26 سبتمبر 2020
+ الخط -

يحتفل اليمنيون، اليوم السبت، بالذكرى الـ58 لثورة 26 سبتمبر ضد الحكم الإمامي. لكن النظام الجمهوري الذي وُلد في عام 1962، لا يزال محفوفاً بالمخاطر، في ظل سيطرة جماعة الحوثيين (أنصار الله) على العاصمة صنعاء، وعودة ملامح حقبة النظام البائد التي أفرزها الانقلاب الحوثي منذ 6 سنوات.
وينظر الشارع اليمني، وخصوصاً الجناح الموالي للحكومة الشرعية ومؤسسات الدولة، إلى جماعة الحوثيين بأنها امتداد للحكم الإمامي الذي ثار عليه الشعب قبل 58 عاماً، لكن الجماعة المدعومة من إيران تنفي رسمياً سعيها إلى هدم النظام الجمهوري، رغم توجهها الصريح لتخليد ذكرى اجتياح صنعاء في 21 سبتمبر/ أيول 2014 كـ"ثورة" على حساب الثورة الأم المتمثلة بـ26 سبتمبر.
وقامت ثورة سبتمبر، التي تصنف كـ"أم الثورات" اليمنية شمالاً وجنوباً، ضد المملكة المتوكلية التي كان يتزعمها الإمام يحيى حميد الدين، وتقول الحكومة المعترف بها دولياً إن جماعة الحوثيين امتداد لتلك الأسرة الزيدية، كذلك تتهمهم بهدم النظام السياسي الذي كان أبرز ثمار الثورة.
وعلى الرغم من أجواء الحرب وحالة الإحباط المخيمة على الشارع اليمني جراء تفاقم الأزمة الاقتصادية وانسداد آفاق السلام، إلا أن مساوئ الانقلاب الحوثي جعلت غالبية اليمنيين يتمسكون بشكل أكبر بثورة 26 سبتمبر.
وشهدت مدن تعز ومأرب احتفالات شعبية مساء أمس الجمعة وصباح اليوم السبت، فيما كسا العلم الوطني صور بروفايلات روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، ورفرفت الأعلام فوق المقارّ الحكومية والمستودعات التجارية.

وحلّت الذكرى الـ58 لثورة سبتمبر، في وقت تغلغل فيه الحوثيون بقوة في غالبية المحافظات الشمالية التي كانت مقرّ نظام أول نظام جمهوري، بإعلان الجمهورية العربية اليمنية، التي حملت الاسم ذاته حتى توحدها مع اليمن الجنوبي، ليصبح اسمها الجمهورية اليمنية فقط.
وأعرب ناشطون يمنيون عن مدى حسرتهم، من تزامن ذكرى الثورة مع الاجتياح الحوثي لمسقط رأس الثائر والزعيم القبلي، علي بن ناصر القردعي، في قبيلة مراد جنوب مأرب، الذي كان من أوائل قادة ثورة سبتمبر، بعد نجاحه، منتصف فبراير/ شباط 1948، في اغتيال الإمام أحمد يحيى حميد الدين، في كمين مسلح جنوبي صنعاء.

وقال الناشط السياسي اليمني، مراد الوهباني، لـ"العربي الجديد": "ثورة سبتمبر تتبخر من بين أيدينا، كنا نمنّي أنفسنا بتحرير صنعاء وإسقاط الانقلاب، واليوم مسقط رأس الثائر القردعي تحت رحمة المليشيا، حتى إن الثمار الرئيسية التي حققتها الثورة قد أعادها الحوثي من جديد، وهي الفقر والجهل والمرض".

تقارير عربية
التحديثات الحية

وفي كلمته لليمنيين بذكرى الثورة، تطرق الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، إلى تلك المخاطر المحدقة بالنظام الجمهوري جراء ابتلاع جماعة الحوثيين للدولة، وذكر أن "ما شهدته وتشهده اليمن منذ سنوات، في ظل الحكم السلالي المتعصب جراء الانقلاب على الدولة وقيمها ومبادئها يجعل الجيل الجديد يتعرف إلى شكل الماضي الذي دفنته الثورة وعاد اليوم ليتعرف الجيل إلى بعض جوانبه المظلمة".
واتهم هادي جماعة الحوثيين بإعادة العصر الذي ثار عليه الشعب من جديد، ووصفها بـ"فلول الإمامة" التي "تسللت إلى حاضر اليمن وجلبت معها ثقافة النهب والفيد واستحلال أموال الناس والأموال العامة وتكريس التمزيق الاجتماعي على أسس سُلالية وتعطيل مؤسسات الدولة واستهداف التعليم وبثّ الخرافة والطائفية ومعاداة كل قيم ودعوات إحياء الهوية الوطنية اليمنية".
ولفت هادي إلى أن "ما يعيشه الشعب اليمني تحت سطوة المليشيا، ليس إلا القدر الذي استطاعت هذه العصابات أن تنجزه بعد عودتها، وهو قليل من كثير من القبح والظلمات"، في إشارة إلى أن السنوات القادمة قد تكون أشد قتامة على النظام الجمهوري.
وفي المقابل، احتفى الحوثيون رمزياً بثورة 26 سبتمبر، وحاولوا تبرئة أنفسهم من كل الطعنات التي وُجهت إليها، حيث زعم رئيس ما يُسمى "المجلس السياسي الأعلى"، مهدي المشاط، في كلمة مماثلة لليمنيين، أن هذه الثورة "تعرضت لاختراقات ومؤامرات مبكرة عصفت مع الأسف الشديد بكل ما ارتبط بها من آمال وتطلعات".

وذكر القيادي الحوثي أن "58 عاماً من عمر الثورة، كانت كفيلة بأن تضع اليمن في مصافّ الدول الغنية والقوية والمتقدمة لو أنه وجد من يصون هذه الثورة، ويعمل من أجل أهدافها ووفق مبادئها بصدق وإخلاص، وليس العمل وفق ذواتهم، وحول أسرهم، وغرقوا في الفساد حتى آذانهم"، في إشارة إلى الأنظمة السياسية والحكومات المتعاقبة منذ عام 1962 وحتى اجتياحهم صنعاء أواخر 2014، حيث يزعمون أنهم قد أعادوا الاعتبار لثورة سبتمبر.
ورغم الاحتفاء الحوثي الرمزي بالثورة، إلا أن الحكومة الشرعية اتهمت الجماعة بإطلاق صاروخ باليستي على موقع حفل إيقاد شعلة الثورة في مأرب، وذكرت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، أن ذلك الاستهداف يؤكد "الحقد الحوثي الدفين على الثورة والجمهورية"، وفقاً لتدوينة نشرها على "تويتر".

المساهمون