدهم كتب شيئاً يعبّر عن ألمه وسخريته وغضبه، ثم جرى محوه"، وتابع: "الجهاز صار رمزاً لاستعادة هيبة القانون، والآن تهين المليشيات كل قوته ورمزيته، وقوة ورمزية القانون والدولة"، مضيفاً: "جهاز مكافحة الإرهاب المحترف غاضب، وإقالة الساعدي كانت ذات دلالة خطيرة، كما يعلم الجميع".
يُشار إلى أن رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي سبق وأقال قائد قوة مكافحة الإرهاب عبد الوهاب الساعدي في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، قبل أيام من انطلاق موجة الاحتجاجات الشعبية.
واعتبر مهندس معلومات عراقي يُدعى علي الموسوي أن القول إنها عملية اختراق كان سيكون مقنعاً لو تمت في حساب واحد، لكن أن تتم على جميع منصات جهاز مكافحة الإرهاب على الإنترنت، وفي وقت واحد، وبيان بصيغة واحدة، هو ما عزّز أو ساعد على ولادة تحليلات أخرى، وتبني روايات عدة خلال وقت قياسي، مرجحاً أن تكون جميع الحسابات برمز مرور واحد، أو أن جهازاً مسؤولاً عن تلك الحسابات تمّت سرقته أو اختراقه، وهو احتمال ضعيف جداً أيضاً.
في المقابل، قالت وسائل إعلام محلية عراقية، فجر اليوم الاثنين، إن قوة عراقية اعتقلت المشرفين على صفحة جهاز مكافحة الإرهاب على "فيسبوك"، وعددهم 3 أشخاص، من دون أن تورد المزيد من التفاصيل.
يُشار إلى أن الصفحة الموثقة لجهاز مكافحة الإرهاب على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" كانت قد نشرت، في وقت متأخر من ليل الأحد – الاثنين، بياناً نسبته إلى رئيس جهاز مكافحة الإرهاب، أعلن فيه العصيان المدني، وبدء عملية الانقلاب العسكري على نظام الحكم، وإصدار الأوامر باعتقال عبد المهدي تمهيداً لمحاكمته، قبل أن يتم حذف المنشور من الصفحة المذكورة في وقت لاحق.
Twitter Post
|
ونفى رئيس جهاز مكافحة الإرهاب طالب شغاتي بشدة، في بيان له، وجود أي عصيان أو انقلاب، مبيناً أنه ينفي "الأخبار التي وردت على موقع إلكتروني ينتحل صفة جهاز مكافحة الاٍرهاب في (فيسبوك)". وأضاف أن "جهاز مكافحة الاٍرهاب كان، وما زال، هو سُور الوطن وحامٍ للشعب وللنظام السياسي الديمقراطي والدولة العراقية ومؤسساتها الوطنية".
Facebook Post |
وقال بيان آخر منفصل لقيادة العمليات العراقية المشتركة، إن الصفحة الرسمية لجهاز مكافحة الإرهاب تم اختراقها من قبل أصحاب النفوس الضعيفة، وإن إجراءات ملاحقة الجناة مستمرة، مضيفا أن "ما نُشر على هذه الصفحة عن وجود عصيان عارٍ من الصحة، ولا مصداقية له إطلاقاً، لذا اقتضى التنويه".
ووفقاً لمسؤول عراقي في بغداد، فضل عدم نشر اسمه، فإن التحقيقات متواصلة بشأن البيان الذي نُشر ومن يقف خلفه، وحتى حول ما رافقه من ردود فعل سياسية وشعبية، مضيفاً أن السيناريوهات المطروحة الآن هي بين "هاكر" اخترق الصفحة، وهذا أمر يمكن أن يتوضح خلال الساعات المقبلة، فالتحقيق جارٍ فيه، على الرغم من أن هناك من يؤكد عدم دقة ذلك، بسبب الوقت الذي تمّ فيه استرجاع الصفحة على "فيسبوك" والذي كان قياسياً؛ وهناك من يقول إن جندياً غاضباً كتبه بلا إدراك منه لعواقبه؛ وهناك من يقول إنها بمثابة مؤامرة من طرف يحاول تطويع الجهاز وإخضاعه، والمقصود بالطرف هو "الحشد الشعبي" وقوى سياسية قريبة من إيران تتعامل مع جهاز مكافحة الإرهاب بريبة، كون قادته على علاقات وثيقة بالأميركيين، والترويج لمثل هذا البيان محاولة لفتح نافذة للدخول أو لإقناع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بأن السيناريو (سيناريو الانقلاب أو التمرد على الحكومة) غير مستبعد من جهاز مكافحة الإرهاب.
وقال الخبير الأمني العراقي هشام الهاشمي، إن "جهاز مكافحة الإرهاب هو جهاز يُشبه إلى حد ما قوات الدلتا، وهي مزيج من الاستخبارات والعمليات الخاصة، يعني الإعلام والطشة (مصطلح يشير في العراق إلى البحث عن الشهرة) لا تليق بهم، فهم أرجل وأكبر من رسم الصورة عند الناس، فصورتهم المشرقة نقشت في قلب كل عراقي"، معتبراً أن على جهاز مكافحة الإرهاب أن يتخذ إجراءً شديداً بحق المسؤول عن حساباته.
أما الباحث والكاتب العراقي سرمد الطائي، فاستبعد رواية اختراق صفحة جهاز مكافحة الإرهاب على مواقع التواصل الاجتماعي، موضحاً أنه "لا يوجد اختراق، لكن لا أعتقد أن هناك من فكر بانقلاب، وإنما شباب في الجهاز يتألمون كثيراً، ويبدو أن أحدهم كتب شيئاً يعبّر عن ألمه وسخريته وغضبه، ثم جرى محوه"، وتابع: "الجهاز صار رمزاً لاستعادة هيبة القانون، والآن تهين المليشيات كل قوته ورمزيته، وقوة ورمزية القانون والدولة"، مضيفاً: "جهاز مكافحة الإرهاب المحترف غاضب، وإقالة الساعدي كانت ذات دلالة خطيرة، كما يعلم الجميع".
يُشار إلى أن رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي سبق وأقال قائد قوة مكافحة الإرهاب عبد الوهاب الساعدي في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، قبل أيام من انطلاق موجة الاحتجاجات الشعبية.
واعتبر مهندس معلومات عراقي يُدعى علي الموسوي أن القول إنها عملية اختراق كان سيكون مقنعاً لو تمت في حساب واحد، لكن أن تتم على جميع منصات جهاز مكافحة الإرهاب على الإنترنت، وفي وقت واحد، وبيان بصيغة واحدة، هو ما عزّز أو ساعد على ولادة تحليلات أخرى، وتبني روايات عدة خلال وقت قياسي، مرجحاً أن تكون جميع الحسابات برمز مرور واحد، أو أن جهازاً مسؤولاً عن تلك الحسابات تمّت سرقته أو اختراقه، وهو احتمال ضعيف جداً أيضاً.
في المقابل، قالت وسائل إعلام محلية عراقية، فجر اليوم الاثنين، إن قوة عراقية اعتقلت المشرفين على صفحة جهاز مكافحة الإرهاب على "فيسبوك"، وعددهم 3 أشخاص، من دون أن تورد المزيد من التفاصيل.
يُشار إلى أن الصفحة الموثقة لجهاز مكافحة الإرهاب على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" كانت قد نشرت، في وقت متأخر من ليل الأحد – الاثنين، بياناً نسبته إلى رئيس جهاز مكافحة الإرهاب، أعلن فيه العصيان المدني، وبدء عملية الانقلاب العسكري على نظام الحكم، وإصدار الأوامر باعتقال عبد المهدي تمهيداً لمحاكمته، قبل أن يتم حذف المنشور من الصفحة المذكورة في وقت لاحق.