كشف مصدر عراقي مطلع لـ"العربي الجديد"، أنّ أكثر من ستة اجتماعات عُقدت منذ بداية العام بين إيران والعراق حول ملف ضبط الحدود. وفي سياق متصل، بحث مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، مساء الأحد، مع السفير الإيراني في بغداد محمد كاظم آل صادق الإجراءات المتخذة من قبل البلدين في ما يتعلق بضبط الحدود وتبادل المعلومات.
وقال المكتب الإعلامي لمستشار الأمن القومي في بيان إن "الأعرجي استقبل بمكتبه السفير الإيراني في بغداد، والوفد المرافق له، وقد شهد اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها بما يخدم مصالح الشعبين والبلدين، ويعزز أمن واستقرار المنطقة".
وتولي الحكومتان العراقية والإيرانية اهتماما كبيرا بملف الحدود المشتركة، في خطوة تأتي للتضييق على الأحزاب والجماعات الكردية الإيرانية المعارضة لطهران، والتي تتخذ من الأراضي العراقية الحدودية مقرّات لها، إضافة لمحاولة منع عمليات التسلل إلى العراق.
وعلى مدى السنوات التي أعقبت العام 2003 شهدت الحدود المشتركة بين البلدين انفلاتا خطيرا، ساهم في دخول الأسلحة والمتفجرات والعبوات الناسفة والجماعات المسلحة إلى العراق، فضلا عن عمليات تهريب مختلفة لمواد ممنوعة وغير ممنوعة، وهو ما ساهم بإضعاف العراق أمنيا واقتصاديا.
وكانت السلطات الأمنية العراقية قد أعلنت، الخميس الفائت، البدء بتعزيز وجودها العسكري على الحدود مع إيران في محافظة السليمانية بإقليم كردستان، للتضييق على الأحزاب والجماعات الكردية الإيرانية المعارضة لطهران، مؤكدة تعزيز الحدود بكاميرات وأبراج مراقبة وفق خطة محكمة وتخصيصات مالية.
من جهته، أكد مسؤول في جهاز الأمن الوطني العراقي لـ"العربي الجديد"، أن العراق وإيران بحثا ملف الحدود في أكثر من 6 اجتماعات مشتركة خلال العام الجاري، وأن "الجانبين يواصلان العمل ضمن خطة موحدة بهذا الاتجاه"، مؤكدا أن "الحدود لا يمكن ضبطها من قبل دولة واحدة من دون تعاون مع الدولة المجاورة"، مشيرًا إلى "أن هذا التعاون مع إيران حاصل الآن وبشكل جيد".
وقال المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه إن "إيران لا تخشى عمليات التسلل بقدر خشيتها من نشاط الأحزاب المعارضة لها في شمالي العراق"، مشددا على أن الفترة المقبلة ستشهد سيطرة كبيرة على أمن الحدود، خاصة بعد الدفع بتعزيزات عسكرية عراقية إضافية، فضلا عن تعزيز تقنيات المراقبة الحديثة.
كنعاني: الأمن في الحدود المشتركة يخدم مصلحة البلدين
إلى ذلك، أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني أن الأمن في الحدود المشتركة بين إيران والعراق "يخدم مصلحة البلدين والشعبين ويوفر الأرضية للتعاون التجاري والاقتصادي".
وبحسب ما قاله كنعاني في مؤتمره الصحافي الأسبوعي اليوم الاثنين، فإن المفاوضات بين الجانبين مستمرة وإن السفير الإيراني في بغداد اجتمع مع مستشار الأمن الوطني العراقي.
وأعرب المتحدث كما نقلت وكالة "فارس" الإيرانية، عن توقعه من الحكومة العراقية الالتزام الكامل بالاتفاق الأمني بين البلدين وتنفيذه ضمن الإطار الزمني المتفق عليه.
يأتي ذلك بعد أيام قليلة من تهديدات جديدة أطلقها رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، الجنرال محمد باقري، توعد فيها بعمليات عسكرية جديدة في مناطق شمالي العراق تستهدف الجماعات الكردية بحال "عدم تنفيذ التزاماتها"، في إشارة إلى تعهد سابق لحكومة محمد شياع السوداني بتفكيك تجمعات المعارضة الإيرانية الكردية على حدود إيران الغربية مع العراق في إقليم كردستان.
وكان مجلس الوزراء العراقي قد قرر في وقت سابق تخصيص مبلغ 10 مليارات دينار عراقي (الدولار يعادل 1480 دينارا)، لبناء مخافر حدودية على الحدود العراقية الإيرانية، ضمن إقليم كردستان، لمنع التسلل والتهريب، مع إكمال المخافر على الحدود العراقية التركية.
وتهدد إيران بلدات ومناطق حدودية عراقية في الإقليم، تقول طهران إنها تؤوي مجموعات كردية تصنّفها "إرهابية"، ومن أبرز تلك الجماعات الحزب "الديمقراطي الكردستاني الإيراني" (حدكا)، وحزب "كوملة" الكردي اليساري المعارض لطهران، وحزب "الحياة الحرة" (بيجاك)، إضافة إلى منظمة "خبات" القومية الكردية.
وحاليا تشهد المناطق والبلدات الحدودية العراقية مع إيران ضمن إقليم كردستان (شمالاً)، هدوءاً واسعاً على صعيد العمليات العسكرية الإيرانية التي بلغت ذروتها خلال شهري أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني الماضيين، عبر سلسلة هجمات صاروخية ومدفعية وبطائرات مسيّرة مفخخة استهدفت مقرات ومناطق وجود الأحزاب والجماعات الكردية الإيرانية المعارضة لطهران، والتي تتخذ من الأراضي العراقية الحدودية مقرّات لها، وعلى أثر تفاهمات غير معلنة مع إيران أوقفت هجماتها ضمن شروط معينة.