59 عاماً على ولادة "الجمهورية"... مكاسب الثورة اليمنية مهددة بالاجتثاث

26 سبتمبر 2021
شهدت مدينة مأرب حفل إيقاد شعلة ثورة 26 سبتمبر (Getty)
+ الخط -

يحتفل اليمنيون، اليوم الأحد، بالذكرى الـ59 لثورة سبتمبر ضد الحكم الإمامي، في ظل ظروف بالغة التعقيد، حيث يواصل الحوثيون ابتلاع المدن اليمنية شرقي وجنوبي البلاد، فيما يُنذر الانهيار الاقتصادي وعجز الحكومة المعترف بها دولياً عن معالجة الإخفاقات وإدارة المعركة السياسية والعسكرية والاقتصادية، بموجة غليان شعبي.

وقامت ثورة 26 سبتمبر/أيلول عام 1962 ضد المملكة المتوكلية التي كان يتزعمها الإمام يحيى حميد الدين، بمشاركة ضباط أحرار، وتتهم الحكومة الشرعية، جماعة الحوثيين التي تنتمي إلى نفس المذهب الزيدي، بالسعي لاجتثاث المكاسب التي تحققت بولادة النظام الجمهوري، وإعادة إحياء النظام الملكي عبر مسميات مختلفة منذ الانقلاب على الدولة قبل 7 سنوات.

وللعام الثاني على التوالي، لا تزال جماعة الحوثي تواصل اجتياح مسقط رأس الثائر والزعيم القبلي، علي بن ناصر القردعي، في قبيلة مراد جنوبي مأرب، والذي يبرز كقائد ثوري ملهم لأبناء مديريات حريب والعبدية والجوبة في مواصلة ذات النهج الثوري الذي دشنه منتصف فبراير/شباط 1948 بعملية اغتيال الإمام أحمد يحيى حميد الدين، في كمين مسلح جنوبي صنعاء.

وعلى الرغم من الظروف الصعبة المحيطة بالمناسبة، إلا أن عددا من المدن اليمنية الخاضعة للحكومة الشرعية احتفت بالمناسبة كتقليد سنوي تضاعف الاهتمام به منذ الانقلاب الحوثي، الذي يُتهم بالانقلاب على أهداف ثورة سبتمبر، من خلال السعي لتكريس الاستبداد وادعاء الحق الإلهي في الحكم.

وشهدت مدينة تعز، صباح اليوم الأحد، كرنفالاً جماهيرياً وشبابياً في شارع جمال عبدالناصر، غداة مظاهرة احتفالية تضمنت إيقاد الشعلة وإطلاق الألعاب النارية في ذات المدينة.

وقال الناشط السياسي، مراد السامعي لـ"العربي الجديد"، إن تعز تقفز على أوجاعها ودائماً تكون في صدارة مدن الزخم الثوري ومواجهة جماعة الحوثي التي تحاول الانتقاص من ثورة 26 سبتمبر ومحاولة تسويق ذكرى الانقلاب كثورة بديلة.

 وشهدت مدينة مأرب، التي تخوض معركة مفصلية ضد الحوثيين، مساء السبت، حفل إيقاد شعلة ثورة سبتمبر بحضور قيادات عسكرية ومدنية، وهو ما أزعج السلطات الحوثية التي قالت إن أي شعلة يتم إشعالها في غير العاصمة صنعاء هي "غير جمهورية وتمرد وتمزيق للوطن الواحد وسيتم إخمادها"، وفقاً لتهديد أطلقه وزير التعليم العالي في حكومة الجماعة والمنحدر من ذات المحافظة، حسين حازب.

وتشعر الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا بالمخاطر التي تحيط بالنظام الجمهوري في ظل التمدد الحوثي شرقاً وجنوباً، ومساء السبت، وصف الرئيس عبدربه منصور هادي، جماعة الحوثيين بـ"فلول الإمامة الجدد".

تقارير عربية
التحديثات الحية

وقال هادي، في كلمة وجهها لليمنيين، إن الكثيرين من أبناء الشعب لم يكونوا يدركون معنى وحقيقة ثورة 26 سبتمبر "قبل عودة فلول الإمامة الجدد ودعاة العصبوية والطائفية والسلالية الذين تسللوا خلسة إلى تاريخ وحاضر الشعب اليمني بعد طول تربص، وتمكنوا من إسقاط عاصمة البلاد واجتياح مدنها بمثل هذا الشهر من عام 2014"، في إشارة إلى جماعة الحوثيين المدعومة من إيران.

وشن هادي هجوماً لاذعاً على جماعة الحوثيين، حيث وصفها بـ"السلالة الحاقدة التي تريد فرض نفسها بالسلاح بدلاً عن الحرية والديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة، وتسعى لتمجيد عرق على حساب شعب كامل".

وتحاول الحكومة الشرعية وقياداتها، استغلال ذكرى قيام النظام الجمهوري، لاعادة تحفيز اليمنيين على ضرورة الدفاع عن مكاسبها من الحوثيين، وإعادة رص الصفوف في سبيل معركة اليمن وجمهوريتها، وخصوصا بعد التصنيفات بأن المعركة الحالية التي تدور منذ 7 سنوات هي بين الجمهوريين والملكيين كما كان حاصلا قبل 59 عاما.

وعلى الرغم من المظاهر الاحتفالية التي انحصرت بمحافظتي مأرب وتعز الخاضعتين للحكومة، إلا أن رئيس مجلس الشورى، أحمد عبيد بن دغر، أقر بأن الاحتفال بالذكرى الـ59 لثورة سبتمبر "ينقصه الكثير من بريقه الثوري"، وقال إن  "صورة الواقع مؤلمة في ظل تقدم العدو"، في إشارة للمكاسب التي تحققها جماعة الحوثيين على تخوم مدينة مأرب.

في المقابل، وعلى الرغم من النفي الرسمي لمحاولات إعادة إحياء النظام الملكي، إلا أن جماعة الحوثيين تحاول بشكل صريح طمس الثورة اليمنية، وذلك من خلال مساعيها لتخليد ذكرى اجتياح صنعاء 21 سبتمبر 2014 كـ"ثورة" َضرار للثورة الأم المتمثلة بـ 26 سبتمبر.

وحشد الحوثيون، اليومين الماضيين أنصارهم للاحتفال بذكرى اجتياح صنعاء في كافة المدن الخاضعة لنفوذ الجماعة، فيما غابت أي مظاهر احتفالية بذكرى ثورة 26 سبتمبر، عدا فعالية يتيمة رمزية لايقاد شعلة الثورة في ميدان التحرير بصنعاء.

وخلافاً للتجاهل المتعمد في الاحتفاء بها، سخر القيادي الحوثي ورئيس ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى، مهدي المشاط، مساء أمس السبت، من ذكرى الثورة اليمنية، وقال إن ما سماه النظام البائد (نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح)، أحال مثل هذه الذكرى إلى "مناسبات موسمية للتضليل وحفلات الشتائم وتصدير الضجيج الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، والعكوف فقط على تضخيم الذات الفارغة، وكأنه قد خرق الأرض أو بلغ الجبال طولى"، وفقا لكلمة بثتها وسائل إعلام حوثية. 

نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين غيرالمعترف بها، حسين العزي، حاول من جانبه الطعن بثورة 26 سبتمبر، عندما وصفها بأنها "انقلاب من داخل القصر"، زاعما أن ما قامت به جماعته في 21 سبتمبر 2014 عند اجتياح صنعاء هو الثورة الحقيقية.

وفي تغريدة على تويتر قارن فيها بين الحدثين، قال المسؤول الحوثي: "كلاهما يومان مشهودان في التاريخ وهما يلتقيان ويتمايزان فكلاهما سبقته إرهاصات ومبررات فرضت التغيير كحاجة يمنية ملحة، أما من حيث الفروق فأهمها أن 26 جاء من داخل النظام الملكي على يد ضباط القصر مستعينا بأبطال بلاد مصر، بينما جاء 21 من أوساط الشعب مستعينا فقط بأبطال بلادنا وقبائلها الشامخة". 

المساهمون