تشهد الأوضاع السياسية والعسكرية في ليبيا حالة من الجمود والمراوحة أحياناً، منذ أن بدا فشل اللواء المتقاعد خليفة حفتر واضحاً في تحقيق أي نصر عسكري بحربه على طرابلس، وخصوصاً بعد فقدانه لأهم مراكزه المتقدمة في غريان، نهاية يونيو/حزيران الماضي. ولكن مع حديث تقارير دولية عن بدء تواجد قوات روسية في ليبيا، أخذت عجلة الحراك السياسي تدور مرة أخرى، فسريعاً ما توالت تصريحات القادة الأميركيين لرفض هذا التدخل، ولو كان بواسطة جنود مرتزقة من شركة "فاغنر" الأمنية، وعلى الرغم من ذلك، استمرّ الموقف الأميركي غامضاً وغائباً أيضاً عن أي مواقف تخرجه من جموده إزاء الملف الليبي.
وفي هذه الأثناء، وعلى الرغم من استمرار المعركة على الأرض في ذات المحاور جنوب طرابلس، من دون أن يتحقق أي تقدم لكلا الطرفين؛ قوات حفتر وقوات حكومة "الوفاق"، باستثناء تزايد أرقام وحجم الخسائر البشرية والمادية، كان الملف الليبي سياسياً، أسير مشاورات برلين الألمانية التي انتهت بتحديد نتيجتين أساسيتين، وهما: رفض الحل العسكري، وضرورة إحياء العملية السياسية كحلّ وحيد للأزمة في ليبيا. وفيما كان كلا طرفي القتال يعبّر عن قبوله للحلول السياسية، كان يرفض كلّ منهما في الوقت نفسه القبول بأن يكون الآخر شريكاً سياسياً في أي تفاوض.
ووسط عوامل عدة، على رأسها فشل الأوروبيين في الاتفاق على بلورة حلّ للخلافات بينهم بشأن الملف الليبي، برزت تركيا في المشهد بشكل مفاجئ، وعلى الرغم من أنّ موقفها من عدوان حفتر على العاصمة طرابلس، تحدّد برفضه منذ بدئه في إبريل/نيسان الماضي، إلا أنّ موقفها ارتفع لمستوى من الفاعلية، لحدّ توقيعها مذكرتي تفاهم في اتجاهين، الأول خاص بترسيم الحدود المائية للدولتين؛ تركيا وليبيا، في البحر المتوسط، والثاني أمني خاص بدعم قوات حكومة "الوفاق" عسكرياً.
ومنذ 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أرجعت أنقرة الملف الليبي إلى دائرة الاهتمام الدولي، بل أجبرت، بانخراطها فيه، العديد من الدول على أن يكون في أولى أولوياتها، فالأزمة لم تعد في طرابلس، بل تعدّتها لتصل إلى شواطئ العديد من دول المتوسط، وقريباً من اليونان وقبرص، لتشمل صفات الملف مواقف أوروبية وإقليمية عربية عبّرت عن رفضها، أو على الأقل تحفظها على إصرار أنقرة على تنفيذ اتفاقها البحري مع ليبيا.
وانتقل الملف الليبي إلى مستوى آخر من الحدة، بعد إعلان مجلس وزراء حكومة "الوفاق"، مطلع الشهر الماضي، موافقته على تفعيل مذكرة التفاهم الأمني مع تركيا، قبل أن تعلن الأخيرة في السادس من الشهر نفسه، دخول المذكرة حيز التنفيذ.
ومنذ ذلك التاريخ وحتى مساء أمس الخميس، عندما صوّت البرلمان التركي على طلب رئاسي للتفويض بإرسال قوات تركية إلى ليبيا، استجابة لطلب حكومة "الوفاق"، عاشت الجبهات جنوب طرابلس نشاطاً غير مسبوق، فيما كانت الدول الداعمة لحفتر، لا سيما مصر، تلقي بثقلها السياسي في كلّ اتصالاتها ومشاوراتها مع الأطراف الدولية الفاعلة، من أجل عرقلة تنفيذ الاتفاق الأمني.
اقــرأ أيضاً
وخلال تلك المدة، رُصدت لقوات حفتر أكثر من تسع محاولات تسلّل في محاور القتال جنوب العاصمة، وتحديداً في محورَي اليرموك وطريق المطار الأقرب إلى أحياء وسط العاصمة. وفي قرار انتحاري، أطلق حفتر ساعة صفر لاختراق دفاعات قوات "الوفاق"، بينما فقد خلال الهجوم عشرات القتلى ومثلهم أسرى، من دون أن يحقق شيئاً، على الرغم من محاولاته تحييد قوات مصراتة التي أمهلها ثلاثة أيام لسحب قواتها من طرابلس وسرت، وجدد المهلة ثلاثة أيام أخرى، من دون أن يحقق شيئاً أيضاً.
ووازى ذلك حراك سياسي غير مسبوق، إذ كانت تركيا تحاول إجراء مقاربة مع روسيا التي تدعم حفتر بواسطة شركة "فاغنر"، لتجنب وقوع صدام عسكري معها في حال أرسلت قوات، ويبدو أن هذا التحرك لقي نجاحاً غير معلن، فالمتحدث الرسمي باسم المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب"، التابعة لحكومة "الوفاق" مصطفى المجعي، أكد، خلال تصريحات صحافية، أول من أمس الأربعاء، أنّ مقاتلي "الفاغنر" لم يعد لهم وجود في محاور القتال جنوب طرابلس، منذ منتصف الأسبوع الماضي، مقابل تحرّك مصري في كل اتجاه، من خلال إجراء اتصالات مع قادة دول عدة، من بينها الولايات المتحدة الأميركية، حاولت جلبها إلى أتون مستجدات الملف الليبي، لكنّ واشنطن لم تعبّر عن موقف واضح، باستثناء قلقها من "التدخل الخارجي" في ليبيا، وهو ذات الموقف الذي اتخذته الجامعة العربية التي استنجدت القاهرة بها أيضاً.
ومع محاولات القاهرة إقامة حلف مع دول أوروبية، تعارض التقارب التركي مع حكومة "الوفاق"، يبدو أنه لن يكون هناك دور فاعل للموقف الأوروبي قريباً، فقد تراجع الحديث بشكل واضح عن وفد أوروبي يضم وزراء خارجية إيطاليا، وألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، كان من المرتقب أن يزور طرابلس، الاثنين المقبل. وبعد أن أقرّ البرلمان التركي قرار الرئاسة بإرسال قوات تركية لطرابلس، لم تصدر عن الاتحاد الأوروبي مواقف واضحة كالسابق، بل فقط تلك التي تعبر عن القلق.
وشدد الاتحاد الأوروبي، في بيان، صباح اليوم الجمعة، على اقتناعه "بعدم وجود حلّ عسكري للأزمة في ليبيا"، مطالباً الشركاء الدوليين بـ"احترام حظر توريد السلاح المفروض على ليبيا، ودعم جهود المبعوث الأممي غسان سلامة لإنجاح مؤتمر برلين المزمع عقده في الفترة المقبلة للوصول إلى حل سلمي يضمن سلامة واستقرار ليبيا"، وفق نصّ البيان.
أمّا موسكو، فاعتبرت وفقاً لتصريحات رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الدوما الروسي ليونيد سلوتسكي، ليل البارحة الخميس، أنّ الأزمة في ليبيا "تحتاج إلى حلّ سلمي"، مشدداً على "ضرورة مواصلة البحث عن طرق سلمية لتسوية الأزمة من خلال وساطة الأمم المتحدة، وبمساعدة من المجتمع الدولي بأسره".
ومنذ 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أرجعت أنقرة الملف الليبي إلى دائرة الاهتمام الدولي، بل أجبرت، بانخراطها فيه، العديد من الدول على أن يكون في أولى أولوياتها، فالأزمة لم تعد في طرابلس، بل تعدّتها لتصل إلى شواطئ العديد من دول المتوسط، وقريباً من اليونان وقبرص، لتشمل صفات الملف مواقف أوروبية وإقليمية عربية عبّرت عن رفضها، أو على الأقل تحفظها على إصرار أنقرة على تنفيذ اتفاقها البحري مع ليبيا.
وانتقل الملف الليبي إلى مستوى آخر من الحدة، بعد إعلان مجلس وزراء حكومة "الوفاق"، مطلع الشهر الماضي، موافقته على تفعيل مذكرة التفاهم الأمني مع تركيا، قبل أن تعلن الأخيرة في السادس من الشهر نفسه، دخول المذكرة حيز التنفيذ.
ومنذ ذلك التاريخ وحتى مساء أمس الخميس، عندما صوّت البرلمان التركي على طلب رئاسي للتفويض بإرسال قوات تركية إلى ليبيا، استجابة لطلب حكومة "الوفاق"، عاشت الجبهات جنوب طرابلس نشاطاً غير مسبوق، فيما كانت الدول الداعمة لحفتر، لا سيما مصر، تلقي بثقلها السياسي في كلّ اتصالاتها ومشاوراتها مع الأطراف الدولية الفاعلة، من أجل عرقلة تنفيذ الاتفاق الأمني.
وخلال تلك المدة، رُصدت لقوات حفتر أكثر من تسع محاولات تسلّل في محاور القتال جنوب العاصمة، وتحديداً في محورَي اليرموك وطريق المطار الأقرب إلى أحياء وسط العاصمة. وفي قرار انتحاري، أطلق حفتر ساعة صفر لاختراق دفاعات قوات "الوفاق"، بينما فقد خلال الهجوم عشرات القتلى ومثلهم أسرى، من دون أن يحقق شيئاً، على الرغم من محاولاته تحييد قوات مصراتة التي أمهلها ثلاثة أيام لسحب قواتها من طرابلس وسرت، وجدد المهلة ثلاثة أيام أخرى، من دون أن يحقق شيئاً أيضاً.
ووازى ذلك حراك سياسي غير مسبوق، إذ كانت تركيا تحاول إجراء مقاربة مع روسيا التي تدعم حفتر بواسطة شركة "فاغنر"، لتجنب وقوع صدام عسكري معها في حال أرسلت قوات، ويبدو أن هذا التحرك لقي نجاحاً غير معلن، فالمتحدث الرسمي باسم المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب"، التابعة لحكومة "الوفاق" مصطفى المجعي، أكد، خلال تصريحات صحافية، أول من أمس الأربعاء، أنّ مقاتلي "الفاغنر" لم يعد لهم وجود في محاور القتال جنوب طرابلس، منذ منتصف الأسبوع الماضي، مقابل تحرّك مصري في كل اتجاه، من خلال إجراء اتصالات مع قادة دول عدة، من بينها الولايات المتحدة الأميركية، حاولت جلبها إلى أتون مستجدات الملف الليبي، لكنّ واشنطن لم تعبّر عن موقف واضح، باستثناء قلقها من "التدخل الخارجي" في ليبيا، وهو ذات الموقف الذي اتخذته الجامعة العربية التي استنجدت القاهرة بها أيضاً.
ومع محاولات القاهرة إقامة حلف مع دول أوروبية، تعارض التقارب التركي مع حكومة "الوفاق"، يبدو أنه لن يكون هناك دور فاعل للموقف الأوروبي قريباً، فقد تراجع الحديث بشكل واضح عن وفد أوروبي يضم وزراء خارجية إيطاليا، وألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، كان من المرتقب أن يزور طرابلس، الاثنين المقبل. وبعد أن أقرّ البرلمان التركي قرار الرئاسة بإرسال قوات تركية لطرابلس، لم تصدر عن الاتحاد الأوروبي مواقف واضحة كالسابق، بل فقط تلك التي تعبر عن القلق.
وشدد الاتحاد الأوروبي، في بيان، صباح اليوم الجمعة، على اقتناعه "بعدم وجود حلّ عسكري للأزمة في ليبيا"، مطالباً الشركاء الدوليين بـ"احترام حظر توريد السلاح المفروض على ليبيا، ودعم جهود المبعوث الأممي غسان سلامة لإنجاح مؤتمر برلين المزمع عقده في الفترة المقبلة للوصول إلى حل سلمي يضمن سلامة واستقرار ليبيا"، وفق نصّ البيان.
أمّا موسكو، فاعتبرت وفقاً لتصريحات رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الدوما الروسي ليونيد سلوتسكي، ليل البارحة الخميس، أنّ الأزمة في ليبيا "تحتاج إلى حلّ سلمي"، مشدداً على "ضرورة مواصلة البحث عن طرق سلمية لتسوية الأزمة من خلال وساطة الأمم المتحدة، وبمساعدة من المجتمع الدولي بأسره".