44 عاماً على مجزرة سجن تدمر.. فصل حالك في تاريخ سورية

29 يونيو 2024
صورة مأخوذة لحافظ الأسد وشقيقه رفعت، 1 يناير 1986 (فرانس برس)
+ الخط -

في مثل هذا اليوم قبل 44 عاماً، شهد سجن تدمر الذي يبعد عن العاصمة السورية دمشق نحو 200 كيلو متر مجزرة راح ضحيتها المئات من السجناء انتقاماً من جماعة "الإخوان المسلمين"، لتكون بذلك واحدة من الفصول الحالكة في تاريخ سورية الحديث تحت حكم حافظ الأسد، والد رئيس النظام الحالي بشار الأسد. ونفذت المجزرة في 27 يونيو/حزيران 1980 "سرايا الدفاع"، التي كان يقودها رفعت الأسد.

وبدأت فصول مجزرة سجن تدمر قبل يوم واحد عقب محاولة اغتيال فاشلة لحافظ الأسد خلال وداعه الرئيس النيجيري حسين كونتشي على باب قصر الضيافة في حي أبو رمانة بدمشق. حاول حينها أحد الحراس الشخصيين لحافظ الأسد اغتياله، لكنه نجا من المحاولة بإصابات طفيفة. استغل النظام محاولة الاغتيال حينها لاستهداف جماعة الإخوان المسلمين بعدما اتهمها بأنها المسؤولة عنها، وكان معظم أفرادها في سورية معتقلين داخل سجن تدمر.

وأكدت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير سابق لها أن قوات النظام دخلت مهاجع السجناء في السجن سيئ السمعة وأطلقت النار عشوائيًا لتقتل أكثر من ألف سجين. أمر رفعت الأسد صهره الرائد معين ناصيف باقتحام السجن وقتل المعتقلين، حيث شارك في عملية الإعدام الجماعي أكثر من 100 عنصر بمختلف الرتب، نُقلوا من دمشق إلى مطار تدمر العسكري بواسطة 12 مروحية. وبعد المجزرة، نُقلت جثث القتلى بالشاحنات ودُفنت في مقابر جماعية إلى الشرق من مدينة تدمر في ريف حمص الشرقي. وكان جل المعتقلين في السجن قبل ارتكاب المجزرة في عداد المفقودين.

أوضح محمد المحمد، المتحدر من ريف حمص الشمالي، لـ"العربي الجديد"، أن والده اعتُقل قبل مجزرة تدمر، بينما اعتُقل جدّه بعد فترة من وقوع المجزرة في سجن تدمر. أوضح أن جده، الذي أُفرج عنه بعد اعتقال، عانى داخل السجن من إصابات جسيمة عُولج منها سنوات. وقال المحمد إنه لم يفلح في الحصول على أي معلومة عن والده الذي كان معتقلاً في السجن، مشيرًا إلى أنه في عداد المفقودين.

من جهته، قال مدير "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" فضل عبد الغني في حديث لـ"العربي الجديد": "بالنسبة لسجن تدمر، التركيز ينصب على رفعت الأسد في المجزرة، لكن المجرم الأساسي هو حافظ الأسد وليس شقيقه". وكشف أن "مجزرة سجن تدمر ليس لها توثيق دقيق مثل مجزرة حماة عام 1982"، مضيفاً أنه "لم يصدر أي تقرير عن المجزرة، أصدرنا تقريراً عام 2018، حيث حاولنا في البداية إصدار تقرير ولم نستطع حتى عام 2018".

وتابع عبد الغني: "لا يوجد تقرير حقوقي أممي واحد بخصوص مجزرة سجن تدمر. حالياً، بدأنا العمل على الموضوع لعمل تقرير مشابه لمجزرة حماة عام 1982. الأمم المتحدة لم تصدر تقريراً ولا المنظمات الدولية. نحن نتواصل مع ناجين، وهناك ناجون أبدوا الاستعداد للتعاون. سنجمع أكبر عدد ممكن من الشهادات لإصدار تقرير عن المجزرة، كون المنظمات الوطنية إن لم تصدر تقارير عن هذه المجزرة لا تأخذ صدى".

سيرة سياسية
التحديثات الحية

وأكد عبد الغني على أن التقرير الحقوقي ليس فقط تغطية إعلامية عن المجزرة، وقال: "سنركز فيه على المتورطين في المجزرة ونحاول جمع أسماء الضحايا. سيكون تقريراً موسعاً نأمل أن يضاف إلى سلسلة طويلة من جرائم النظام السوري لبناء نوع من المحاسبة، إن لم تكن دولية فمحلية لاحقاً ضمن مسار عدالة انتقالية ومحاكم محلية، والأهم تعويض معنوي لذوي الضحايا". وختم بالقول: "على أقل تقدير، إصدار تقرير يحكي معاناتهم ويفضح المجرمين كي لا يكونوا ضمن المجتمع بشكل طبيعي".

وافتُتح سجن تدمر، القريب من مدينة تدمر في الريف الشرقي لمحافظة حمص، عام 1966، وكان مخصصًا للعسكريين، وتشرف عليه الشرطة العسكرية. لكنه تحول إلى سجن يُزج فيه معارضو النظام من كافة التيارات السياسية التي ناهضت حكم حافظ الأسد.

المساهمون