830 موقعاً عسكرياً أجنبياً في سورية بينها 570 لإيران

03 يوليو 2023
شهدت المواقع العسكرية للقوى الخارجية في سورية زيادة ملحوظة (فرانس برس)
+ الخط -

كشف تقرير جديد من "مركز جسور للدراسات"، نشره اليوم الاثنين، عن ازدياد المواقع العسكرية للقوات الأجنبية في سورية، على رأسها المواقع العسكرية التابعة لإيران، رغم تعرض الأخيرة لضربات إسرائيلية في مناطق وأزمان متفرقة.

وجاء في المادة البحثية التي أنتجها المركز بالتعاون مع "مؤسسة إنفورماجين لتحليل البيانات" مجموعة من الخرائط والرسوم التحليلية للمواقع العسكرية للقوات الخارجية في سورية حتى منتصف عام 2023.

وبحسب التقرير، فقد شهدت المواقع العسكرية للقوى الخارجية في سورية زيادة ملحوظة، إذ وصل عددها إلى 830 موقعاً مع حلول يونيو/ حزيران من العام الجاري بعدما كان عددها 753 موقعاً في منتصف عام 2022.

ويوضح التقرير أن القواعد والنقاط العسكرية للقوات الأجنبية في سورية موزعة بين الدول التي تشكل القوى الخارجية المتحكمة بالمشهد في سورية، وهي: "التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وروسيا وتركيا وإيران".

المواقع الإيرانية أولاً

وتشير بيانات التقرير إلى أن المواقع الإيرانية العسكرية في سورية وصلت إلى 570 موقعاً، وهي الأكثر نفوذاً في الخريطة السورية، تليها تركيا التي يتبع لها 125 موقعاً، ثم روسيا التي حازت 105 مواقع، يليها التحالف الدولي ضد "داعش"، الذي تقوده واشنطن، ولديه 30 موقعاً.

ويشير التقرير إلى أن عدد المواقع "لا يعكس حجم القوة الحقيقية"، مؤكداً أن الولايات المتحدة التي تقود التحالف ما زالت الأكثر تأثيراً في المشهد العسكري، رغم أن مواقعها في سورية هي الأقل من ناحية العدد، مشيراً إلى أن النقاط والقواعد والمواقع العسكرية تتفاوت من حيث العدد والعتاد والمهام المنوطة بها.

مهام مختلفة

وبحسب المركز، تمتلك القواعد الأجنبية في سورية مهمات مختلفة، فقواعد التحالف الدولي مسؤولة عن القضاء على تنظيم "داعش" وضمان عدم عودته وتحقيق الردع ضد روسيا وإيران.

أما مهمة المواقع التركية، فهي "حماية الأمن القومي للبلاد من خلال الحفاظ على مناطق انتشار القوات التركية ودعم فصائل المعارضة السورية ومحاربة حزب العمال الكردستاني وفرعه السوري".

ويوضح التقرير أن مهمة المواقع الروسية "العمل على تحقيق مصالح روسيا على المستوى الجيوسياسي عبر تأسيس وجود دائم لها شرقي المتوسط". أما المواقع الإيرانية "فهي تسعى لاستكمال السيطرة على الإقليم والمنطقة بين طهران وبيروت مروراً بدمشق والوصول أيضاً إلى المتوسّط".

وزاد التحالف الدولي مواقعه في سورية خلال الفترة بين منتصف عامي 2022 و2023 حيث ارتفع عددها من 28 إلى 30 موقعاً. ويقول التقرير إن محافظة الحسكة تحتضن 17 موقعاً، ومحافظة دير الزور 9 مواقع، إضافة إلى موقع واحد في محافظات الرقة، وحمص وريف دمشق وحلب.

وأشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة قد زودت خلال النصف الأول من عام 2023 قواتها في سورية بمنظومة "هيمارس" بعد الزيادة الملحوظة في انتهاك روسيا لآلية عدم التصادم في سورية وتَعمدها تنفيذ "مناورات عدائية" في مناطق العمليات الأميركية.

حضور إيران ومنافسة روسيا

وبحسب التقرير، زادت إيران من حضورها العسكري في الجنوب السوري، مستفيدة من تخفيض روسيا التزاماتها أمام إسرائيل في المنطقة، بسبب موقف الأخيرة من الصراع في أوكرانيا.

وقال التقرير إن إيران قد زادت في الفترة بين منتصف عامَيْ 2022 و2023 عدد مواقعها في سورية من 469 إلى 570، لتكون بذلك صاحبة أكبر انتشار عسكري في سورية، مقارنةً ببقية القوى الخارجية.

ويرى الباحث في مركز جسور للدراسات وائل علوان، أن الزيادة جاءت رغم الضربات الإسرائيلية، موضحاً في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الضربات الإسرائيلية لم تكن مؤثرة بالانتشار الإيراني في سورية".

والمواقع الإيرانية في سورية عبارة عن 55 قاعدة عسكرية إلى جانب 515 نقطة متوزعة على: "117 موقعاً في حلب، و105 في ريف دمشق، و77 في دير الزور، و67 في حمص، و44 في درعا و33 في القنيطرة، و29 في حماة و27 في إدلب، و17 في اللاذقية، و16 في الرقة، و15 في السويداء، و9 في طرطوس، و7 في دمشق و7 في الحسكة".

وقال التقرير إن المواقع العسكرية الإيرانية تمتاز "بعدم قدرتها على شن الأعمال العسكرية بمفردها، رغم انتشارها الذي يسجل ارتفاعاً نسبياً مقارنة ببقية القوى الخارجية؛ بسبب افتقارها للبنى التحتية للقواعد العسكرية، ولإعادة الانتشار المتكرر والمستمر، وما ينجم عنه من استنزاف لجاهزية القوات القتالية، الذي تنفذه لتفادي الضربات الجوية التي تستهدفها من قبل الطيران الإسرائيلي وطيران التحالف الدولي، ولاعتمادها على المزاوجة بين عناصر المليشيات العابرة للحدود، مع العناصر المحليين في سورية، ولافتقارها لسلاح الطيران ومنظومات الدفاع الجوي".

وبحسب التقرير، تحاول إيران تعويض افتقارها للبنية التحتية العسكرية عبر استثمار البنى التحتية والمرافق العائدة لقوات النظام، كما هو الحال في الفرقة التاسعة جنوبيّ سورية، ومطار القامشلي شرقيّ سورية، واللواء الـ37 في دير الزور.

وذكر التقرير أيضاً أن المواقع الإيرانية تأخذ أحياناً صفة مدنية كغطاء لأعمالها الأمنية، التي تتعلق بالتجسس وجمع المعلومات عن المجتمع المحلي، كما هو الحال في القنصلية الإيرانية بحلب، ومركز نصر الإيراني بدير الزور.

تقليص روسيا لمواقعها العسكرية

أما روسيا، فقد قلصت عدد مواقعها العسكرية في سورية خلال الفترة نفسها، وذلك لأول مرة منذ تدخلها في البلاد نهاية عام 2015؛ حيث تراجع عددها من 132 إلى 105 مواقع وهي عبارة عن 20 قاعدة و85 نقطة عسكرية.

ويقول التقرير إنه "رغم التراجع الواضح في عدد المواقع الروسية، إلا أن توزع هذه المواقع يعكس استمرار تفوّقها في ميزان المنافسة مع القوات الإيرانية في سورية، عبر محاولة حرمانها الانتشار في المواقع الاستراتيجية، خصوصاً في اللاذقية".

ويبين التقرير أيضاً أنه "لا يؤثر تراجع الانتشار العسكري الميداني لروسيا كثيراً بوجودها وقوتها في سورية؛ نظراً إلى حجم إمساكها بالقرار العسكري لقوات النظام، واستتباب إدارتها لأمور الأخير من ناحية تنفيذ المهام الموكلة له والهادفة إلى المحافظة على النظام وتدعيم الخطوط الخلفية لجبهات القتال، وتحقيق التوازن مع النفوذ الإيراني".

القواعد التركية

وأورد التقرير أن تركيا حافظت نسبياً على عدد مواقعها العسكرية في سورية، وهو 125 قاعدة خلال الفترة بين منتصف عامَيْ 2022 و2023، باستثناء إنشائها موقعاً واحداً جديداً فقط، حيث ينتشر الجيش التركي في 12 قاعدة عسكرية و113 نقطة، 57 موقعاً منها في حلب، فيما يوجد 51 موقعاً في إدلب و10 مواقع في الرقة و4 في الحسكة وموقع واحد في حماة، إضافة إلى موقعين في اللاذقية.

وتشكل المواقع العسكرية التركية خطوط صد ودفاع؛ بحيث تكون الوحدات والقوات قادرة على تنفيذ الأعمال العسكرية، وتتميز هذه المواقع بالترابط فيما بينها لتأمين الدعم اللوجيستي للقوات التركية، وباختصاصات مختلفة (هندسة وقوات خاصة ومدفعية وصواريخ واتصالات وإشارة) مدعومة بالمدفعية والدبابات والمدرعات ومضادات طيران، وكاسحات ألغام، إضافةً إلى أجهزة اتصالات عسكرية، بحسب التقرير.

ويضيف التقرير أن تلك القواعد تقوم "بأعمال الرصد والاستطلاع البري والجوي عبر طائرات الاستطلاع المسيرة التي تمكنها من جمع المعلومات واستهداف مواقع النظام وقوات سورية الديمقراطية " قسد"، إضافة إلى قيامها بالمهام الموكلة إليها والمنصوص عليها في التفاهمات المشتركة مع روسيا، كما هو الحال بما يتعلق بالدوريات الروسية التركية المشتركة شرق الفرات".

المساهمون