4 قتلى في حريق سجن "إيفين" في طهران وروايات متضاربة حول الأسباب

16 أكتوبر 2022
يُعدّ حادث سجن "إيفين" الثاني من نوعه خلال الفترة الأخيرة (رويترز)
+ الخط -
أفاد المركز الإعلامي للسلطة القضائية بأن أربعة سجناء توفوا "بسبب استنشاق الدخان" في الحريق الذي نشب ليلة أمس في سجن "إيفين" في العاصمة الإيرانية طهران، إلى جانب إصابة 61 شخصاً، بينهم أربع حالات حرجة، فيما أعلنت السلطات الإيرانية إخماد الحريق وإعادة الهدوء إلى السجن.

وقال المركز إن "عدداً من السجناء المجرمين الخطيرين أرادوا الهرب من السجن، لكنهم أخفقوا بسبب التدابير الأمنية المتخذة"، مضيفاً أن السلطات أعلمت أسر السجناء المتوفين بوفاتهم، وستنشر أسماءهم لاحقاً.

وكانت وكالة "إرنا" الرسمية قد تحدثت الليلة الماضية عن 8 مصابين. وراجت أنباء غير رسمية عن أن عدداً من معتقلي الاحتجاجات نُقلوا خلال الأيام الماضية إلى القسمين السابع والثامن من السجن، فيما أعلنت السلطات ووكالات أنباء رسمية أن القسمين هما للسجناء "الماليين" و"السرقة".

وخلال الساعات الماضية، خرجت روايات متضاربة بشأن ملابسات الحادث. فبعد الرواية الرسمية عن أن الحريق كان في ورشة خياطة نتيجة مواجهات بين السجناء المحكومين على ذمة قضايا مالية والسرقة، أو من وصفتهم وكالة "تسنيم" بـ"الزعران"، ذكرت وكالة "فارس" الإيرانية المحافظة، الأحد، أن هذه المواجهات "كانت مدبرة سلفاً"، وأنها كانت "مصطنعة".

وعن تفاصيل الحادث، قالت "فارس" إنه "في تمام الساعة 21:10 وقع اشتباك مصطنع بين عدد من السجناء المحكومين على ذمة قضايا مالية في القسم السابع مع السجناء المحكومين على ذمة السرقة في القسم الثامن"، مشيرة إلى أن البعض "استغل الفرصة لإضرام النار في مخزن ملابس وورشة عمل إبداعية (خياطة)، ما أدى إلى اندلاع حريق واسع طاول القسم الثامن، وسرعان ما توجه رجال إطفاء الحريق إلى إيفين لإخماده".

وأضافت الوكالة أن "ثمة مؤشرات تظهر أن الحادث كان مخططاً له مسبقاً، لأن عدداً من السجناء كانوا مزودين بالسلاح الأبيض لمهاجمة قوات أمن السجن"، لكنها قالت إنهم "أخفقوا في ذلك"، عازية أصوات الانفجارات من داخل سجن "إيفين" إلى هروب عدد من السجناء إلى حقل ألغام في الضلع الشمالي للسجن باتجاه الجبل.

ونفى "مصدر مطلع" في مصلحة السجون الإيرانية، في حديثه مع "شبكة الشرق"، صحة رواية "فارس" عن انفجار ألغام بعد مرور سجناء عليها، قائلاً: "خلال أحداث الليلة الماضية، لم يدخل أي سجين حقل الألغام، والأنباء عن مشي سجناء على الألغام كاذبة". وأضاف أن "الحادث وقع في قسم السارقين، لا قسم السجناء الأمنيين"، في إشارة إلى السجناء السياسيين.

ونقل موقع "اعتماد أونلاين" الإصلاحي الإيراني عن "مصدر مطلع" قوله إنه "حدث إطلاق نار خلال السيطرة على التمرد" في سجن "إيفين"، مشيراً إلى نقل عدد من سجناء قسمي 7 و8 إلى سجن آخر صباح اليوم الأحد.

وأضاف الموقع أن أحد السجناء أبلغ أسرته في اتصال هاتفي أنه "في البداية قيل إن عدداً من السجناء قد هربوا، لكن اتضح لنا لاحقاً أن سبب انفجار اللغم كان اتساع نطاق الحريق، وحرارته أدت إلى انفجار ألغام".

وتضاربت الروايات بشأن طبيعة السجناء الموجودين في "إيفين"، واقتصارهم فيه على الأمنيين والسياسيين والفساد المالي، لكن المركز الإعلامي للسلطة القضائية الإيرانية نفى، في تقريره، ذلك بالقول إن السجناء الأربعة المتوفين هم من السجناء "المحكومين على ذمة السرقة وكانوا يقضون فترة المحكومية". 

وفيما انتشرت مقاطع مصورة وأنباء، الليلة الماضية، عن توجه مواطنين وأهالي السجناء إلى السجن وتجمّعهم أمامه، قالت وكالة "فارس" إن ذلك حصل بعد "دعوات على وسائل إعلام معادية"، مشيرة إلى أن "أكثر من 100 شخص من أسر السجناء تجمعوا" أمام السجن.

BREAKING: Evin Prison, the infamous fortress where Tehran’s political prisoners are warehoused, is on fire today, October 15, with reports of gunfire from the facility pic.twitter.com/Gt6PJru2C4

— Borzou Daragahi 🖊🗒 (@borzou) October 15, 2022

ويُعدّ حادث سجن "إيفين" الثاني من نوعه خلال الفترة الأخيرة تزامناً مع الاحتجاجات الجارية، إذ وقعت في التاسع من الشهر الجاري أيضاً مواجهات في سجن "لاكان" في مدينة رشت شمالي إيران، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من السجناء، وحينها نقلت وكالة "مهر" الإيرانية عن المدعي العام بمدينة رشت، فلاح ميري، قوله إن عدداً من مصابي الاشتباكات "قد توفوا بسبب منع السجناء من تقديم الخدمات الطبية للمصابين"، من دون تحديد العدد.

وتضاربت الروايات بشأن ما حصل في هذا السجن، بين رواية السلطات المحلية في محافظة جيلان عن وقوع مواجهات بين السجناء المحكومين بالإعدام بسبب القتل المتعمد في القسم 8 بالسجن، ورواية أخرى متداولة على شبكات التواصل ووسائل إعلام معارضة في الخارج، تتحدث عن "تمرّد" في السجن.

باريس تطالب طهران بضمان سلامة المعتقلين الفرنسيين في السجن

إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية الأحد أن باريس تتابع "بأكبر قدر من الاهتمام" مصير الفرنسيين "المعتقلين قسراً" في سجن "إيفين" في طهران.

ويضم السجن سجناء أجانب بينهم الأكاديمية الفرنسية الإيرانية فاريبا عادلخاه. وقالت الخارجية في بيان نقلته "فرانس برس": "تابعت فرنسا ولا تزال تتابع الوضع بأكبر قدر من الاهتمام، بالتنسيق مع عائلات معتقلينا"، و"تذكر السلطات الإيرانية مرة أخرى بأنها مسؤولة عن سلامة وصحة مواطنينا المحتجزين في إيران".

وأضافت أن باريس "تكرر مطالبتها بالإفراج الفوري عن رعاياها"، و"تذكر إيران بمسؤولياتها تجاه جميع سجناء إيفين، بمن فيهم المحتجزون لأسباب سياسية".

وأعلنت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا عبر إذاعة "فرانس إنتر" العامة، الثلاثاء، أن خمسة فرنسيين بالمجموع محتجزون حاليا في إيران، بعدما كانت باريس أكدت رسمياً أن عددهم أربعة.

والسجناء الفرنسيون هم الباحثة الفرنسية الإيرانية فاريبا عادلخاه التي اعتُقلت في يونيو/ حزيران 2019 ثم حُكم عليها بالسجن خمس سنوات بتهمة تقويض الأمن القومي، وبنجامين بريير الذي اعتُقل في مايو/ أيار 2020 وحكم عليه بالسجن ثماني سنوات وثمانية أشهر بتهمة التجسس، إضافة إلى النقابيين سيسيل كوهلر وجاك باريس اللذين اعتقلا في مايو/ أيار الماضي.

وقالت الوزارة إن المعتقل الأخير هو "فرنسي كان يمر" في طهران واعتقل مؤخرا.