باكستان: المعارضة تستهلّ مرحلة الاحتجاجات الثانية لإسقاط شريف

13 أكتوبر 2014
لم تتوقف احتجاجات باكستان (فارووق نعيم/فرانس برس)
+ الخط -

تتواصل الاعتصامات في المنطقة الحمراء في العاصمة الباكستانية، إسلام أباد، والتي يقودها زعيم حركة "الإنصاف"، عمران خان، وزعيم "الحركة الشعبية" و"منهاج القرآن"، طاهر القادري، منذ منتصف شهر أغسطس/آب الماضي، لإطاحة حكومة نواز شريف.

وفي موازاة إصرار الحكومة على موقفها الرافض لتنحي رئيس الوزراء، بدأت أعداد المشاركين في الاعتصامات تتضاءل يوماً بعد آخر، ما دفع خان والقادري، إلى تغيير استراتيجيتهما لممارسة الضغوط على الحكومة. ومع تيقّنها بأنّ الاعتصامات قد فشلت في الوصول إلى الهدف، وهو إسقاط حكومة شريف، وإجراء انتخابات مبكرة بعد إجراء الإصلاحات في قانون الانتخابات، بدأت المعارضة تنظم اجتماعات حاشدة في المدن الرئيسة الباكستانية لمواصلة الحراك الاحتجاجي وممارسة الضغط على الحكومة حتى ترضخ لمطالبها.

وبعد تنظيمه اجتماعات حاشدة في كل من مدينة لاهور، وملتان وميانوالي في إقليم البنجاب، معقل حزب "الرابطة الإسلامية" الحاكم، يخطط خان لنقل الحراك الاحتجاجي نحو إقليم السند، معقل حزب "الشعب" الباكستاني. ومن المقرر أن يجتمع خان وأنصاره، في التاسع عشر من الشهر الحالي، في مدينة لركانا، مسقط رأس رئيسة الوزراء السابقة الراحلة بينظير بوتو وزوجة الرئيس السابق آصف زرداري.

ويهدف خان، من خلال توجهه إلى السند، وفق ما أعلنه في خطاب في مدينة ملتان زرداري، لإنهاء سيطرة حزب "الشعب"، الذي يحرم مواطني السند من حقوقهم منذ ثلاثين عاماً، على حد قوله.

وفي السياق ذاته، يعقد القادري سلسلة اجتماعات لأنصاره في المدن الباكستانية، كمرحلة ثانية من الحراك الاحتجاجي، استهلها باجتماع عقده الأحد (12 أكتوبر) في مدينة فيصل آباد. ويصرّ القادري على أنّ "استقالة رئيس الوزراء أمر لا بد منه"، وفق ما ذكره في كلمة وجّهها لأنصاره المعتصمين في العاصمة قبل مغادرته موقع الاعتصام وتوجّهه نحو فيصل آباد.

ويشدد الزعيمان المعارضان، القادري وخان، على أنّ الحراك الاحتجاجي لن ينتهي حتى القضاء على حكومة شريف، وإجراء انتخابات مبكرة بعد إجراء الإصلاحات في قانون الانتخابات، مهما طال الزمن، وهما لا ينفكان عن مطالبة الشعب الباكستاني بالوقوف إلى جانبهما، لإنهاء حالة الحرمان التي يعيشها الشعب الباكستاني، في ظلّ حكومة جاءت نتيجة انتخابات، يصفها الطرفان بأنّها "مزوّرة".

في المقابل، تزعم الحكومة الباكستانية والأحزاب المؤيدة لها، أنّ الحراك الاحتجاجي بقيادة خان والقادري، والذي بدأ في يوم ذكرى استقلال باكستان في 14 من شهر أغسطس/آب الماضي، قد فشل تماماً، وأن الحكومة لن تقبل أي مساومة على موقفها الرافض لمطلب المعارضة باستقالة رئيس الوزراء. وفي المقابل، تؤكّد الحكومة استعدادها للتفاوض بشأن باقي مطالب المعارضة، ومنها إجراء الإصلاحات في قانون الانتخابات وإجراء عملية التدقيق في الانتخابات العامة التي جرت في البلاد، العام الماضي.

وفي حين تدعم معظم الأحزاب السياسية موقف الحكومة الباكستانية داخل البرلمان وخارجه، تضطلع أخرى بدور الوساطة والمفاوضات لحلّ الأزمة. وفي مقدمة هذه الأحزاب "الجماعة الإسلامية"، التي يقودها سراج الحق، وبعض القياديين في حزب الشعب الباكستاني كوزير الداخلية السابق رحمن ملك. لكنّ كل تلك المحاولات باءت بالفشل بعد إصرار كل طرف على موقفه.

كذلك برزت بعد إصرار المعارضة على استقالة رئيس الوزراء ورفض الحكومة هذا المطلب، دعوات إلى تحديد موعد لإجراء انتخابات مبكرة، بعد إجراء إصلاحات في قانون الانتخابات وتشكيل لجنة انتخابات جديدة. ومن أكبر الداعمين لهذه الفكرة، حزب "الشعب" و"الجماعة الإسلامية".

ويرى زعيم المعارضة في البرلمان، والقيادي في حزب "الشعب" خورشيد شاه، أنّ الانتخابات المبكرة قد تكون "الحل الوحيد" للخروج من الأزمة السياسية، في وقت تتزايد فيه الضغوط على المعارضة لإنهاء الحراك الاحتجاجي، من قبل أحزاب سياسية وحركات دينية، لا سيما بعد حالة التوتر التي تشهدها حالياً الحدود الهندية الباكستانية.

ويؤكد زعيم حزب "الرابطة الإسلامية" جناح ضياء إعجاز الحق، أنّ الظروف الراهنة لا تسمح بمواصلة الاحتجاجات، وأن التحديات التي تواجهها باكستان حالياً، تستدعي التماسك والتوحد بين كافة القوى السياسية والدينية الباكستانية.

ويرى الخبراء أنّ تنظيم خان والقادري اجتماعات واعتصامات في المدن الباكستانية، هو بمثابة المرحلة الثانية من الحراك الاحتجاجي، لتحريك الشعب ضدّ الحكومة للمشاركة في المرحلة المقبلة من الاعتصامات التي قد تعلن عنها المعارضة في المدن الباكستانية. ويبدو أنّ الحلّ الوحيد، بنظرهم، هو بإجراء انتخابات مبكرة، الأمر الذي أدركته كبرى الأحزاب السياسية، بل أنّ بعضها بدأ يتهيأ لها. فحزبا "الشعب" و"الجماعة الإسلامية" أعلنا تنظيم اجتماعات في البنجاب والسند خلال الشهرين المقبلين.

وتتهم الحكومة الباكستانية الجيش بالوقوف وراء الاحتجاجات الحالية، لكنّ الجيش يرفض ذلك تماماً، مؤكداً دعمه للديمقراطية في البلاد. وتتهم قيادات متقاعدة من الجيش الباكستاني وبعض الساسة دولاً أجنبية بدعم الحراك الاحتجاجي للقضاء على النظام الديمقراطي في البلاد. ويوضح قائد الجيش السابق الجنرال أسلم بيك، أنّ الاحتجاجات الحالية خطط لها في الغرب بهدف القضاء على حكومة ديمقراطية ولكن قيادة الجيش أفشلت المخطط. وترفض المعارضة تلك التهم، وتؤكد أن الهدف الرئيس للاحتجاجات الحالية هو إحداث تغيير في البلاد.

المساهمون